الرأي

الرفيق للفريق

ياسر عمر سندي
في علم النفس وتحديدا المتخصص في السلوك التنظيمي؛ هنالك قاعدة رئيسة لقياس الولاء والانتماء الوظيفي لفهم المؤشرات النفسية والمعنوية العامة لأعضاء المنشأة في جميع المستويات الإدارية، مفادها: ضرورة فهم الانعكاسات واستيعاب التصرفات الفردية والجمعية من أقوال وأفعال وتعبيرات ومشاعر الموظف تجاه وظيفته والموظفين نحو منظمتهم والعلاقة القائمة بين الموظفين مع مديريهم وكذلك تعاملات الأفراد مع بعضهم البعض؛ ومدى تقديرهم للكيان الذي يعملون تحت مظلته وضمن حدوده وخلال أنظمته.

ولتفعيل هذه القاعدة بالشكل المطلوب من المهم أن نبحث عن الشخصية التي اكتسبت الوعي التنظيمي والإدراك المؤسسي وفهمت ثقافة «رفيق الفريق» ولا يمكن أن يحدث هذا الأثر الإيجابي وتتعزز هذه الحالة الثقافية إلا من إنسان يتشارك مع فريقه في الميدان ويستشعر المعنى الحقيقي لعبارة فريق العمل.

هذا الرفيق الذي أتحدث عنه يحتاجه الفريق كثيرا للنهوض بالعمل الإداري حضوريا وافتراضيا؛ رسميا داخل أسوار منظمات الأعمال وخارجها بأسلوب يخلو من الأنظمة والقوانين والتشريعات الملزمة.

في الأدبيات الإدارية الحديثة وفلسفة السلوك التنظيمي تحول مسمى الأفراد والعمال والموظفين إلى مصطلح رأس المال البشري بسبب الوصول إلى قناعة بأنهم أهم عنصر في العملية التنظيمية في جميع المستويات الإداريةP لأنهم يمتلكون المعرفة بالخبرات والمهارات والإبداعات؛ والتي لن يتم طرحها وتدويرها بين الفريق إلا إذا وجدت بيئة حاضنة تسهل التقارب الأخوي بين المجموعة لتعمل بتناغم وانسجام.

العمل التنظيمي يضم مختلف الشخصيات من الموظفين الذين لديهم تنوع في الاستعدادات والتخصصات والهموم والمصالح المتفاوتة.

كيف تتم صناعة رفيق الفريق وتشكيل فريق الرفيق؟

في واقع مجال الأعمال هنالك عدة سمات للشخصيات الإدارية مثل الصلب الذي لا يتقبل النقاش؛ والنرجسي الذي لا يريهم إلا ما يرى؛ والمتساهل الذي يترك الحبل على الغارب؛ والانفعالي الذي يثور على أتفه الأسباب؛ والمتكبر الذي يقلل من شأن الغير ويعلي من شأنه؛ والحازم الذي يمتلك الكاريزما التأثيرية مع القدرة على أخذ القرار؛ بالطبع أفضلهم من يمتلك ذلك التأثير على الغير؛ وللعلم فإن الكاريزما أو ما يسمى بقوة الشخصية الأخاذة يمكن أن يكتسبها الإنسان ويتعلمها خصوصا في مجال العمل الإداري.

الجواب: يحق لنا اقتباس السلوكيات القيادية من قدوتنا؛ عليه الصلاة والسلام حيث قال: «مَا كَانَ الرِّفْقُ في شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ وَلَا عُزِلَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».

الرفق هو قمة التعاطف بفهم الطرف الآخر من حيث احتياجاته ورغباته قبل أن يصرح بها ويأتي أيضا معنى الرفيق بأنه صاحب الشخصية الملازمة والقريبة من الروح والجسد في التعامل بالأقوال والأفعال وكذلك التعابير الصامتة بالتصريح المباشر مرة وبالتعريض العام مرة؛ قاتل عليه الصلاة والسلام معهم وناصرهم في السراء والضراء أكل معهم وشرب. حزن معهم وفرح بكى بينهم وضحك، استمع إليهم وأسمعهم فوضهم في مواقف وتأمر عليهم.

جسّد عليه الصلاة والسلام من خلال شخصيته دور الرفيق الملاصق لأصحابه والمستشار المؤتمن لأتباعه بتأثيره الطاغي في سلوكه حتى شكل فريقا من عظماء الصحابة وكبار الخلفاء الراشدين الذين قادوا الدولة الإسلامية من بعده فكان نِعْم الرفيق لخير فريق.

@Yos123Omar