الرأي

سر الرقصة الأولى

عبدالله الجنيد
نادرا ما نرحل بعيدا وجميلا عن هموم أيامنا التي يملؤها التوجس والقلق إلى زاوية نقاء بصحبة رفيقة العمر أو أصدقاء ممن تصالحوا مع تفاصيل الحياة في دردشة حول شجن أو أغنية. إلا أن أعظم هؤلاء البشر هو من تجاسر منهم على الألم ليعيش تفاصيل الدنيا الصغيرة الجميلة مثل قهوة الصباح. اليوم كنت على موعد مع امرأتين، الأولى أيقظتني على أشهى فنجان قهوة، أما الثانية فكانت أحداث رواية محكية بألوان مائية وحقول ملؤها حيوانات ظريفة وفراشات. امرأتان للكتاب في وجدان كلتيهما روضة واستراحة، تتقد عيناهما في الترحال بين فصول الرواية أو أبيات قصيدة. وللأرض ارتباط خاص يتجاوز الأخضر، تستقبلان اليوم بابتسامة حتى وإن تطلب ذلك ترحيل الألم. الأولى، أنا أدرك الدنيا من خلال عينيها رغم ما عايشت من كثير ألم وقليل حلم. ضحكاتها تمتزج ببعض غضبها وقلقها، إلا أنها تغافل التعب وغباء البشر فتهرب في نزهة تسميها خلوة مع أغنية. أما في حالات الشقاوة اللذيذة حين تغافلنا، فإننا والخوف نبحر لضفاف بالألوان المائية التي ترسمها الأخرى. أقسى صور قسوة التاريخ تتجلى في خوف المرأة على من تحب من الفقد في حالتي الحرب والمرض، لذلك لو أجري اليوم مسح لعموم دولنا، لوجدنا أن سبب ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان بين نسائنا هو نتيجة قهر الزمن وجشع الرجال. ومن أقسى صور الجور أن يذكرنا الرجال بما جاء في الحديث «إن الجنة تحت أقدام الأمهات» وهم من يمتهنونهن إنسانيا ويجلدونهن بدنيا. هي ليست حالة التباس بقدر ما هي حالة اختباص. فالإنسان أثبت بلوغه مرحلة من العدوانية تجاوزت الشبع من كل الملذات، فاستباح التوحش في الدفاع عن حقه في التسلط بكل الأشكال اللاإنسانية. تلك الحالة تتجلى في مجتمعاتنا التي يتصدرها شيوخ الطوائف، فهي اليوم صناعة لا تحتاج لرأسمال، لذلك يمتهنها الفاشلون تحت مسمى شيخ، وكلهم همه الأول التشنيع بالمرأة. كم هو جميل أن يعيش رجل كل النساء في امرأة واحدة تشكلت من ماء ونار، وأخرى تتجاوز الرواية من خلال فيلم عن الكاتبة الإنجليزية مس بوتر.. تحية من القلب لشريكتي، وصديق مشوار الحياة. aljunaid.a@makkahnp.com