الرأي

الدهشة.. على خطى أم خماس

غالية خياط
كل منا تصيبه حالة من الدهشة والروعة حينما يلاقي شيئا ممن كان يصبو إليه. فكيف نتعامل مع تلك الحالة الشعورية التي تسكننا حتى وإن غفونا وغرقنا في أحلامنا؟ في العلاقات، أو الشراء، أو متابعة المشاهير.

قالوا قديما « ليس كل ما يلمع ذهبا»

في العلاقات: نجد أن المثاليات تظهر في البدايات والأحلام الوردية المسكوبة على الخيال، فبعض العواطف الأولية خادعة جدا.

في كل حالات الانكسار بعد مرحلة الدهشة، تظهر الصورة الأصلية بعد وقت من الزمن، حيث تستقر الأحلام بل ترحل والواقع أشد فتكا إذا استسلم المرء للخيال.

فالتعامل مع «مرحلة الدهشة» يكون بالصبر ثم اتخاذ القرار إما الإقدام وإما الفرار.

في حالة البيع: يعتمد المسوقون على عامل مهم؛ وهو جعل العميل يتخذ القرار حالا بمقولة: اشترِ الآن بهذا السعر وإذا رجعت للمعرض غدا سوف نبيعك بالسعر الأصلي. أي يقوم بالسيطرة النفسية للمشتري ووضعه في حيرة الخيارات الضيقة، لابد من حزم الأمر وكسب العرض الحالي.

وغالبا ما تكون «المكاسرة» Bargaining المساومة، بطريقة شخصية أم خماس التي جعلت البائع ينزل معها من سعر أربعين درهما إلى بدون مقابل بعد مرور ساعة كاملة من المكاسرة. وهو مشهد ساخر على تعامل النساء في الأسواق الشعبية التي تجعل البائع يريد أن يتخلص من المشترية «الجلدة» أو الحريصة على الحصول على أرخص العروض الترويجية.

والحقيقة إذا تردد المشتري ورحل هذا يعني أنه لن يشتري إلا بعدما يقارن ويحلل المنتج وغالبا يزهد في الشراء.

في وسائل التواصل الحديثة Social media: يعمد المسوقون في وسائل التواصل بطريقة الخدعة وهي إدهاش المتابع بأسلوب حياة عصري بعيدا عن الواقع، كالحب القوي الذي يعتمد على المبالغة في الإسراف والسفر والبذخ والهدايا السخية للمتابعين، والحقيقة عكس ذلك. بل الأمر يتعدى إلى جذب المتابع بشتى الطرق حتى لو كان الأمر اختلاق قصة حادث عنيف أو تفكك أسري أو أبعد من ذلك.

حينما يستمر المتابع بملاحظة المتناقضات واختلاق الأحداث فيتوقف عن الدهشة ويخسر المسوق مصداقيته بزوال الدهشة.

ونقيس على ذلك في الدراسات العلمية والبحوث التي تتعمد على إدهاش المتلقي صاحب المعرفة السطحية أو البسيطة فيخسر كما خسر كل من الفئات السابقة في الإقناع المقنع بالدهشة فالحقائق ظاهرة لا محالة.

أخيرا: لا تحزم على أمر ما أو تصدق شيئا ما حتى تتريث وترحل الدهشة وتنطفئ أنوار التعجب.

نختم ببيت من الشعر القديم للمتنبي:

إذا رَأيت نُيُوبَ الليِث بارزةً

فلا تظن أن اللّيث يَبتسِمُ

ملاحظة: أم خماس مسلسل كرتوني إمارتي كوميدي.

@ghaliahk