الرأي

مع وقوع تطورات مذهلة ما سر علاقة الذكاء الاصطناعي والإعلام؟

سعد السبيعي
مع حدوث الطفرة والتطورات المذهلة في عالم ملئ بما يعرف بتطبيقات الذكاء الاصطناعي هناك سؤال يطرح نفسه ألا وهو هل هناك علاقة بين هذا المصطلح الشائك ووسائل الإعلام بأشكالها المختلفة، وما هو سر هذه العلاقة؟

بداية ما هو المقصود بمصطلح الذكاء الاصطناعي؟

الذكاء الاصطناعي: هو الأنظمة أو الأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام والتي يمكنها أن تحسّن من نفسها استنادا إلى المعلومات والبيانات التي تجمعها.

حسنا.. ما هي أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة حاليا في مجال الإعلام؟

في الواقع تبرز أهمية الذكاء الاصطناعي في تحرير الصحفيين من بذل الجهود لأداء مهام روتينية رتيبة، وإتاحة المزيد من الوقت أمامهم للعمل على جوانب تتطلب إبداعا بشريا، إليكم أبرز تطبيقاته الحالية في هذا المجال ويحدث ذلك من خلال:

- أتمتة التقارير الإعلامية: مما يساعد على استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة على توسيع التغطيات الإعلامية، وبالتالي يوفّر الوقت والجهد للإعلامي والعاملين في هذا المجال.

- اقتراح وإنشاء القصص: يحدث ذلك على نحو متزايد، من خلال تنسيق الأخبار التي تتلقاها وسائل الإعلام عبر الإنترنت بناءً على السلوك والسمات الشخصية لمصادر المواد الإعلامية، وهنا تختلف عناصر الأخبار التي نراها عما يراها من نعرفهم.

- الكاتب الذكي: يلعب الذكاء الاصطناعي في هذا الشأن دور الكاتب بشكل أوسع، حيث يترافق كل ذلك مع توقعات بأن يتمكّن الذكاء الاصطناعي من كتابة 90% من إجمالي الأخبار بحلول العام 2025.

- السرعة في جمع البيانات: يمتلك الذكاء الاصطناعي قدرة هائلة على التفاعل الفوري مع البيانات وربطها بالخطوط السيمترية للقصة الإخبارية، حيث إن كتابة التقارير الإعلامية كانت تستغرق في كتابتها فترة طويل من الوقت مع بذل كثير من الجهد من قِبل

فريق العمل الإعلامي لصياغتها، في حين أنه من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمكن إعدادها في غضون لحظات معدودة.

- محاربة الأخبار غير الحقيقية: ويستطيع الذكاء الاصطناعي في هذا الصدد توفير أدوات لمساعدة العاملين في مجال الإعلام على تحديد الأخبار الزائفة، ومن هذه البرامج Bot Slayer وهو برنامج مفتوح المصدر ومتاح للجمهور يعمل على مسح وكشف حسابات تويتر الوهمية.

ثم ننتقل إلى سؤال آخر وهو هل سيحل الذكاء الاصطناعي مكان العاملين بالمجال الإعلامي خلال سنوات القليلة القادمة؟!

في واقع الأمر أن هذه المقولة هو حق يراد به باطل بمعنى أن من يروجون لهذه الأقوال يبرهنون عليها ببعض تصرفات وقرارات وسائل الإعلام العالمية ومنها:

- مجموعة Bloomberg تنتج ثلث المحتوى الذي تنشره عبر أنظمة آلية.

- استغنت MSN الخاصة بمايكروسوفت عن جميع صحفييها البشر وأوكلت مهمة صناعة الأخبار للذكاء الاصطناعي وحده.

- بعد 3 سنوات وتحديدا في عام 2025م سيتكفل الذكاء الاصطناعي بكتابة 25% من الأخبار، من أشهر الروبوتات التي تقوم بهذا

العمل حاليا هو روبوت (ميت) الخاص بـTHE Guardian.

لكني أرى أنه مهما تم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي على مستوى العالم فإن العنصر البشري لن ينقرض ولن يختفي في الصياغة الإعلامية وهو ما يعرف بالحس البشري في الصياغة الإعلامية واستخدام الشعور والمشاعر الإنسانية والإبداع في الكتابة الصحفية وغيرها وهذا ما لا يتوفر للتطبيقات مهما وصلت من تقدم في هذا المجال.

فمع تنامي دخول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام والصحافة وغيرها من المجالات الإبداعية، ورغم المزايا العديدة التي يقدمها في هذا المجال، فإنه مازال يواجه العديد من التحديات، منها:

- المحدودية نتيجة قلّة البيانات المتاحة للقصص والأخبار.

- افتقار الذكاء الاصطناعي إلى الإبداع والابتكار والإثارة وصبغة الغموض البشري.

- تحيّز البيانات، أحيانا كثيرة يمكن أن تكون البيانات التي يتم تجميعها متحيزة مما يفقد الإعلام المعتمد على الذكاء الاصطناعي من مصداقيته لدى الجمهور.

في الختام.. في وجهة نظري أن الإنسان مهما بلغت التكنولوجيا من تطور كبير سيبقى هو مصدر الإبداع والابتكار الوحيد في شتى المجالات ومنها الإعلام الذي يحتاج في كثير من محتواه إلى اللمسات الإبداعية والابتكارية والمشاعر الإنسانية، والتي تفتقدها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وأرى أن مثل هذه التطبيقات سيتم استخدامها فقط في العمل الروتيني الاعتيادي للإعلام من أجل أن يتفرّغ الإعلاميون للأنشطة الأكثر إبداعا وابتكارا بإذن الله.

saadelsbeai@