وما قيمة التقدير حين يكون الجسد قد توارى تحت الثرى؟ هذا لسان حال كل مبدع رحل عن دنيانا دون تكريمه، وقد جرت العادة على تكريم النجوم بعد رحيلها من سماء مجالاتها المشعة، والقلة من المحظوظين ممن شهدوا لحظات تكريمهم أحياء خنقتهم العبرة حين وقفوا على المنابر يشكرون من كرمهم والقصص في ذلك لا تعد ولا تحصى.أقول قولي هذا وأنا المحظوظ حين تشرفت قبل عدة أيام بدعوة جمعية الثقافة والفنون بجدة لمناسبة تكريم الفنان والنحات نبيل نجدي والفنانة سلوى حجر، وأثناء استمتاعي بفقرات الحفل اقترب مني الدكتور محمد آل صبيح رئيس الجمعية مشكورا (وبالمناسبة كان لابسا كمامته حتى لا يقفز أحدهم ويقول أين الإجراءات الاحترازية).

ما علينا، همس لي قائلا إنهم في الجمعية مستمرون في تكريم كبار الرموز الفنية المنسية في شتى مجالات الفن، وفي ظني أن تكريمهم واجب على الجمعية حيث إن الكثير من البرامج والجهات الحديثة تفرغت لدعم الشباب والنشء والمواهب الشابة لكنها في خضم كل هذا قد يسقط سهوا تكريمهم لقدامى الفنانين ممن أفنوا حياتهم في مجالهم ولم يلتفت لهم أحد مقدما لهم وسام التكريم لمشوارهم الطويل، لذلك أجد نفسي رافعا قبعتي ومهيبا بصلعتي الموقرة احتراما لما تقوم به الجمعية ورفعها راية تكريم الرموز الفنية المنسية في شتى المجالات. ولعلها فرصة لوزارة الثقافة أن تبدأ فعليا في حصر الفنانين المتميزين الأحياء في شتى مناطق المملكة وتكليف فروع الجمعيات المختلفة للثقافة والفنون لاستنساخ تجربة فرع جدة وتكريم رموزهم الفنية، أرجوكم أكرموهم وهم أحياء فذلك أجدى لهم، أما تكريم الأموات بعد موتهم فلا يكون سوى كالوقوف على أطلال الراحلين بلا ثمن حقيقي في رصيد تقديرهم.

وفي الختام مضطر آسفا أن أعترف بأن قطعة الشوكولاته التي قدمها لي الدكتور محمد آل صبيح في الحفل كانت اختبار أعصاب لي، لكن نجحت في النهاية بإعادتها خلسة لطبق الضيافة لأني قد قررت منذ عام مضى بأن أكرم معدتي الموقرة بالرجيم، وعلى ذلك هي تستحق التكريم، والسلام ختام.

BASSAM_FATINY@