كرة النار واستراتيجية التحالف الجديدة
الأربعاء / 2 / جمادى الآخرة / 1443 هـ - 20:40 - الأربعاء 5 يناير 2022 20:40
بسم الله {واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد} يبدو أن عام 2022 هو فعلا عام عد الأنفاس الحوثية كما قال العميد تركي المالكي، فمنذ إعلان التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن عن نيته عقد مؤتمر صحفي يكشف فيه عن أدلة تثبت تورط عدة جهات في جرائم الحوثيين في اليمن، هرعت هذه الجهات إلى الإدلاء بتصريحات مرتبكة والقيام بتصرفات غير مفهومة تشي بأزمات حقيقية داخل الميليشيات الحوثية.
وكما أعلن التحالف مسبقا فقد صرح العميد المالكي عن اختراق استخباراتي لهرم القيادات من ذوي الصف الأول للجماعة الحوثية، وأن التحالف يملك مصادر موثوقة وبنكا من المعلومات والأدلة، ثم عرض مقطعا مصورا يبين رئيس الاستخبارات الحوثية أبو علي الحاكم وهو يتلقى التعليمات من أحد عناصر حزب الله اللبناني.
كان مشهد أبو علي البائس مدعاة للسخرية، هذا الرجل الذي لطالما خاطب مشايخ القبائل بنبرة استعلاء وفوقية فارضا التجنيد على أبنائهم، ها هو ينصت بكل خنوع كتلميذ بليد أمام معلمه، فعن أي استخبارات نتحدث هنا إذا كان رئيسها في اجتماع مع اثنين، أحدهما قد بيت النية مسبقا للتصوير والنشر خصوصا مادة بهذه الخطورة من شأنها ضرب الذيول الإيرانية صنعاء - بيروت ببعضهما.
كان المقطع بمثابة كرة نار ملتهبة ألقاها العميد المالكي وسط غرفة العمليات رقم واحد الأكثر حصانة. أخذ أفراد العصابة يتقاذفون اللهب فيما بينهم ولهيب الشك يعصف بهم، فانخرط عقد الثقة، وزاد يقينهم بأن الرجل على حق وأن للأمر علاقة بمقتل إيرلو واختفاء عبدالملك الحوثي منذ 17 يوما وبالعمليات الدقيقة ضد الأهداف الحساسة مؤخرا.
اتسعت دائرة الاشتباه وزادت وتيرة الاعتقالات، فبحسب مصادر يمنية تم اعتقال طاقم الحراسة الخاص بأبو علي الحاكم كاملا، واعتقلت كذلك مجموعة كبيرة من الضباط المنتسبين إلى الحرس الجمهوري من ذوي الولاءات السابقة لعلي عبدالله صالح وتم استبدال ثلاثة آلاف من عناصر الاستخبارات بآخرين مقربين من الميليشيات.
تطورات العمليات العسكرية الأخيرة للتحالف جاءت بعد أشهر من التوقف استجابة للرغبات الدولية في منح الدبلوماسية الفرصة؛ فعلق التحالف عملياته وترك العالم يراقب الحوثيين وهم يتجاهلون الدعوات الدبلوماسية للمبعوثين الأممي والأمريكي، بل وكيف استغلوا هذه الفرصة للتصعيد ميدانيا، في حين يقدم التحالف الدليل تلو الآخر على استغلال الميليشيات للوقت في تحويل المرافق والأعيان المدنية اليمنية إلى ورش ومستودعات للأسلحة، مما يثبت نوايا الميليشيات في التحضير لمعركة أطول وأعنف وسط تراخ أممي مثير للريبة.
وبعد أن اقتنع العالم أن معاناة الشعب اليمني مجرد ورقة من أوراق إيران التفاوضية، وأن الحوثي مجرد أداة من أدواتها في المنطقة، جاء مؤتمر التحالف الأخير بأدلة جديدة تؤكد سابقاتها في إثبات وإدانة التورط الإيراني في الدم اليمني.
ورب ضارة نافعة، فما قاساه الشعب اليمني أثناء تعليق العمليات كشف للعالم الحقيقة الإيرانية المستترة بالعباءة الحوثية، وأعطت مسوغا للتحالف للرفع من زخم عملياته واستخدام استراتيجية مختلفة تجلت في السقف المفتوح للقوة وفي نزع الحصانة عن الأعيان المدنية إذا ثبت استخدامها عسكريا، استنادا إلى القوانين الدولية الإنسانية ومبدأ الضرورة العسكرية، وعلى من بدل طبيعتها المدنية تحمل المسؤولية كاملة أمام المجتمع الدولي تجاه تعريض أمن وسلامة المدنيين للخطر.
يقول نابليون (إذا رأيت عدوك يدمر نفسه فلا تقاطعه) كرة النار هذه هي التي كانت وستظل سببا في تدمير البيت الحوثي داخليا. اكتفى التحالف بمقطع لا يزيد عن ثلاثين ثانية كان كافيا لتحرير مديرية عسيلان في محافظة شبوة والسيطرة على مدينة النقوب ومفرق الحمى وقطع خطوط الإمداد عن الحوثي في مأرب والتقدم باتجاه بيحان.
30 ثانية فاقمت الوضع الكارثي للميليشيات وازداد عدد المنضمين إلى حملة عد الأنفاس.
ثم قرصنة الحرس الثوري لسفينة إماراتية تحمل معدات طبية قبالة الحديدة واقتيادها إلى ميناء الصليف في عملية ليس للحوثيين نصيب منها سوى إعلان المسؤولية، من أجل إحراج التحالف وربما جره لضرب الموانئ اليمنية التي تتمتع بالحصانة المدنية، متناسية أن التحالف كان قد أعلن في استراتيجيته الأخيرة أنه لا وجود للحصانة والسلاح في مكان واحد.
ولم يتأخر تهديد التحالف كثيرا حيث شمل في بيان إلحاقي جميع الموانئ والعناصر المستخدمة في القرصنة سواء للانطلاق (الحديدة) أو للإيواء (الصليف) وشمل حتى العناصر المستعملة في القرصنة، في حال عدم الإفراج عن السفينة بحمولتها من دون أن يحدد البيان أية مهلة.
قد يكون هذا المعيار بدمج منطلق ومأوى الاعتداء مربكا وغير متوقع إذ وضع تعنتهم وعنهجيتهم المعتادة أمام خسارة ميناءين مهمين بل أهم المنافذ الواقعة تحت سيطرتهم في تهريب الأسلحة والمقاتلين بالإضافة إلى الطبيعة التجارية المربحة للميناءين، إذ يعدان شرياني الولايات الشمالية، ولم يبق سوى ميناء رأس عيسى النفطي كمنفذ وحيد للميليشيات على البحر.
لم تعتد الميليشيات الحوثية سماع هذه المصطلحات القانونية العسكرية ولم تستوعب هذه الاستراتيجية بعد، فقد اعتادوا على بقاء مخازنهم وورشهم سالمة ما دامت داخل المستشفيات والمدارس. لكنهم ربما أدركوا حجم المأزق الذي أوقعهم الفرس فيه، وربما في حال ضربت الموانئ عليهم جميعا تجرع مصير إيرلو إذ لا سبيل للفرار.
وبعد أن كانوا يرون استراتيجية التحالف السابقة ضعفا وعجزا، أدرك القوم بعد تجربتهم للاستراتيجية الجديدة أنهم قد دخلوا جميعا تحت قول المتنبي:
وجاهل غره في جهله ضحكي
حتى أتته يد فراسة وفم
@MBNwaiser
وكما أعلن التحالف مسبقا فقد صرح العميد المالكي عن اختراق استخباراتي لهرم القيادات من ذوي الصف الأول للجماعة الحوثية، وأن التحالف يملك مصادر موثوقة وبنكا من المعلومات والأدلة، ثم عرض مقطعا مصورا يبين رئيس الاستخبارات الحوثية أبو علي الحاكم وهو يتلقى التعليمات من أحد عناصر حزب الله اللبناني.
كان مشهد أبو علي البائس مدعاة للسخرية، هذا الرجل الذي لطالما خاطب مشايخ القبائل بنبرة استعلاء وفوقية فارضا التجنيد على أبنائهم، ها هو ينصت بكل خنوع كتلميذ بليد أمام معلمه، فعن أي استخبارات نتحدث هنا إذا كان رئيسها في اجتماع مع اثنين، أحدهما قد بيت النية مسبقا للتصوير والنشر خصوصا مادة بهذه الخطورة من شأنها ضرب الذيول الإيرانية صنعاء - بيروت ببعضهما.
كان المقطع بمثابة كرة نار ملتهبة ألقاها العميد المالكي وسط غرفة العمليات رقم واحد الأكثر حصانة. أخذ أفراد العصابة يتقاذفون اللهب فيما بينهم ولهيب الشك يعصف بهم، فانخرط عقد الثقة، وزاد يقينهم بأن الرجل على حق وأن للأمر علاقة بمقتل إيرلو واختفاء عبدالملك الحوثي منذ 17 يوما وبالعمليات الدقيقة ضد الأهداف الحساسة مؤخرا.
اتسعت دائرة الاشتباه وزادت وتيرة الاعتقالات، فبحسب مصادر يمنية تم اعتقال طاقم الحراسة الخاص بأبو علي الحاكم كاملا، واعتقلت كذلك مجموعة كبيرة من الضباط المنتسبين إلى الحرس الجمهوري من ذوي الولاءات السابقة لعلي عبدالله صالح وتم استبدال ثلاثة آلاف من عناصر الاستخبارات بآخرين مقربين من الميليشيات.
تطورات العمليات العسكرية الأخيرة للتحالف جاءت بعد أشهر من التوقف استجابة للرغبات الدولية في منح الدبلوماسية الفرصة؛ فعلق التحالف عملياته وترك العالم يراقب الحوثيين وهم يتجاهلون الدعوات الدبلوماسية للمبعوثين الأممي والأمريكي، بل وكيف استغلوا هذه الفرصة للتصعيد ميدانيا، في حين يقدم التحالف الدليل تلو الآخر على استغلال الميليشيات للوقت في تحويل المرافق والأعيان المدنية اليمنية إلى ورش ومستودعات للأسلحة، مما يثبت نوايا الميليشيات في التحضير لمعركة أطول وأعنف وسط تراخ أممي مثير للريبة.
وبعد أن اقتنع العالم أن معاناة الشعب اليمني مجرد ورقة من أوراق إيران التفاوضية، وأن الحوثي مجرد أداة من أدواتها في المنطقة، جاء مؤتمر التحالف الأخير بأدلة جديدة تؤكد سابقاتها في إثبات وإدانة التورط الإيراني في الدم اليمني.
ورب ضارة نافعة، فما قاساه الشعب اليمني أثناء تعليق العمليات كشف للعالم الحقيقة الإيرانية المستترة بالعباءة الحوثية، وأعطت مسوغا للتحالف للرفع من زخم عملياته واستخدام استراتيجية مختلفة تجلت في السقف المفتوح للقوة وفي نزع الحصانة عن الأعيان المدنية إذا ثبت استخدامها عسكريا، استنادا إلى القوانين الدولية الإنسانية ومبدأ الضرورة العسكرية، وعلى من بدل طبيعتها المدنية تحمل المسؤولية كاملة أمام المجتمع الدولي تجاه تعريض أمن وسلامة المدنيين للخطر.
يقول نابليون (إذا رأيت عدوك يدمر نفسه فلا تقاطعه) كرة النار هذه هي التي كانت وستظل سببا في تدمير البيت الحوثي داخليا. اكتفى التحالف بمقطع لا يزيد عن ثلاثين ثانية كان كافيا لتحرير مديرية عسيلان في محافظة شبوة والسيطرة على مدينة النقوب ومفرق الحمى وقطع خطوط الإمداد عن الحوثي في مأرب والتقدم باتجاه بيحان.
30 ثانية فاقمت الوضع الكارثي للميليشيات وازداد عدد المنضمين إلى حملة عد الأنفاس.
ثم قرصنة الحرس الثوري لسفينة إماراتية تحمل معدات طبية قبالة الحديدة واقتيادها إلى ميناء الصليف في عملية ليس للحوثيين نصيب منها سوى إعلان المسؤولية، من أجل إحراج التحالف وربما جره لضرب الموانئ اليمنية التي تتمتع بالحصانة المدنية، متناسية أن التحالف كان قد أعلن في استراتيجيته الأخيرة أنه لا وجود للحصانة والسلاح في مكان واحد.
ولم يتأخر تهديد التحالف كثيرا حيث شمل في بيان إلحاقي جميع الموانئ والعناصر المستخدمة في القرصنة سواء للانطلاق (الحديدة) أو للإيواء (الصليف) وشمل حتى العناصر المستعملة في القرصنة، في حال عدم الإفراج عن السفينة بحمولتها من دون أن يحدد البيان أية مهلة.
قد يكون هذا المعيار بدمج منطلق ومأوى الاعتداء مربكا وغير متوقع إذ وضع تعنتهم وعنهجيتهم المعتادة أمام خسارة ميناءين مهمين بل أهم المنافذ الواقعة تحت سيطرتهم في تهريب الأسلحة والمقاتلين بالإضافة إلى الطبيعة التجارية المربحة للميناءين، إذ يعدان شرياني الولايات الشمالية، ولم يبق سوى ميناء رأس عيسى النفطي كمنفذ وحيد للميليشيات على البحر.
لم تعتد الميليشيات الحوثية سماع هذه المصطلحات القانونية العسكرية ولم تستوعب هذه الاستراتيجية بعد، فقد اعتادوا على بقاء مخازنهم وورشهم سالمة ما دامت داخل المستشفيات والمدارس. لكنهم ربما أدركوا حجم المأزق الذي أوقعهم الفرس فيه، وربما في حال ضربت الموانئ عليهم جميعا تجرع مصير إيرلو إذ لا سبيل للفرار.
وبعد أن كانوا يرون استراتيجية التحالف السابقة ضعفا وعجزا، أدرك القوم بعد تجربتهم للاستراتيجية الجديدة أنهم قد دخلوا جميعا تحت قول المتنبي:
وجاهل غره في جهله ضحكي
حتى أتته يد فراسة وفم
@MBNwaiser