الرأي

مسك الخيرية وهارفرد العالمية

فارس هاني التركي
أعادت مسك الخيرية تعريف مفهوم العمل الخيري بشكل كبير مؤخرا فتجدها تطبق المثل الصيني الشهير «لا تطعمني سمكة ولكن علمني كيف أصيد». فاهتمامات مسك الخيرية تتركز في التعليم والثقافة والإعلام، وضمن هذه المحاور الثلاثة صممت العديد من البرامج الثرية للوصول لأهدافها التي تتمثل في رفع الوعي الثقافي، وتنمية المهارات الإعلامية، وإنتاج عقول نيرة ومفكرة. وأجرت كذلك عقد الشراكات الاستراتيجية مع كبرى المؤسسات المتخصصة. ففي مجال التعليم هناك برامج وشراكات مع جامعة هارفرد الأمريكية وكلية INSEAD الفرنسية وكلية Babson المتخصصة في ريادة الأعمال ومؤخرا كلية KHAN التي تعنى بالتعليم المجاني. أحد هذه البرامج هو برنامج إعداد القادة والذي تم بالشراكة مع جامعة هارفرد العريقة وهو برنامج مخصص لطلاب المرحلة الثانوية مدته شهران ويعقد سنويا في مدينة بوستن. البرنامج يهدف إلى تأهيل الشباب للمرحلة الجامعية وإكسابهم مهارات قيادية مع تمكينهم من التخطيط للمستقبل بشكل أفضل. تقبل جامعة هارفرد 800 طالب سنويا استطاعت مسك توقيع اتفاقية لضمان 25 مقعدا للطلاب السعوديين في العام الأول و25 مقعدا في العام الثاني، وبعد أن أثبت الطلاب والطالبات السعوديون كفاءتهم والتزامهم تم رفع العدد في العام الثالث إلى 100 مقعد أي 12.5% من إجمالي عدد الطلاب المشاركين في البرنامج. المشاركة في مثل هذا البرنامج يساهم برفع احتمالية قبول الطالب أو الطالبة للدراسة الجامعية في جامعة هارفرد أو إحدى الجامعات الكبرى بشكل كبير جدا، وهو ما حدث في العامين الأول والثاني والمتوقع للعام الثالث حيث تم لاحقا قبول حوالي 20% من هؤلاء الطلاب عند تقديمهم للالتحاق بالدراسة الجامعية في هارفرد. الالتحاق بالجامعات الكبرى هو تحد حقيقي يواجه برامج الابتعاث فأغلب الطلاب يسعى للبحث عن جامعات سهلة، ومن يبحث عن الجامعات القوية يجهل في الغالب كيفية الاستعداد للتقديم لها، فالحصول على قبول في الجامعات الكبرى يحتاج خبرة ومجهودا كبيرين. وحسب تصريح الملحق الثقافي السعودي في أمريكا الدكتور محمد العيسى فإن عدد الطلاب السعوديين الملتحقين بأكبر 10 جامعات أمريكية يبلغ 700 طالب وطالبة أي أقل من 1% من إجمالي عدد الطلاب المبتعثين في الولايات المتحدة الأمريكية. بدون شك التعليم هو السبيل لرقي ورفعة وتطور الأمم، والجامعات الأمريكية من أفضل الجامعات في العالم ولكن ليس جميعها فهناك جامعات مستواها منخفض حتى وإن كانت معتمدة لدينا فالاعتماد يضمن الحد الأدنى ولكن لا يضمن مستوى تعليميا عاليا. يعلم ذلك جيدا أي مختص ولنعلم كذلك أن من جامعاتنا وكلياتنا السعودية ما يفوق الجامعات الأمريكية ولذلك فإذا أردنا مخرجات أفضل من الابتعاث فلا بد من التركيز على الكيفية والنوعية، لا على الكم والعدد. الابتعاث مشروع عظيم وأتمنى استمراره ولكن لا بد أن تكون المخرجات أفضل فالابتعاث فرصة للتعلم والاحتكاك مع العالم الخارجي وأخذ الخبرات ونقلها، ومن المؤسف أن يتحول لبرنامج رفاهية وتمشية وطالب دراسات عليا لا يجيد حتى اللغة الإنجليزية!