الجدل في ذكاء اختراق الليزر للمستحيل
الأربعاء / 25 / جمادى الأولى / 1443 هـ - 21:20 - الأربعاء 29 ديسمبر 2021 21:20
تضخيم الضوء بالانبعاث المحفز للإشعاع في جهاز مخصص لهذه العملية يسمى الليزر كملخص تعريفي لهذا الابتكار الأسطوري، الذي أظهر تطورا نوعيا في المجتمع العملي، وقد بدأ فعليا عام 1960م من قبل العالم ثيودور ميمان، كأول من بنى نموذجا عالميا عمليا لليزر في مختبرات بحوث هيوز في ماليبو بكاليفورنيا، وذلك نتيجة تطور وأبحاث متتالية بعد اكتشافه بداية القرن العشرين من قبل أسطورة الفيزياء ألبرت آينشتاين.
وتقنيا ومن مبدأ تشغيلي؛ أن أي جهاز ليزر يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية؛ مصدر الطاقة المحفزة والمتغيرة، والوسط الليزري المنتج للأشعة من المواد المستخدمة فيه، والمرايا المتعددة، اثنان أو أكثر، والتي تعمل على انعكاس الضوء وتضخيمه، وهناك العديد من أنواع الليزر المستخدمة والمرتبطة بتعدد الوسط الليزري من المواد وتشمل ليزر الغاز والصلب والسائل وأشباه الموصلات من الألياف.
واستخدامات الليزر كثيرة تندرج بين المفيدة حينما انطلقت في الستينيات وغير المفيدة غير المشروعة خلال الثورة الصناعية الرابعة الذكية والتي لنا فيها جدال مقتضب لاحقا، وقد بدأت أولا في الصناعة كاللحام والقطع ومعالجات المواد وتقوية أسطحها للتحمل والاعتمادية الفوقية وفي الصناعات العسكرية والفضاء بكافة اتجاهاتها الاستراتيجية من الدفاعية والهجومية، وصولا للطب وعلاجات الأمراض والتجميل والأجهزة الالكترونية من قراءة المحتوى للأقراص المدمجة والباركود و QR كود وقياس المسافات وتحديد المواقع بدقة.
وحديثا بدأت تظهر فوائد واعدة لليزر في إنتاج الطاقة النووية النظيفة تمحورت في أبحاث ذكية شملت تطوير روبوتات صغيرة ذاتية الدفع لإزالة اليورانيوم المشع من مياه الصرف الناتجة من المعامل النووية، وقد انطلقت الأبحاث تلك في أواخر الثورة الصناعية الثالثة وواجهت تحديات كبيرة لإنتاج ليزر بقوة مضخمة عالية كسرا لمعتقد سابق بالمستحيل، والهدف الأعمق من هذه القوة المضخمة يكمن في محاولة تحويل وتفتيت نفايات المواد المشعة والخطرة على الصحة الناتجة من استخدام الطاقة النووية التي تعتبر صافية وآمنة من ناحية الاحتباس الحراري وغير صافية على الأرض والصحة حين الكوارث والتسريب للنفايات، والتي يتم تفاديها في الجيل الثالث للمفاعلات بشكل أكثر دقة.
ويختصر الفكرة العلمية لمعالجة النفايات المشعة عالم الفيزياء الفرنسي الحاصل على جائزة نوبل «جيرار ألبرت مورو» أن التوجه العلمي لتحويل النفايات الناتجة عن الانشطار النووي وبمساعدة الليزر المضخم القوي تتم بطريقتين؛ إما عن طريق تحويلها إلى منتجات فرعية ذات كتل ذرية أضعف وأعمار أقصر بكثير تصل للنصف مثلا لانخفاض الإشعاع بمقدار 24000 سنة لبعض المواد كالبلوتونيوم 239، أو عن طريق إضافة جزيئات لتكوين نظائر أقل نشاطا، والتي يفترض أن تقلل الفترات لنصف العمر الطويل جدا وأحيانا قد يصل إلى عام واحد فقط، لكن تبقى الصعوبات والتحديات قائمة لتحقيقها بالليزر بأمن وسلامة وكفاءة واستدامة خارج نطاق النظريات، مع التوجه لتجارب بديلة مهمة جدا لمستقبل المفاعلات النووية ومخلفاتها، باستخدام مواد بديلة عن اليورانيوم تكون مخلفاتها أقل خطورة وأقل عمرا لانخفاض الإشعاعات في مفاعلات الطاقة النووية كالثوريوم، إلا أنه صعب الانشطار حسب الدراسات إلا بالليزر المضخم في معتقد بعض الفيزيائيين المهتمين بأبحاثه ومنهم «مورو».
مع التطور الكبير الذي تشهده الثورة الصناعية الرابعة الرقمية الذكية في الذكاء الاصطناعي والبرمجة وما تحيط بها من مشاكل وخطورة الاختراقات المستمرة والتحديات للأمن السيبراني لمواجهتها، تبرز ظاهرة جديدة وخطيرة جدا لاستخدام أشعة الليزر تجريبيا في كسر الحواجز واختراق الحماية ولو كانت الأجهزة محصورة الاتصال ومعزولة عن الخارج نهائيا وعن الشبكة، من خلال تمكن الاختراق بمرور البيانات ثنائيا باتجاهين «دخولا وخروجا» بعد أن كان الاختراق فردي الخروج سابقا عبر القنوات الكهرومغناطيسية أو الصوتية أو البصرية وتعمل فقط على مسافات قصيرة أو بمعدلات بيانات منخفضة.
والاتصال بالليزر المطور للاختراق التجريبي تم بإنشاء قناة بصرية مخفية خارجية، وعلى بعد 25 مترا وجهت أشعته لمصابيح LED في الأجهزة المكتبية المتوفرة تجاريا كالطابعات والهواتف، والتي استجابت بالفعل للاتصال البصري بالليزر المطور ذي الاتجاهين.
وكمرجع علمي يستفاد منه كثيرا؛ فهذا الاختراق التجريبي تم عرض دراسته في ورقة علمية في ديسمبر 2021 في المؤتمر السنوي السابع والثلاثين لتطبيقات أمان الكمبيوتر (ACSAC) في مشروع LaserShark من قبل فريق خبراء أمن تكنولوجيا المعلومات في معهد كارلسروه للتكنولوجيا (KIT) بألمانيا.
وهذه التجربة تلخص معنى احتمالية استخدام الأعداء غير المشروع والضار لليزر بالاتصال الصوتي مع مصابيح LED في الأجهزة المرتبطة مع أنظمة تكنولوجيا المعلومات، لأجل الاهتمام والتأهب والحذر المباشر للأمن السيبراني لمواجهته والبحث في تطوير واستحداث مستمر للحماية والعزل، وبالتعاون مع باحثين متنوعين ومتخصصين في الليزر والاتصالات البصرية مع تقنية المعلومات.
zuhairaltaha@