تبديد الإشاعات وتصحيح الأخطاء ونشر التفنيدات حول القضايا المهمة في الوقت المناسب، يتطلب بناء الثقة القوية بين المواطن والمسؤول من خلال توظيف كل الوسائل في التواصل طوال الوقت، والغاية تحقيق الاستجابة الآنية في حال حدوث أزمة أو وجود حالة طارئة لا سمح الله. ‏الخدمة العامة‏الخدمة العامة هي ثقة عامة؛ فكل مسؤول في القطاع العام شخص موثوق، مثلا من المهم أن يقوم بتعريف نفسه بشكل كامل بتقديم اسمه ووظيفته (عند الطلب) وأي (موظف عام) هو في الأصل معين لخدمة المواطن وأداء الواجبات العامة، سنغافورة مثالا قيمهم الأساسية هنا تنحصر في مثلث (النزاهة والخدمة والتميز). ‏وعلى التوازي.. المجتمعات الحديثة غدت بيئة أكثر ديناميكية، وشعار المؤسسات العامة يجب أن يكون أننا نخدم جمهورا أكثر وعيا لديه احتياجات أكثر تنوعا وتعقيدا وتوقعات أعلى في الخدمات، نعم.. التحديات الجديدة تفرض تعزيز الخدمة العامة، ومعيار فعاليتها تقديم الخدمات التي تركز على إرضاء المواطن فهو محور التنمية المستدامة. ‏المواطن هو الهدف ‏علم الإدارة في الماضي كان يتمحور حول القطاع العام بمواءمة الخدمات مع المصلحة العامة للمجتمع، أما اليوم فقد أرسى منهجا تنظيميا حديثا يركز على المواطن باعتباره الهدف الأول؛ فيتم الأخذ بمشاركة المواطنين برأيهم الصريح أو الضمني الموضح لاحتياجاتهم عبر وسائل متعددة -صندوق الاقتراحات مثالا- مما يساعد الأجهزة على تصميم استراتيجية الخدمات العامة. ‏الاتصال الجيد ‏التواصل آلية مهمة مكونة من ثلاثة أجزاء هي (المرسل والرسالة والمتلقي) والخط يبدأ من التشويش أو التشويه للرسائل المنقولة (كالإشاعات المغرضة والرسائل المغلوطة) التحدي الذي يواجه المسؤول هو كيفية تجاوز الأخطاء وإيصال الرسائل الواضحة، والحل هو إرساء قنوات التواصل الفعالة التي تخلق ثقة المواطن وتحفزه على الانخراط النشط في المجتمع من خلال إقامة العلاقة الجيدة والمثالية بين المواطن والمسؤول، والشرط (أن يشعر المواطن بأن مخاوفه هي في غاية الأهمية لدى المسؤول) وهذا هو حجر الزاوية. ‏تبرز أهمية هذا الشرط عند استحداث قرارات غير مألوفة للمجتمع، ويتطلب هذا تحقق الاستجابة الفعالة بعناصرها الثلاثة.. أولها (الإصغاء) بوضع الآلية المتصلة لمعرفة قناعة المواطنين بالنسبة للقرار، وثانيها (الشرح) بتفسير المسببات الموثوقة التي تتطلب اتخاذ القرار، وآخرها (التكيف) والاقتناع بالاستعداد لمعالجة وتغيير القرار في اتجاه رأي الأغلبية، المردود الإيجابي كما تؤكد الأبحاث هو أن المواطن يكافئ المسؤول الذي يعتقد بأنه يقوم بالتصرف وبإجراء كل ما يتجاوب مع احتياجاته واهتماماته، وبالتالي فعندما يتطلب الوضع اتخاذ (القرارات المثيرة للجدل) والتي تمس حياته اليومية فإنه حتما سيكون (أكثر استعدادا للقبول). ‏رضا المواطن‏تفاعلية المواطنة تعتمد على قياس درجة الرضا عند المواطن والوسيلة الناجعة هي جعله يدلي برأيه، ولكن وبالتأكيد فإن تلقي الجواب الصحيح يوجب (تجنب طرح السؤال بشكل مباشر) طبعا هذا ليس بالأمر السهل.. إنما هناك خارطة طريق واضحة ومؤكدة لتحقيق النجاح وهي اتباع أقطار دائرة مركزها رغبات واحتياجات المواطن، وترجمة هذه المتطلبات في مسارات تقوم باستهداف التحسينات في تقديم الخدمات، هذا النهج كفيل بزيادة رضا المواطن وتخفيض التكاليف التي قد تنتج من المشاعر السلبية كعدم الاقتناع والرفض والتجاهل واللامبالاة على حد سواء. ‏الثقة المرجعية الأهم ‏المنفعة الكبرى للثقة تتجلى في ارتفاع الأداء والسرعة في (إدارة الأزمات) سواء في درجة الاحتواء للتبعات أو التخفيف من آثارها؛ فحيثما كانت ثقة المواطن في المؤسسات عالية جدا يكون دعم المواطن مرتفعا جدا لجهود الأجهزة الحكومية -والعكس بالعكس- بما يصعد بل ويسارع قدراتها على الاستجابة وتحقيق الدعم للمواطنين.. وهي حالة واقعية رآها العالم كله في إدارة خطة التعافي الشامل من حالة طوارئ COVID19 في دولة متقدمة من دول مجموعة العشرين.. اسمها (المملكة العربية السعودية)! فإذا كان كل نظام فاعل معياره الحقيقي العلاقة الموثوقة بين المواطن والمسؤول لأنها الضامن الأول لمشاركة المواطن والتماسك الاجتماعي.. إذن فالثقة هي أس المعادلة بأكملها. عتبة الثقةمنظمة التعاون الاقتصادي تؤكد بياناتها وجود اتجاه مقلق في العالم بسبب تدني مستوى ثقة الناس في الأجهزة الوطنية إلى النصف تقريبا (51%) في عام 2020. ‏(الخدمة العامة.. رسالة عامة وأمانة عامة)! RimaRabah@