الرأي

المثلية والحرية

آلاء لبني
الحرية المقنعة تسمع صوتها عاليا منددا بتوجهات عالمية تصنع منها حقائق وتهاجم توجهات أخرى وتقصيها بأي حجة وتظهر الخطوط الحمراء بانتقائية وتمييز وفق أجندة التوجه! تتهم من يناقشها أو يرفضها بوابل من الألقاب والجهل وقد تجرم.

تحت نداء الحريات المزعومة هناك أحاديث تكمم كلما بدا ضوؤها كالمبادئ وحرية الأقليات المسلمة أو احترام نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعدم الاستهزاء ولصق الإرهاب به، أو عن حرية الحجاب أو نقد نظرية علمية أو الدفاع عن أرض اغتصبت.

يوما في ما مضى ظهر لاعب مرتديا علم فلسطين امتعضت الفيفا وأعربت عن رفضها استغلال الأحداث الرياضية للسياسة! ليست كل القضايا التي ينادي بها العالم هي قضايا عادلة بالعكس كثير منها مبني على الانتماء الديني أو اللاديني والثقافي والاجتماعي والمصالح الاقتصادية وعلى قدر الدعم الإعلامي وتأصيل تلك الأفكار حول قضية ما يتحقق انتشارها.

هل تعلم أن الدعارة كما هي مجرّمة في كثير من دول أوروبا الشرقية وإن غضت الطرف عنها فهناك دول تشرعها كألمانيا والمجر وهولندا وسويسرا..إلخ، ويبررون ذلك تحت طائلة منعهم من الاستغلال وتحسين أحوال ممارسيها، فهما طرفان يرغبان بالممارسة بالتراضي، ما بني على باطل فهو باطل.

فالبعض ينظر لها أنها نشاط اقتصادي يجب تنظيمه، ولا ننسى الدخل السنوي من شبكاتها، في بعض الدول يتم أخذ آراء السكان حول مواقع أماكن الدعارة، صدق أو لا تصدق هذه حقيقة. وهم مختلفون فيها منقسمون حولها، تخيل شعار إحدى الحملات ضد الدعارة بهولندا (ماذا لو كانت أختك)؟!

قيم وحرية الغرب وأفكاره وتوجهاته تصبح مسلمات وحقوقا يزمجر ويندد بها بكل محفل! وإن اختلف معها نصف الكرة الأرضية كالشذوذ الجنسي والدعوة لحقوق ليست لهم أصلا، فالديانات السماوية وجل ثقافات العالم الشرقية كالصينية والروسية وأوروبا الشرقية..إلخ تستنكره وتستهجنه ولا تعترف به وليس فقط المسلمون.

وربما في الأعوام القادمة ستعترف بعض الثقافات والديانات بالشذوذ وزواجه، فغسيل العقول مستمر وأنظمة كاملة تدعمهم، ورؤوس أموال، وتظهر المثلية الجنسية لتحشر أنفها في كل حدث وينادي أتباعها المنادون بالحريات وتجدها في المسلسل والفيلم والحدث الرياضي وعلى أفواه المشاهير وألعاب الفيديو..إلخ.

2015 كان تاريخا فارقا بأمريكا بالاعتراف بزواج المثليين، والأدهى أن يحق لتلك الأسرة وجود طفل بينها. فرنسا كمثال من أوائل الدول التي أقرت زواج المثلية 2012 وما زالت الكنيسة لا تعترف بذلك. ولكن إلى متى ستصمد؟ الكنيسة الكاثوليكية بفرنسا لا أحد يعرف ما يحدث من ممارسات وضغوط من قبل جماعات المثلية والداعمين لها، ودورهم بإظهار فضائح تحرش الرهبان للقاصرين وإن كانت وقائع صادمة ولا تقبل، ولكن لماذا الآن تظهر التقارير والتحقيقات؟!

علما بأنهم لا ينتظرون الكنيسة لتغيير المجتمع فصوّت البرلمان الفرنسي على منع استخدام كلمتي أب و أم واستبدالهما بوالد رقم واحد ووالد رقم اثنين حتى بالمدارس والأطفال والمناهج وذلك بحجة القضاء على التميز والعنصرية، لكن إن اعترض على كاريكيتر والاستهزاء بقيم المسلمين ليس تمييزا! بل يصبح متعديا على قيم فرنسا!

الفكرة رواج تقبل المثلية وحتى المعترضين من أبناء تلك المجتمعات أصواتهم لا تلقى الرواج ذاته ولا مؤلفاتهم؛ فالدعوة بقبول المثلية مادام بتراض بين طرفين يرد عليها معارضوهم هل نسمح بحرية العلاقات مع الحيوانات وبين المحارم ما دام بتراض؟!

الحرية التي تجعل كل ما تشتهيه مسموحا ومباحا وكل ما ترغبه تمارسه هذه ليست حرية هذه عبودية شهوات وسعار يجعل الإنسان ضعيفا أمام أصنافها وهي بالتأكيد ليست بلا ضرر على المجتمع كما يسوقون ويدعون. شعارات الحرية المطلقة التي ينادي بها الكثير هل تُصلح حياة البشر (حر ما دمت لم تضر أحدا)؟

تهديم الأسرة والإنجاب خارج إطار الزواج والدعوة للحريات والانطلاق وتعدد العلاقات ثنائية الميول والثلاثية ولا أعلم إلى أين؟ بطبيعة الحال يتفاوت ذلك من قطر لقطر بالعالم، ولكن للأسف الإعلام الغربي يتسود بأفكاره السامة. فمثلا على مر السنوات تغيرت الصورة التهكمية للشخصية المثلية في الأفلام وانتقال صور رفضها وتصنيفها بأحد الأمراض إلى إقحامها بمعظم القصص بأناس مجتهدين وعلاقات حب ناجحة ورومانسية ومعاناتهم من التمييز..إلخ، والأهم من كل ذلك الرسائل اللاواعية وحشر المثلية والأزواج منهم بالسياق حتى لو لا دور لهم إلا التواجد السخيف في القصة التي تظهر أينما اتجهت في الكرتون والوثائقيات والمسلسلات..إلخ.

الخلاصة نجح الشذوذ بالغرب وعبر عقود بانتزاع تواجدهم على قائمة الاضطرابات النفسية إلى التقبل والحقوق وعلى لسان المختصين كالدكتور مشعل العقيل مع المديفر وتعليقه على المثلية كانت موجودة في التصنيف الأمريكي للاضطرابات النفسية وأزيلت لأسباب سياسية والدكتور السبيعي نوه عن ذات الموضوع.

وسعي المثليين لتكوين أسرة مشوهة ودعم هذا التوجه بتزييف العلم والدراسات بأن ذلك لا يضر الأطفال المتبنين والذي يفضحه أحيانا تجارب بعض هؤلاء الأطفال حين كبروا وأظهروا مشاكلهم. المفارقة العجيبة أن الدراسات الاجتماعية والنفسية تؤكد أن فقد أحد الوالدين الأم أو الأب بالأسرة الطبيعية بالموت أو الطلاق لها أضرارها وأبعادها النفسية، إذن ما الذي يحدث للطبيعية البيولوجية في عدم وجود أب أو أم في الأسر المثلية هل يختفي التأثير؟!

كنا صغارا نرسم قوس الطيف ونحبه، اليوم نحذر منه، أذكر قبل سنوات كنت أجلس مع ابني أتابع فيلما كرتونيا على قناة أطفال كارت نتور وقد غضبت من انتهاك الطفولة وإقحام شعار المثلية بألوان الطيف والإيحاءات الجنسية الموجهة للأطفال، وكل ما فعلته أني حذفت القناة بلا رجعة وشرحت مبرراتي لطفلي الذي لن يرى فيّ إلا هادم متعته بمتابعة برامجه الأخرى على القناة!

طبعا هي كالسرطان في كل مكان ولا تسطيع تجفيف كل منابعها. هذا السرطان والمثلية يخرج علينا بأصوات مسلمة أو كانت مسلمة فرت للغرب لتمارس ما تريده وتهاجمنا بحجة الحيوانات تمارس المثلية! ما رأيك بحيوانات تأكل صغارها.. أسد يأكل أشباله وقطة هل نذهب لنقلدهم! قليل من العقل في زمن الجنون نحن لا نأخذ سلوكنا من الحيوانات!

وهنا يكون دور المجتمعات المسلمة والأوساط العلمية والنفسية والثقافية والاجتماعية لدرء الخطر وإيضاح ذلك الضرر، ونعد العدة لإسقاط الحجج والرد بالمنطق واليقين والحجة العلمية، والكشف عن الأضرار بعقول مستنيرة وفتح الحوار والإقناع وليس السكوت والنهي عنه فقط؛ فنحن لا نعلم البواطن، ومن لديه اضطراب هوية أو ميول أو انحراف، لمن يذهب؟ وجود الرغبة لا يعني الممارسة وشتان بينهما؛ فلا يضيع المضطرب وتتلقفه العقول المسمومة من العرب والعجم يبيحون ممارستها.

AlaLabani_1@