الرأي

اليوم الدولي للحياد!

عادل الحميدان
صادف يوم الأحد الماضي 12 ديسمبر يوما اعتمدته الأمم المتحدة قبل أربع سنوات يوما دوليا للحياد. ورغم غرابة المسمى التي لا تقل غموضا عن المفهوم، إلا أن قرار الاعتماد يبدو أنه لم يغادر طاولة من قام بالتوقيع عليه إن أحسنا الظن، فقد يكون قد غادرها إلى تلك السلة المكتظة بعشرات القرارات الأممية منذ اليوم الأول لتأسيس الهيئة الدولية. قرار إعلان اليوم الذي اعتمدته الجمعية العامة -بدون تصويت- تضمن إشارات إلى مبادئ عامة أصبحت جزءا من الديكور الداخلي لقاعات وردهات المنظمات الدولية، ولمسة تجميلية لمطبوعاتها ومواقعها الإلكترونية خاصة إذا كانت مكتوبة بلغات مختلفة. ما يهمنا في القرار الذي دُعي الجميع إلى التعامل معه في قالب احتفالي تعريفي، هو أنه يشكل مناسبة لطرح تساؤلات عن المفهوم الحقيقي للحياد وليس ذلك المعروف في الأدبيات الأممية. وكذلك عن العدسة التي يُقرأ بها هذا المصطلح في قاعة أخرى في مبنى الأمم المتحدة وهي قاعة مجلس الأمن، إضافة إلى رغبة جامحة في شرح عملي لتلك الجمل المبعثرة بين السطور مثل المساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتسوية المنازعات بطرق سلمية. قد لا يختلف اثنان في كوكب الأرض على أن الأمم المتحدة منظمة عاجزة حتى عن البقاء في خانة الحياد، ولا يشك أحد في ضعف أدواتها وآليات عملها، وعدم قدرتها على مواجهة التحديات التي تواجه العالم. فعالم اليوم ليس هو عالم منتصف القرن الماضي، فقد تغيرت المعادلة وتعددت الأطراف واختلفت المعايير، وأصبح الاقتصاد سيد السلام ووسيلة الحرب، وحتى حدود اليوم فقد تجاوزت الأطالس التي رسمها المستعمرون في كافة أنحاء المعمورة. ولم يعد يربط العالم اليوم بما مضى سوى وثائقيات تعج بالأبيض والأسود يمنح مؤلفها من يشاء أوسمة البطولة ويكتب اسم من يشاء في قائمة أعداء الإنسانية. إن كانت الدعوة للحياد صادقة وقبل الحديث عن الدول وتصنيفها إلى محايدة ومنحازة، فمن باب أولى أن تبدأ الأمم المتحدة بنفسها، وأن تعمل بصدق على تشخيص علتها، ومراجعة مواقفها، وأن تفتح بنية حسنة دفاترها وتقارير أداء منظماتها وموظفيها ومبعوثيها. وأخيرا.. على الهيئة الدولية إن أريد لها أن تكون فاعلة أن تستمع بضمير حي إلى صوت الحقيقة، وأن تتوقف عن الحياد تجاه إملاءات الأقوياء ومآسي المستضعفين. UNITEDADEL@