الرأي

نقص فنيي الصيانة ومستقبل صناعة الطيران

في ظل الإنتاج المتدفق وخصوصا من شركتي بوينج الأمريكية وإيرباص الأوروبية، والتنافس الشرس والتسابق بين شركات خطوط الطيران على طلبات شراء عدد كبير من الطائرات. تقول التقديرات إن العدد الحالي للطائرات في العالم يفوق 21,700 طائرة، وبحلول عام 2034م سوف تمتلئ السماء بـ 43,560 طائرة. كل هذه الأرقام والمعطيات تقابلها مشكلة حالية على أرض الواقع، وربما تتحول مستقبلا إلى كارثة تؤثر على صناعة الطيران، وهي نقص عدد الفنيين المؤهلين لصيانة الطائرات. حيث تنبّه المؤشرات إلى ضرورة توفُّر 609,000 فني صيانة لكي تستطيع الطائرات التحليق في الأجواء عام 2034م. والمتمعّن في جميع التقديرات والدراسات، يجد أن الشرق الأوسط هو السوق الأكثر نموا وتسارعا عالميا. حيث تمتلك شركات الطيران في هذه المنطقة حاليا 1,260 طائرة، وسوف يرتفع هذا العدد إلى ثلاثة أضعاف تقريبا ليصل إلى 3,480 طائرة بحلول عام 2034م باستثمار يقدَر بـ 730 مليار دولار. ولمواكبة عمليات التشغيل لهذا العدد من الطائرات لا بد من وجود عدد 66,000 فني صيانة طائرات. إن العلاقة بين عدد الطائرات وعدد الفنيين عالميا، نجدها علاقة لا تسير بالتوازي ولا في نفس الاتجاه. وقد كانت هذه العلاقة بالتحديد محور نقاش وقضية أساسية في أغلب المؤتمرات والملتقيات العالمية المتخصصة في الطيران. وقد طُرِحت أوراق بحثية وانعقدت عدة ورش عمل خصيصا لهذه القضية، كان أضخمها ورشة العمل تلك التي حضرها أكبر شركات التصنيع في مجال الطيران (سفران، برات اند وتني، بل، هنيول، جي إي) في عام 2013م تحت عنوان (نقص فنيي صيانة الطائرات): وتوصلت ورشة العمل إلى أن هناك 10 وظائف في مجال الطيران (المدني والعسكري) يصعب إشغالها، يأتي في قمة هرم تلك القائمة فنيو الصيانة، وذلك بسبب عامل الوقت، فترة التدريب وفترة تكوين الخبرة. ويمكن اختصار توصيات ورشة العمل إلى ما يلي: * تقوم شركات الطيران بتوقيع شراكات مع الكليات والمعاهد المتخصصة في هذا المجال. * مبادرات حكومية. * إنشاء معاهد وكليات جديدة متخصصة. * زيادة الرواتب والحوافز لهذه الوظائف. * تحسين موقع وبيئة العمل. محليا.. تمتلك الخطوط السعودية أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران ذات سعة تقدر بـ 200 طالب. أما عن المبادرات الحكومية فقد طرحت وزارة التعليم عدد 2,000 فرصة ابتعاث توزّع على فترة خمس سنوات. لكن يظل هذا الرقم لا يتماشى مع التوسّع لشركات الطيران المحلية والقطاعات العسكرية، إضافة إلى حركة النقل الجوي المتوقعة للمملكة في السنوات المقبلة، وخصوصا تلك التي ترتبط بالرؤية 2030م (زيادة المعتمرين، دخول شركات طيران جديدة، تنشيط السياحة الداخلية، زيادة الصادرات) وغيرها والتي لها ارتباط بالنقل الجوي والطيران العسكري. وأرى من الممكن تحويل هذه المشكلة إلى فرصة استثمارية سواء لرأس المال الخاص أو العام، بإنشاء معاهد وكليات متخصصة في هذا المجال، ليصبح لدينا تعليم مخرجاته تتوافق مع سوق العمل، ورأسمال وطني يساعد في تنمية الموارد البشرية.