الرأي

مجرد نقد.. لا تشدوا أعصابكم!

أنس شفي
بداية علينا أن نعلم أن كل منظمة مهما كانت يجب أن تتيح قنوات لاستقبال الملاحظات والشكاوى من الجمهور المستهدف أو المستفيد، وتتجاوب معها، بل وتفرز الملاحظات والنقد بشكل دوري لتأخذها بعين الاعتبار في عمليات التقييم، سهولة الوصول لقنوات الشكاوى والملاحظات والتجاوب الحقيقي أهم إجراء لمنع تسرّب الملاحظات لأماكن أخرى وتفاقمها، ومن ثم بذل جهود أكبر لإخماد الحريق، والذي قد يخلف أضرارا وخسائر أكبر، فتتحول الفسيلة المشتعلة إلى نيران تأكل القريب ويشهد دخانها من يقف بعيدا، فالمشكلة باعتقادي ليست في إتاحة قنوات الشكاوى والنقد، بل في تفعيلها بالشكل المطلوب والاعتراف بالتقصير في هذا الجانب لدى بعض المنظمات. اعتدنا في المملكة العربية السعودية على أنظمة ولوائح تكفل لجميع الأفراد والمؤسسات حقوقهم، وأحد هذه الحقوق المشروعة للأفراد هو النقد البنّاء المشروع نحو منظمة يستفيد من خدماتها أو منتجاتها المواطن أو المقيم، وحينما نتحدث عن نقد بنّاء فإنه باختصار يعتمد على رصد السلبيات في خدمة ما أو منتج أو حتى في تطبيق بعض اللوائح من غير طبعا توجيه الاتهامات أو التزييف وتقديم النقد في قالب رأي شخصي وليس كحقيقة مسلّم بها، فمثال على النقد البنّاء أن أحكي تجربتي في مراجعة المراكز الصحية مثلا وعدم رضاي بالخدمة المقدمة وأسباب عدم رضاي، أما النقد الهدّام أو المرفوض والذي يلحقه تبعات أخرى فأن أشتكي مثلا من التأخير، ثم أرمي المنظمة بعينها بالفساد أو المحسوبية وغيرها من التهم، هذه المعادلة الصعبة نوعا ما بين النقد البنّاء والتشهير، جعلت البعض يعبر بقسوة لدرجة التعدي والتشهير بتهم زائفة ضد المؤسسات أو الشركات، والورطة الحقيقية حين يصرّح بذلك في أحد وسائل التواصل الاجتماعي للعموم فيرتكب بذلك جريمة التشهير. وكردة فعل غير سليمة اتصاليا، تميل بعض المنظمات، لعدم تقبل النقد بكل أنواعه بل الخروج عن السياق الاتصالي المتعارف عليه؛ فيستبدلون البيان الصحفي بطلب اعتذار أو اتخاذ إجراء قانوني ضد ذلك الفرد المسكين الذي ربما تضرر بالفعل من خدمة هذه المنظمة باعتبارها مؤسسة كأي مؤسسة في العالم لديها من الأخطاء والعثرات ما لديها، وكأن هذه المؤسسة لا تملك سوى إدارة قانونية ولا تعرف ماهية ودور إدارات الاتصال المؤسسي، فالطريقة المتبعة بتهديد الفرد أو اتخاذ إجراءات قانونية بحقه قد تجعله يتراجع وقد تردع مستقبلا من يفكر بالنقد ولكن الفكرة السلبية باقية وقائمة بدون أي إيضاح ومبررات، وكنتيجة حتمية لهذه المعالجة تخسر المؤسسة أو المنظمة تعاطف الرأي العام وتتوقف عن استقبال النقد من الخارج وبالتالي تتعطل عملية التطوير لهذه المؤسسة، وهذه النتيجة التي لا يرغب بها أحد خصوصا في رحلتنا العظيمة نحو الرؤية الواعدة، لذلك مهما كان النقد حادا ضد أي منظمة؛ وسعوا صدوركم وابحثوا عن الحلول الاتصالية الفعالة لإيقاف هذا النقد بدون تشنج وشد أعصاب وملاحقات قانونية.