السياسة الأمريكية بين التنظير والواقع
السبت / 7 / جمادى الأولى / 1443 هـ - 23:05 - السبت 11 ديسمبر 2021 23:05
تأثرت السياسة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية بآراء المفكرين ورجال الرأي، ويظهر ذلك بجلاء في عهد الرئيس نيكسون الذي تأثر بآراء هنري كيسنجر صاحب نظرية القوة التي أصبحت مادة أساسية في مناهج العلوم السياسية كما يقول الأستاذ يوسف مكي، ومن خلال تلك الرؤية شرعت القوة الأمريكية تسيطر على أهم الجغرافيا الجيوسياسية في العالم وبنمطية التلويح المستمر باستخدام القوة الضاربة.
وفي بدايات القرن الحالي، تأثر الرئيس جورج بوش الابن ومعه صقور الجمهوريين بأفكار ريتشارد بيرل وآرائه التي أذرعت للمحافظين الجدد دخول الحرب في أفغانستان والعراق، وإسقاط نظامي طالبان وصدام، وذلك ضمن منهجية تم وسمها بالفاشلة نتيجة التريليونات التي تلاشت دون تحقيق الأهداف المرجوة من تلك الحرب.
المحافظون الجدد تأثروا أيضا بأفكار فرانسيس فوكوياما ونظريته نهاية التاريخ، وقد اعتقدوا من خلالها أن باستطاعتهم صناعة نظم ليبرالية ديمقراطية ستكون قدوة لنشر القيم الغربية في منطقة الشرق الأوسط برمتها، فمن وجهة نظر فوكوياما أن العالم مقبل على النظم الغربية لا محالة، فقد بالغ أنصاره في تمجيد الاستثنائية الأمريكية وقدراتها العسكرية، ومما زاد الطين بلة، اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008م، والتي وقفت أمامها الرأسمالية الغربية عاجزة تماما عن إيجاد حلول ناجعة للخروج منها، وبالتالي نستطيع القول إن مثالية فوكوياما ونهاية التاريخ قد انتهت هنا.
هنا تظهر مقارنة بسيطة لا بد من الحديث عنها، فالتريليونات الدولارية التي صرفتها الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب منذ عام 2003م، يقابلها آلاف المصانع التي أنشأتها الصين في نفس الفترة، وجنت من خلالها تريليونات من الدولارات، فضلا عن تزايد قوتها العسكرية، ولهذا يبدو أن الأمريكان قد أحسوا بخطأ أفكار ريتشارد بيرل وفرانسيس فوكوياما، وأن من الحكمة إنهاء الحروب الخارجية ومغادرة أفغانستان وساحات الصراع الملتهبة، كما أن فكرة القوة التي طرحها كيسنجر لم تعد مجدية هي الأخرى، لا سيما في عالم جديد يتشكل وبصورة متسارعة تجاه التعددية القطبية، ويتسع لدول بدأت تتهيأ لهذه المرحلة القادمة، كالصين وروسيا وأوروبا.
مؤخرا صدر كتاب لإلبردج كولبي بعنوان: استراتيجية الإنكار، وتدور الفكرة الرئيسة في تنظير المؤلف حول ضرورة شن واشنطن الحرب العسكرية على بكين لمنعها من الهيمنة على العالم، بمعنى أن على واشنطن أن تستبق الحرب، فهذه الطريقة الوحيدة أمام واشنطن لهزيمة الصين، ولا شك أن هذه الرؤية الضيقة قد تغير خارطة العالم وتكلف الولايات المتحدة مستقبلها وصدارتها، فهل ستذعن الرئاسة الأمريكية لتنظيرات كولبي؟ لا سيما أن نظرة بسيطة إلى الواقع تخبرنا أن الصراع مع بكين حرب اقتصادية فحسب، وعلى واشنطن مجاراتها ضمن الإطار الاقتصادي فقط؟!.
albakry1814@
وفي بدايات القرن الحالي، تأثر الرئيس جورج بوش الابن ومعه صقور الجمهوريين بأفكار ريتشارد بيرل وآرائه التي أذرعت للمحافظين الجدد دخول الحرب في أفغانستان والعراق، وإسقاط نظامي طالبان وصدام، وذلك ضمن منهجية تم وسمها بالفاشلة نتيجة التريليونات التي تلاشت دون تحقيق الأهداف المرجوة من تلك الحرب.
المحافظون الجدد تأثروا أيضا بأفكار فرانسيس فوكوياما ونظريته نهاية التاريخ، وقد اعتقدوا من خلالها أن باستطاعتهم صناعة نظم ليبرالية ديمقراطية ستكون قدوة لنشر القيم الغربية في منطقة الشرق الأوسط برمتها، فمن وجهة نظر فوكوياما أن العالم مقبل على النظم الغربية لا محالة، فقد بالغ أنصاره في تمجيد الاستثنائية الأمريكية وقدراتها العسكرية، ومما زاد الطين بلة، اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008م، والتي وقفت أمامها الرأسمالية الغربية عاجزة تماما عن إيجاد حلول ناجعة للخروج منها، وبالتالي نستطيع القول إن مثالية فوكوياما ونهاية التاريخ قد انتهت هنا.
هنا تظهر مقارنة بسيطة لا بد من الحديث عنها، فالتريليونات الدولارية التي صرفتها الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب منذ عام 2003م، يقابلها آلاف المصانع التي أنشأتها الصين في نفس الفترة، وجنت من خلالها تريليونات من الدولارات، فضلا عن تزايد قوتها العسكرية، ولهذا يبدو أن الأمريكان قد أحسوا بخطأ أفكار ريتشارد بيرل وفرانسيس فوكوياما، وأن من الحكمة إنهاء الحروب الخارجية ومغادرة أفغانستان وساحات الصراع الملتهبة، كما أن فكرة القوة التي طرحها كيسنجر لم تعد مجدية هي الأخرى، لا سيما في عالم جديد يتشكل وبصورة متسارعة تجاه التعددية القطبية، ويتسع لدول بدأت تتهيأ لهذه المرحلة القادمة، كالصين وروسيا وأوروبا.
مؤخرا صدر كتاب لإلبردج كولبي بعنوان: استراتيجية الإنكار، وتدور الفكرة الرئيسة في تنظير المؤلف حول ضرورة شن واشنطن الحرب العسكرية على بكين لمنعها من الهيمنة على العالم، بمعنى أن على واشنطن أن تستبق الحرب، فهذه الطريقة الوحيدة أمام واشنطن لهزيمة الصين، ولا شك أن هذه الرؤية الضيقة قد تغير خارطة العالم وتكلف الولايات المتحدة مستقبلها وصدارتها، فهل ستذعن الرئاسة الأمريكية لتنظيرات كولبي؟ لا سيما أن نظرة بسيطة إلى الواقع تخبرنا أن الصراع مع بكين حرب اقتصادية فحسب، وعلى واشنطن مجاراتها ضمن الإطار الاقتصادي فقط؟!.
albakry1814@