الرأي

انج سعد فقد هلك سعيد

ماجد بن نويصر
لا تحتاج إلى أكثر من موجز أخبار على قناة بسيطة حول أوضاع إيران وأذنابها في المنطقة حتى تفهم المثل العربي المعنون به هذه المقالة.

لم تعد هذه الأذناب تدري ما الذي يجري من حولها، ولم يعد يعرف أي الأذناب عليه أن يتصل لا لشيء إلا لإيجاد أدنى إجابة أو تفسير عن التساؤل الوحيد في أذهانهم الآن (ما الذي يجري؟!).

الحوثيون مثلا استغلوا بقذارة فترة وقف التحالف العربي للعمليات العسكرية والإسناد الجوي، إفساحا للمجال أمام دبلوماسية المجتمع الدولي حتى تقر أعينهم بالمستضعفين الحوثيين، فحولوا مطار صنعاء الدولي ذا الطبيعة الإنسانية والاجتماعية الأممية إلى ورشة لصناعة مضادات الطيران والقصور الرئاسية تحولت إلى مخازن للذخيرة، وبعد أن شاهد العالم بعينيه أن لا دبلوماسية ولا مشروع دولة ولا شيء سوى عصابات إرهابية منحرفة، وبعد أن سئم قادة التحالف تكتيك الأمم المتحدة.

لم يجدوا بدا من علاج وساوس الحوثي باستخدام تكتيك -المدرسة القديمة - (ويا الله كم أعشق هذا التكتيك).

وبعد عمليات استخباراتية ورصد لأهداف مسبقة التحديد، وعلى مأمن من الحوثي الذي فسر التوقف ضعفا فرفع السقف طامعا في إركاعنا مرغمين إلى طاولة المفاوضات، إذ لاح لهم من الشمال ظلل معتم، من أسراب طائرات الصقور قد أظلت ما بين المشرق والمغرب يتخللها وميض كأنه البرق فلم يجاوزوا وصفه سبحانه وتعالى «فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ».

لم يملك الحوثيون القدرة حتى أن يتذكروا أيهما تسبق الأخرى، الطائرة أم القذيفة، واختلط في رؤوسهم السمع بالبصر بالقات وأخذت الحمم تنصب عليهم من السماء صبا مزامنة مع نيران ألوية الساحل الغربي التهامية والعماليق الزرانيق بقيادة العميد طارق صالح فاجتمع عليهم العذاب من بين أيديهم ومن خلفهم ومن فوق رؤوسهم، حتى إن أحدهم ليطلب الموت فلا يجده، {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)} ومن لم يمت بهذا الجحيم مات مترديا من الجبل ومن كان في أسفل الجبل سقط عليه صاحبه الذي فوق الجبل.

وتحولت المناطق الجبلية التي كانوا يعتبرونها ميزة كبيرة لهم إلى أكبر مشاكلهم إذ أصبحت متاهات وحفر حالت دون فرارهم كثيرا منهم ومن لم تحمله ساقاه ليلا كان موعده صباحا مع أحد أبطال الجيش اليمني ليلتقطه التقاط أفراخ الحمام.

وما حال جبهة الحوثيين الشرقية بأفضل ممن على جبهات تعز والحديدة، إلا أن هؤلاء يدفعهم أنهم استفادوا من خذلان بعض رجال القبائل في بعض الجبهات فظنوا أن الجميع سيتساقط على هذا المنوال، واستلموا مديريات في نهم والبيضاء وشبوة ومأرب استلاما بعضها بمقاومة وبعضها بصفقات الأمن مقابل الأرض والعتاد مشهد خذلان المتهم الأول فيه هو حزب التجمع الوطني للإصلاح أو (إخوان اليمن).

فانطلقت المطايا الفارسية قاصدة حقول النفط والغاز وما إن نزلوا صحاري مأرب حتى وجدوا أمامهم شيئا لم يعهدوه من قبل، إنها الصحراء والأراضي المكشوفة ومن أراد منهم التسلل ليلا كانت له مروحيات الأباتشي على غير عجل.

واصطدمت طموحات العصابة وأربابها الصفوية بنفط مأرب وغازها في الفخ الرملي. بل بلغ منهم اليأس مبلغا جعلهم يدفعون بالأطفال والمجندين يتهافتون على محرقة مأرب تهافت الفراشات على النار، والويل والثبور لمن يجرؤ على الاعتراض أو مناقشة الأوامر الانتحارية من قبل السفير الصفوي في صنعاء (حسن ايرلو)، الذي بلغ به استخفافه بدمائهم درجة لا يتورع فيها عن اتهامهم بالجبن ووصفهم بأقذع الألفاظ مرددا (نحن الإيرانيون خسرنا مليون في الحرب أمام صدام) الأمر الذي دفع ببعض القادة ممن سئموا إملاءاته واستعلائه أن بدؤوا بتسريب معلومات عن أعداد القتلى منذ شهر يونيو فقط إلى قناة فرنسا 24، بالإضافة إلى صور لصفوف الجنائز التي لا تنتهي. لعلهم يجدون مخرجا لأنفسهم بافتعال شرارة من هنا أو ركوب موجة شعبية من هناك والبحث عن أي خيارات للثورة. ووسط حالة انعدام الثقة المتبادلة هذه بدأ مشرفو الحوثي بتغيير ألوان سياراتهم من اللون الأخضر إلى أي شيء آخر وسط أجواء مشحونة بين من يسمون أنفسهم بـ(القناديل) ممن ينتسبون إلى بني هاشم و(الزنابيل) ويقصدون سائر أهل اليمن من بقية القبائل ومع ذلك لا يهدأ المدعو أبو علي الحاكم قائد المنطقة العسكرية الرابعة ورئيس استخبارات الحوثي في محاولاته مع شيوخ القبائل لاستمالتهم ومحاولة إقناعهم بمشروع اللادولة الصفوي والدفع بأبنائهم في المحرقة أمام إخوانهم اليمنيين تحت ذريعة محاربة أمريكا وإسرائيل.

وعلى الرغم من تشكيك وزير الإعلام الإرياني بحقيقة عدد القتلى الحوثي (14700) وأنه أقل من النصف إلا أنه حتى لو افترضنا بصحته فسوف نستنتج بحسبة بسيطة إلى مائة قتيل في اليوم الواحد وبواقع أربعة قتلى في الساعة الواحدة، ناهيك عن الجرحى والمصابين، بالتأكيد ليس فيهم علج فارسي واحد ولا فرد من أفراد عائلة الحوثي أو قادته، بل كلهم من أبناء القبائل المستضعفين المرغمين بالتهديد القتل تارة وتفجير المنازل والتشريد تارة أخرى.

MBNwaiser@