اللاجئون والضياع
الاحد / 23 / ربيع الثاني / 1443 هـ - 20:01 - الاحد 28 نوفمبر 2021 20:01
سحر البحر وجمال الخضرة أصبحا الوجه المناقض للحياة لبعض اللاجئين وزمهرير جهنم فيها يواجهون الغرق والضياع وقانون الغاب.
كل أساطير الحرية والديموقراطية والعدالة، أحلام. انظر حولك جليا لترى حقيقة العالم وشعارات حقوق الإنسان.. والحقيقة الوحيدة هي لعبة المصالح.
حلم اللاجئين العيش الكريم بأمان، وللأسف يدفع البعض ضريبة باهظة لهذا الحلم، فيكونون فريسة الاستغلال أو العبودية الجديدة أو الموت بلا رحمة، بعد أن دفعتهم ظروفهم للخروج من ديارهم بالحروب والدمار وسقوط الأنظمة وتأجج نقاط صراع القوى العالمية والفساد الاقتصادي والانتهاكات الإنسانية.
مفوضية الأمم المتحدة للاجئين تحصي 82 مليون شخص حول العالم من النازحين قسرًا وهي الأعلى تاريخيا، ثلثا المهاجرين معظمهم من المسلمين.
يفرون لأصقاع الأرض بحثا عن حياة أفضل. ولكن هل يحدث دوما ذلك، أم أن فئة قد تستنفع وفئة ينولها الخيبات والشتات والذل والأنفاق الأشد ظلمة.
يتشبثون بخيط أمل وفرصة جديدة بالهروب عبر مهربين خارج بلدانهم فيقطعون الممرات برا وبحرا نحو هذا الأمل برحلة الموت التي يغرق بسببها الكثير بمراكب مهترئة في البحر أو التيه بالصحراء و غابات، تسمع اليوم في الأخبار عن أزمة اللاجئين بين بريطانيا وفرنسا وغرق اللاجئين واحدة تحذر وأخرى تهدد، وعن الصراع بين بلاروسيا وبولندا وترى صورا مأساوية للأبرياء على أبواب الشتاء وتهديد الموت بردًا وما خفي كان أعظم. تكرر المآسي وتتبادل الاتهامات السياسية وتتقاذف الكرات بين الشرق والغرب، ويقبع الناس فريسة الضياع ويعودون طوعية أو قسرًا ووضع صحي سيئ وأطفال تسلب طفولتهم.
مع كل الظلم كأنهم يقولون لا بأس تحمل فقدماك ساقاك لهنا!
السجال السياسي ومتابعته يكشف عن حقائق بألسنة متنوعة، وزير الدفاع البيلاروسي ذكر: الولايات المتحدة ودول الغرب حين دمرت دولا مزدهرة يوما ما صاروا يفرون منها العراق ..إلخ (ويرى أن الأزمة مفتعلة من جانب بولندا سندافع عن أرضنا حتى الموت، ولن نسمح لأحد أن يملي علينا ويخاطبنا من منطلق القوة، نحن شعب صغير له كرامته) واستعرض قوته ودعم الجيش الروسي له.
وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية (من الأجدى بالسياسيين البولنديين الذين يتهمون الرئيس البيلاروسي بإحداث أزمة المهاجرين العراقيين، أن يتذكروا أن وارسو لعبت دورا بارزا في تدمير العراق، وأكثر من ألفي جندي بولندي دخلوا العراق ضمن قوات الدول المتآلفة مع الولايات المتحدة لإحلال الديمقراطية، وتساءلت ساخرة عن استعداد بولندا لاستقبال ألفي عراقي من اللاجئين).
وشهد شاهد من أهلها، يدمرون البلدان ويتحدثون عن الإنسانية! فضريبة اللاجئين العراقيين يتحملها الغرب وعلى رأسهم أمريكا دمرت وشردت العراق وأفغانستان، ويجب أن تقوم بدورها تجاه هذا الدمار. وتكف عن دور الحمل في الدفاع عن الإنسانية التي ظهرت جلية في غوانتانامو.
كذلك العزيزة روسيا بعد قصف وتجربة الأسلحة على أراضي سوريا ما دورها في قضية 6 ملايين لاجئ؟!
ما هي مسؤولية الدول التي تشارك في هذه الصراعات؟
اللاجئون هم الخاسرون الوحيدون.
تفتح لهم دول أراضيها وقتما شاءت ولمن أرادت ولمن ينطبق عليه شروط تواكب نماءها وتضع أخرى أسوارا وفق حزمة من العوامل الجيو سياسية والجغرافية والاقتصادية والدينية. الاتحاد الأوروبي بشقيه الشرقي والغربي الغني، خير مثال على الاختلاف. فيرى البعض أن استقبال اللاجئين سيحفز آخرين على القدوم.
المجر وبولندا وتشييك ترفض مسألة اللجوء بتاتا، وهنغاريا تعترض على الاتحاد بأنهم يردون إدارة ملف الهجرة وليس إيقافه في حين تقبل دول أخرى اللجوء. في 2015 وصل مليون شخص لأوروبا، سمحت ألمانيا باستقبال مئات الآلاف لأسباب إنسانية كما ذكرت ميركل حينها.
اتفاقية دبلن تلزم اللاجئين بمجرد وصولهم لأي بلد بالاتحاد الاوروبي بأخذ البصمة الالكترونية وتفرض عليهم تقديم اللجوء في أول بلد بصم فيها.. مع هذا نال بعض اللاجئين موافقة ألمانيا باللجوء مع أنهم بصموا ببلد آخر.
هل سمعت بمخيم موريا باليونان؟ اللا إنساني الذي أكلته النيران وشيد مخيم بديل بخدمات أسوأ.
هل سمعت بالقاصرين الذي أخذوا من موريا دون ذويهم، من قبل بعض دول الاتحاد وعلى رأسهم لوكمسبورغ وألمانيا بمارس 2020 أكثر من 1600 لاجئ واعتبار ذلك عملاً إنسانيًا!
تخيل حجم الألم أن يسلم الأهل أولادهم للمجهول ويبتعدوا عنهم لينقذوهم من مخيم باليونان.
ما أسميه غطاء إنساني واستغلال القارة العجوز وحاجتها للشباب والقوة العاملة.
حتى الدول كإيطاليا واليونان تستفيد من اللاجئين الذين لا يملكون شهادات عليا ومهارة تؤهلهم للحياة الأوروبية، تستقبل بعضهم كعمالة رخيصة تدعم الاقتصاد وجني المحاصيل الزراعية.. إلخ.
يزداد العنف والأحوال الصعبة ضد اللاجئين بأوروبا وليس الحديث هنا تجنيا على إنسانية أي دولة، ولكن نقلاً عن المنظمة الدولية للهجرة بفبراير 2021 تحث (الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء عمليات الصد والطرد الجماعي واستخدام العنف والقوة المفرطة ضد اللاجئين أمر غير مبرر بمن فيهم الأطفال على الحدود).
الفكرة ردع المهاجرين بالظروف السيئة.
ولقد ذكر وزير خارجية الهجرة واللجوء اليوناني (قللنا تدفق المهاجرين بنسبة 80% عبر تطبيق سياسة فاعلة) السياسة الفاعلة التي تعترض عليها المنظمات الحقوقية! فجنوب أوروبا إيطاليا واليونان بوابة لحماية أوروبا الغنية!
وبريطانيا بخروجها من الاتحاد فعلت قوانين جديدة وفرضت عقوبات للمهاجرين غير الشرعيين تصل لسجن 4سنوات. وبالتأكيد لن تستثني بريطانيا الأراضي التي خاضت حروبًا فيها كالعراق مع أن تقرير تشيلكوت الخاص بالتحقيق بحرب العراق يؤكد فشل الحكومة في تحقيق أهدافها ونزوح مليون شخص من العراق!
الحل ليس عند الغرب والشرق فلكل قطب أهدافه، والحل وإن كان بعيد المنال في أنظارنا، لن يكون إلا من الداخل من عمق الدول المنهارة اقتصاديًا وحربيًا بالانشغال بازدهار أوطانها ووقف القتل والتعذيب والتهجير والفساد وتقديم المصالح الأجنبية.
AlaLabani_1@
كل أساطير الحرية والديموقراطية والعدالة، أحلام. انظر حولك جليا لترى حقيقة العالم وشعارات حقوق الإنسان.. والحقيقة الوحيدة هي لعبة المصالح.
حلم اللاجئين العيش الكريم بأمان، وللأسف يدفع البعض ضريبة باهظة لهذا الحلم، فيكونون فريسة الاستغلال أو العبودية الجديدة أو الموت بلا رحمة، بعد أن دفعتهم ظروفهم للخروج من ديارهم بالحروب والدمار وسقوط الأنظمة وتأجج نقاط صراع القوى العالمية والفساد الاقتصادي والانتهاكات الإنسانية.
مفوضية الأمم المتحدة للاجئين تحصي 82 مليون شخص حول العالم من النازحين قسرًا وهي الأعلى تاريخيا، ثلثا المهاجرين معظمهم من المسلمين.
يفرون لأصقاع الأرض بحثا عن حياة أفضل. ولكن هل يحدث دوما ذلك، أم أن فئة قد تستنفع وفئة ينولها الخيبات والشتات والذل والأنفاق الأشد ظلمة.
يتشبثون بخيط أمل وفرصة جديدة بالهروب عبر مهربين خارج بلدانهم فيقطعون الممرات برا وبحرا نحو هذا الأمل برحلة الموت التي يغرق بسببها الكثير بمراكب مهترئة في البحر أو التيه بالصحراء و غابات، تسمع اليوم في الأخبار عن أزمة اللاجئين بين بريطانيا وفرنسا وغرق اللاجئين واحدة تحذر وأخرى تهدد، وعن الصراع بين بلاروسيا وبولندا وترى صورا مأساوية للأبرياء على أبواب الشتاء وتهديد الموت بردًا وما خفي كان أعظم. تكرر المآسي وتتبادل الاتهامات السياسية وتتقاذف الكرات بين الشرق والغرب، ويقبع الناس فريسة الضياع ويعودون طوعية أو قسرًا ووضع صحي سيئ وأطفال تسلب طفولتهم.
مع كل الظلم كأنهم يقولون لا بأس تحمل فقدماك ساقاك لهنا!
السجال السياسي ومتابعته يكشف عن حقائق بألسنة متنوعة، وزير الدفاع البيلاروسي ذكر: الولايات المتحدة ودول الغرب حين دمرت دولا مزدهرة يوما ما صاروا يفرون منها العراق ..إلخ (ويرى أن الأزمة مفتعلة من جانب بولندا سندافع عن أرضنا حتى الموت، ولن نسمح لأحد أن يملي علينا ويخاطبنا من منطلق القوة، نحن شعب صغير له كرامته) واستعرض قوته ودعم الجيش الروسي له.
وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية (من الأجدى بالسياسيين البولنديين الذين يتهمون الرئيس البيلاروسي بإحداث أزمة المهاجرين العراقيين، أن يتذكروا أن وارسو لعبت دورا بارزا في تدمير العراق، وأكثر من ألفي جندي بولندي دخلوا العراق ضمن قوات الدول المتآلفة مع الولايات المتحدة لإحلال الديمقراطية، وتساءلت ساخرة عن استعداد بولندا لاستقبال ألفي عراقي من اللاجئين).
وشهد شاهد من أهلها، يدمرون البلدان ويتحدثون عن الإنسانية! فضريبة اللاجئين العراقيين يتحملها الغرب وعلى رأسهم أمريكا دمرت وشردت العراق وأفغانستان، ويجب أن تقوم بدورها تجاه هذا الدمار. وتكف عن دور الحمل في الدفاع عن الإنسانية التي ظهرت جلية في غوانتانامو.
كذلك العزيزة روسيا بعد قصف وتجربة الأسلحة على أراضي سوريا ما دورها في قضية 6 ملايين لاجئ؟!
ما هي مسؤولية الدول التي تشارك في هذه الصراعات؟
اللاجئون هم الخاسرون الوحيدون.
تفتح لهم دول أراضيها وقتما شاءت ولمن أرادت ولمن ينطبق عليه شروط تواكب نماءها وتضع أخرى أسوارا وفق حزمة من العوامل الجيو سياسية والجغرافية والاقتصادية والدينية. الاتحاد الأوروبي بشقيه الشرقي والغربي الغني، خير مثال على الاختلاف. فيرى البعض أن استقبال اللاجئين سيحفز آخرين على القدوم.
المجر وبولندا وتشييك ترفض مسألة اللجوء بتاتا، وهنغاريا تعترض على الاتحاد بأنهم يردون إدارة ملف الهجرة وليس إيقافه في حين تقبل دول أخرى اللجوء. في 2015 وصل مليون شخص لأوروبا، سمحت ألمانيا باستقبال مئات الآلاف لأسباب إنسانية كما ذكرت ميركل حينها.
اتفاقية دبلن تلزم اللاجئين بمجرد وصولهم لأي بلد بالاتحاد الاوروبي بأخذ البصمة الالكترونية وتفرض عليهم تقديم اللجوء في أول بلد بصم فيها.. مع هذا نال بعض اللاجئين موافقة ألمانيا باللجوء مع أنهم بصموا ببلد آخر.
هل سمعت بمخيم موريا باليونان؟ اللا إنساني الذي أكلته النيران وشيد مخيم بديل بخدمات أسوأ.
هل سمعت بالقاصرين الذي أخذوا من موريا دون ذويهم، من قبل بعض دول الاتحاد وعلى رأسهم لوكمسبورغ وألمانيا بمارس 2020 أكثر من 1600 لاجئ واعتبار ذلك عملاً إنسانيًا!
تخيل حجم الألم أن يسلم الأهل أولادهم للمجهول ويبتعدوا عنهم لينقذوهم من مخيم باليونان.
ما أسميه غطاء إنساني واستغلال القارة العجوز وحاجتها للشباب والقوة العاملة.
حتى الدول كإيطاليا واليونان تستفيد من اللاجئين الذين لا يملكون شهادات عليا ومهارة تؤهلهم للحياة الأوروبية، تستقبل بعضهم كعمالة رخيصة تدعم الاقتصاد وجني المحاصيل الزراعية.. إلخ.
يزداد العنف والأحوال الصعبة ضد اللاجئين بأوروبا وليس الحديث هنا تجنيا على إنسانية أي دولة، ولكن نقلاً عن المنظمة الدولية للهجرة بفبراير 2021 تحث (الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء عمليات الصد والطرد الجماعي واستخدام العنف والقوة المفرطة ضد اللاجئين أمر غير مبرر بمن فيهم الأطفال على الحدود).
الفكرة ردع المهاجرين بالظروف السيئة.
ولقد ذكر وزير خارجية الهجرة واللجوء اليوناني (قللنا تدفق المهاجرين بنسبة 80% عبر تطبيق سياسة فاعلة) السياسة الفاعلة التي تعترض عليها المنظمات الحقوقية! فجنوب أوروبا إيطاليا واليونان بوابة لحماية أوروبا الغنية!
وبريطانيا بخروجها من الاتحاد فعلت قوانين جديدة وفرضت عقوبات للمهاجرين غير الشرعيين تصل لسجن 4سنوات. وبالتأكيد لن تستثني بريطانيا الأراضي التي خاضت حروبًا فيها كالعراق مع أن تقرير تشيلكوت الخاص بالتحقيق بحرب العراق يؤكد فشل الحكومة في تحقيق أهدافها ونزوح مليون شخص من العراق!
الحل ليس عند الغرب والشرق فلكل قطب أهدافه، والحل وإن كان بعيد المنال في أنظارنا، لن يكون إلا من الداخل من عمق الدول المنهارة اقتصاديًا وحربيًا بالانشغال بازدهار أوطانها ووقف القتل والتعذيب والتهجير والفساد وتقديم المصالح الأجنبية.
AlaLabani_1@