الرأي

تصميم تجربة العميل: كيف تتجنب أخطاء كارثية؟

محمد حطحوط
مطار «وسط سيوداد الإسباني» Ciudad Real Central Airport سجل واحدة من أكبر الأخطاء التسويقية في قطاع الطيران. تعتبر إسبانيا وجهة سياحية في أوروبا، وتخفيفا للزحام في مطار مدريد، والذي يتسع لـ70 مليون مسافر سنويا، بدأت فكرة إنشاء مطار مساند، حيث يتسع مطار سيوداد لـ2 مليون مسافر، ورؤية المشروع لزيادته لـ10 ملايين سنويا، ثم التوسع مع الوقت. الكارثة أن الشركة أعلنت إفلاسها؛ لأنها لم تستطع إقناع سوى شركة طيران يتيمة لتجدول رحلاتها من مطار سيوداد.

السبب الرئيس خلف إفلاس مطار سيوداد تسويقي بحت، يبدأ أولا من موقع المطار؛ لأنه وإن كان معلنا عنه تسويقيا أنه في قلب إسبانيا، إلا أنه بعيد عن كل المدن الكبرى، حيث يبعد بالسيارة مثلا عن مدريد ساعتين!! عندما سألوا لاحقا وبعد فوات الأوان، العملاء المسافرين، لماذا يفضلون مدريد على مطار سيوداد، كان الجواب، أن سلوك العميل لا يرغب في سفر جديد بالسيارة للوصول للمدينة، خصوصا أنه قادم غالبا من رحلة دولية! بمعنى آخر، لم تصمم بشكل جيد تجربة العميل لهذا المطار. ليس هذا فحسب، العميل الأكثر أهمية، شركات الطيران، لا ترغب هي الأخرى في المطارات البعيدة عن العاصمة والمدن الكبيرة؛ لأن المخاطرة فيها أكثر، ونسبة الفشل فيها أكبر.

قصة مطار سيوداد الحزينة تؤكد ضرورة، ما يعرف اليوم في علم التسويق، بتصميم تجربة العميل Design the Customer Experience ، وهي سهل ممتنع، حيث تلبس قبعة العميل، وتكتب كل خطوات التماس المتوقعة لرحلة المشتري، وتتأكد أنها تجربة سهلة وجميلة ومريحة. سواء لمطار دفع فيه مليارات بحجم سيوداد، أو متجر لبيع المناجو، لابد أن تكون تجربة سهلة للعميل، سواء اتصل أو دخل الموقع، أو زار المحل، أو راسلنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

مطار سيوداد قصة فشل حزينة، وجدت نجاحا جزئيا في نهاية المطاف، حيث اشترته شركة أخرى، قبل كورونا بأشهر، ونظرا للموقع الجغرافي في قلب إسبانيا، غيرت نموذج العمل ليستهدف قطاع الشحن الجوي دوليا، واستغلت الأزمة ليصبح المطار الأكثر تفضيلا لشركات الطيران للتخزين الموقت، حيث استخدم المطار كموقف موقت للطائرات وقت الجائحة، نظرا لسعره المغري من جهة، وأجوائه الجافة من جهة أخرى.

mHatHut@