لسنا مجتمعا ملائكيا.. ومنصات التواصل رفعت الغطاء عنا فقط
السبت / 15 / ربيع الثاني / 1443 هـ - 18:28 - السبت 20 نوفمبر 2021 18:28
دعيت الأسبوع الماضي للمشاركة في برنامج «الشارع السعودي» الذي يقدمه الزميل الإعلامي خالد العقيلي على القناة الأولى، برفقة الدكتور مهند المجلد رئيس نيابة الجرائم المعلوماتية، والمستشارين: القانوني محمد الوهيبي والاجتماعي عبدالعزيز المبارك.
ولعل ما دعاني لقبول الدعوة هو عنوانها الصريح «المسؤولية والأخلاق في عوالم التواصل الاجتماعي»، خاصة وأنها جاءت بعد أيام قليلة من مقالي بهذه الصحيفة بعنوان «في مواقع التفسخ الاجتماعي.. ماذا يفعل أبناؤنا خلف أبوابهم المغلقة»، والذي رصدت فيه الكثير من الحالات الشاذة وغير المنضبطة على منصات التواصل الاجتماعي.
الأكيد أن الحلقة كانت ثرية بمحاورها ومداخلات ضيوفها؛ لذلك أجزم أن بعضنا لم يجد الفرصة الكافية للتعليق على كل ما ذكر، بسبب ضيق الوقت وتشعب الطرح، فأجدها فرصة سانحة لتوضيح ما لم أتمكن من قوله في البرنامج.
بداية، يجب الإيقان أن المجتمع السعودي كأي مجتمع في العالم، فيه الصالحون وفيه الفاسدون، وأي محاولة لتصويرنا بأننا مجتمع ملائكي، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هو تضليل ممنهج.
كما أن محاولة إلقاء تهمة المحتوى الفاسد والضار وغير الأخلاقي في منصات التواصل الاجتماعي على المقيمين في بلادنا وحدهم وتبرئة أبنائنا منه، فذلك كمن يدفن رأسه في الرمل كي لا يراه الآخرون.
أما الترويج لنظرية أننا مستهدفون، وأن قوى الشر العظمى المندسة بيننا، هدفها فقط إفساد المجتمع وتغيير طبيعته السوية، وتشويه صورته بانتحال جنسيته، فذلك تسطيح للمشكلة وهروب من أسبابها.
بدليل أن مخالفات التحرش التي حدثت سابقا في احتفالات اليوم الوطني، وافتتاح المواسم السياحية، وغيرها من الفعاليات التي شهدت تجمعا من الجنسين، كشفت استدعاءات النيابة العامة أن معظم مرتكبيها سعوديون.
وكذلك جرائم السرقة والسلب والاعتداء والقتل التي تعلن عنها يوميا وزارة الداخلية تحت شعار «تم القبض»، لم تقتصر جنسية الجناة فيها على غير السعوديين، بل فيها مواطنون.
واقتصادنا الوطني الذي عانى خلال عقود طويلة من نهب موارده واستغلالها، ألم يكن سعوديون هم معول الهدم في أساسه بالتستر التجاري والفساد؟
لذلك يجب التأكيد على أن ما نلحظه اليوم من تجاوزات تشوه مشهدنا العام، وقد تبدو صادمة للبعض في كثير من الأحيان، لا يعني بالضرورة أنها لم تكن موجودة سابقا، أو أنها وليدة اللحظة أو المتغيرات التي نعيشها حاليا، بل العكس تماما، كانت موجودة وحاضرة في أوقات ومناسبات خاصة، ولكن كل ما في الأمر أن منصات التفسخ الاجتماعي رفعت عنها الغطاء فقط، فشاهدها الباقون.
أمر آخر، لا يخالجني فيه شك أن المحرك الرئيس لكل ما نشاهده اليوم من محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، سواء من سعوديين أو مقيمين، هو الرغبة في الانتشار والشهرة لتحقيق المال. الفارق أن البعض لديه بضاعة جيدة يستطيع أن يقدمها للناس ويجني ثمارها، وآخرون مفلسون لم يجدوا لديهم ما يستحق العرض سوى أجسادهم ومفاتنهم، فعرضوها، وهؤلاء تزيد شهرتهم أو تنقص بحسب تعريهم وابتذالهم.
لذلك فإن بقاء الصورة ضبابية حيال ما هو مسموح به على منصات التواصل، والآخر الذي قد يكون مرفوضا ولا يمكن التعامل معه؛ لأنه قد يتقاطع أو يندرج تحت مفهوم الحرية الشخصية، سيجعل الباب مشرعا على مصراعيه، لكل منفلت وراقص جيد على حبال المتناقضات، وهم بكل أسف كثر.
وإلى أن يحسم هذا الأمر، فليس أقل من وقف مد طوفان هذه التطبيقات التي تملأ فضاءنا الالكتروني، والتي تدعو صراحة لكل ما هو شائن وغير أخلاقي، وتسهل لمتابعيها طريق الرذيلة والانحراف، حيث لا يحتاج الأمر لكثير من البحث والتنقيب للوصول لها، فيكفي تشغيل تطبيق واحد مجاني وستمطرك الإعلانات الترويجية بأسوأها. وهي تطبيقات إن لم تتصد لها جهات الاختصاص مبكرا، وقبل إدمان المراهقين عليها، سيكون من الصعب جدا معالجة آثارها لاحقا أو الفكاك من خطرها.
alnowaisir@
ولعل ما دعاني لقبول الدعوة هو عنوانها الصريح «المسؤولية والأخلاق في عوالم التواصل الاجتماعي»، خاصة وأنها جاءت بعد أيام قليلة من مقالي بهذه الصحيفة بعنوان «في مواقع التفسخ الاجتماعي.. ماذا يفعل أبناؤنا خلف أبوابهم المغلقة»، والذي رصدت فيه الكثير من الحالات الشاذة وغير المنضبطة على منصات التواصل الاجتماعي.
الأكيد أن الحلقة كانت ثرية بمحاورها ومداخلات ضيوفها؛ لذلك أجزم أن بعضنا لم يجد الفرصة الكافية للتعليق على كل ما ذكر، بسبب ضيق الوقت وتشعب الطرح، فأجدها فرصة سانحة لتوضيح ما لم أتمكن من قوله في البرنامج.
بداية، يجب الإيقان أن المجتمع السعودي كأي مجتمع في العالم، فيه الصالحون وفيه الفاسدون، وأي محاولة لتصويرنا بأننا مجتمع ملائكي، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هو تضليل ممنهج.
كما أن محاولة إلقاء تهمة المحتوى الفاسد والضار وغير الأخلاقي في منصات التواصل الاجتماعي على المقيمين في بلادنا وحدهم وتبرئة أبنائنا منه، فذلك كمن يدفن رأسه في الرمل كي لا يراه الآخرون.
أما الترويج لنظرية أننا مستهدفون، وأن قوى الشر العظمى المندسة بيننا، هدفها فقط إفساد المجتمع وتغيير طبيعته السوية، وتشويه صورته بانتحال جنسيته، فذلك تسطيح للمشكلة وهروب من أسبابها.
بدليل أن مخالفات التحرش التي حدثت سابقا في احتفالات اليوم الوطني، وافتتاح المواسم السياحية، وغيرها من الفعاليات التي شهدت تجمعا من الجنسين، كشفت استدعاءات النيابة العامة أن معظم مرتكبيها سعوديون.
وكذلك جرائم السرقة والسلب والاعتداء والقتل التي تعلن عنها يوميا وزارة الداخلية تحت شعار «تم القبض»، لم تقتصر جنسية الجناة فيها على غير السعوديين، بل فيها مواطنون.
واقتصادنا الوطني الذي عانى خلال عقود طويلة من نهب موارده واستغلالها، ألم يكن سعوديون هم معول الهدم في أساسه بالتستر التجاري والفساد؟
لذلك يجب التأكيد على أن ما نلحظه اليوم من تجاوزات تشوه مشهدنا العام، وقد تبدو صادمة للبعض في كثير من الأحيان، لا يعني بالضرورة أنها لم تكن موجودة سابقا، أو أنها وليدة اللحظة أو المتغيرات التي نعيشها حاليا، بل العكس تماما، كانت موجودة وحاضرة في أوقات ومناسبات خاصة، ولكن كل ما في الأمر أن منصات التفسخ الاجتماعي رفعت عنها الغطاء فقط، فشاهدها الباقون.
أمر آخر، لا يخالجني فيه شك أن المحرك الرئيس لكل ما نشاهده اليوم من محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، سواء من سعوديين أو مقيمين، هو الرغبة في الانتشار والشهرة لتحقيق المال. الفارق أن البعض لديه بضاعة جيدة يستطيع أن يقدمها للناس ويجني ثمارها، وآخرون مفلسون لم يجدوا لديهم ما يستحق العرض سوى أجسادهم ومفاتنهم، فعرضوها، وهؤلاء تزيد شهرتهم أو تنقص بحسب تعريهم وابتذالهم.
لذلك فإن بقاء الصورة ضبابية حيال ما هو مسموح به على منصات التواصل، والآخر الذي قد يكون مرفوضا ولا يمكن التعامل معه؛ لأنه قد يتقاطع أو يندرج تحت مفهوم الحرية الشخصية، سيجعل الباب مشرعا على مصراعيه، لكل منفلت وراقص جيد على حبال المتناقضات، وهم بكل أسف كثر.
وإلى أن يحسم هذا الأمر، فليس أقل من وقف مد طوفان هذه التطبيقات التي تملأ فضاءنا الالكتروني، والتي تدعو صراحة لكل ما هو شائن وغير أخلاقي، وتسهل لمتابعيها طريق الرذيلة والانحراف، حيث لا يحتاج الأمر لكثير من البحث والتنقيب للوصول لها، فيكفي تشغيل تطبيق واحد مجاني وستمطرك الإعلانات الترويجية بأسوأها. وهي تطبيقات إن لم تتصد لها جهات الاختصاص مبكرا، وقبل إدمان المراهقين عليها، سيكون من الصعب جدا معالجة آثارها لاحقا أو الفكاك من خطرها.
alnowaisir@