الإعلام الوطني الخالص والمتخالِص
الاثنين / 10 / ربيع الثاني / 1443 هـ - 19:36 - الاثنين 15 نوفمبر 2021 19:36
عند تراكم أمطار الأزمات تطفو مطالبات وجود الإعلام الخالص من أبناء البلد، بمنظور غير منطقي. فهل يوجد إعلام خالص من أبناء قومية أو عرقية واحدة؟
الواقع المعاش يقول «إن معظم قنوات الإعلام حتى في الدول المتقدمة متخالص بخبراء ومهنيين من كل فج وعرقية، طالما يؤدون المنهجية المَخْلُوص إليها من وجهة نظر متكاتفة تسعى للبروز وتزيين الواجهات الخارجية».
وحتى تكتفي دولة معينة بخبراء إعلام ومهنيين وطنيين؛ فلابد أن يكون لديها قاعدة عريضة وتاريخ راسخ ورؤية في صنع الأجيال الإعلامية بمعاهد وجامعات، وأطر ممارسات حقيقية منفتحة حرة تغطي جميع شرائح الصناعة، وهذا ما لم نجده في إعلام دول الخليج.
سطوة الأموال المتلتلة تستطيع تحويل قناة الجزيرة إلى قناة روتانا، أو أم بي سي «على سبيل المثال»، والعكس صحيح، نزولا عند الحاجة، والهدف، لتشكيل الكينونة، سواء من أهل الوطن ذاته، أو المحبين، أو حتى من المرتزقة.
سبق إعلامي مؤسساتي نشأ بداية في لبنان ومصر، وأفراد من سوريا والسودان وفلسطين وتونس والمغرب والأردن والعراق تمرسوا بشكل عصامي، وتشاركوا في صنع خريطة إعلام عربي خاص برز وتمكن، إضافة إلى مشاركاتهم في مختلف قنوات الإعلام الأجنبية الناطقة بالعربية.
خليجيا وجدنا مؤسسات إعلامية خاصة طموحة عملاقة، منذ ثلاثة عقود، مثل إيه أر تي، إم بي سي، وروتانا، والجزيرة وغيرها، بنهج التمرد على القوالب الضيقة، التي كانت تدار بها القنوات العربية الحكومية، فنالت الحضور والتأثير والانتشار.
حكومات الدول، التي تأتي منها هذه القنوات هي من يتحكم برسم السياسة المتبعة في الوسيلة الإعلامية حسب أهدافها المرجوة.
والقنوات تنتقي من يلتحق بكوادرها، ومن يخرج، أو يستمر نزولا عند عطائه في زمن الرضا عنه، أو إخفاقه ساعة ثبوت الضرر.
والحقيقة أن الإعلام الخاص تجارة مربحة جدا، ما يجبر ملاكه على التمسك ببعض الأسماء حتى على مضض، والتضحية ببعض المبدعين، لتستمر عجلة الربحية المتزامنة مع رضا الجهة الرسمية عن الأداء.
معادلة من الصعب الخلوص إليها دون مطبات سياسية وتذبذب ربحي، ما يجعل بعض القنوات الإعلامية تبدع، وبعضها تتعثر، وربما تضطر لتغيير نهجها بشكل فجائي، لتحقيق التلاؤم.
المهني غير الوطني، قد يكون مخلصا لقناته، وقد يكون كارها مناهضا يعمل معها بالتقية، وإخفاء عيوبه وتوجهاته وقتيا، ثم لا يلبث بعد الاستغناء عنه أن يفجر قنابل غضبه الخافي، ويرحل للتكسب من خلال تصريحات ولقاءات وكتب ينزه بها نفسه، ويبرر نقمته وتحوله.
وهذا يدل على أن المنظومة الإعلامية لم تحسن الاختيار الشفيف المتناسب مع واقع الأمس واليوم والمستقبل.
نعم، الأخطاء واردة، ولكن لابد لوزارات الإعلام في الدول المعنية من تبديل ثيابها القشيبة البراقة، والنزول لأرض المعترك، وتولي المسؤولية، وصنع مقدرات عناصرها (جنودها) من أبناء البلد المهنيين، ورسم الخطط الزمنية لهم للتدرب وتولي المهام والحرف، بتدرج منطقي يجعلهم الأقدر على القيادة، عكس من توهب لهم المناصب، وعقولهم فتحات كهوف، تعجز عن صد رياح وعواصف الشتاء، من يتركون المهام المصيرية لمن لا يهتمون بالنتيجة لو أصبحت كارثية، والمهرجان يستمر.
لقد كشف أحد مذيعي قناة خليجية المستأجرين الحقيقة المرة، وسط أزمة حادة شعر فيها بالخوف، بأن الخيوط لو ضاقت، فجوازه الأجنبي ما يزال في جيبه المنتفخ.
shaheralnahari@
الواقع المعاش يقول «إن معظم قنوات الإعلام حتى في الدول المتقدمة متخالص بخبراء ومهنيين من كل فج وعرقية، طالما يؤدون المنهجية المَخْلُوص إليها من وجهة نظر متكاتفة تسعى للبروز وتزيين الواجهات الخارجية».
وحتى تكتفي دولة معينة بخبراء إعلام ومهنيين وطنيين؛ فلابد أن يكون لديها قاعدة عريضة وتاريخ راسخ ورؤية في صنع الأجيال الإعلامية بمعاهد وجامعات، وأطر ممارسات حقيقية منفتحة حرة تغطي جميع شرائح الصناعة، وهذا ما لم نجده في إعلام دول الخليج.
سطوة الأموال المتلتلة تستطيع تحويل قناة الجزيرة إلى قناة روتانا، أو أم بي سي «على سبيل المثال»، والعكس صحيح، نزولا عند الحاجة، والهدف، لتشكيل الكينونة، سواء من أهل الوطن ذاته، أو المحبين، أو حتى من المرتزقة.
سبق إعلامي مؤسساتي نشأ بداية في لبنان ومصر، وأفراد من سوريا والسودان وفلسطين وتونس والمغرب والأردن والعراق تمرسوا بشكل عصامي، وتشاركوا في صنع خريطة إعلام عربي خاص برز وتمكن، إضافة إلى مشاركاتهم في مختلف قنوات الإعلام الأجنبية الناطقة بالعربية.
خليجيا وجدنا مؤسسات إعلامية خاصة طموحة عملاقة، منذ ثلاثة عقود، مثل إيه أر تي، إم بي سي، وروتانا، والجزيرة وغيرها، بنهج التمرد على القوالب الضيقة، التي كانت تدار بها القنوات العربية الحكومية، فنالت الحضور والتأثير والانتشار.
حكومات الدول، التي تأتي منها هذه القنوات هي من يتحكم برسم السياسة المتبعة في الوسيلة الإعلامية حسب أهدافها المرجوة.
والقنوات تنتقي من يلتحق بكوادرها، ومن يخرج، أو يستمر نزولا عند عطائه في زمن الرضا عنه، أو إخفاقه ساعة ثبوت الضرر.
والحقيقة أن الإعلام الخاص تجارة مربحة جدا، ما يجبر ملاكه على التمسك ببعض الأسماء حتى على مضض، والتضحية ببعض المبدعين، لتستمر عجلة الربحية المتزامنة مع رضا الجهة الرسمية عن الأداء.
معادلة من الصعب الخلوص إليها دون مطبات سياسية وتذبذب ربحي، ما يجعل بعض القنوات الإعلامية تبدع، وبعضها تتعثر، وربما تضطر لتغيير نهجها بشكل فجائي، لتحقيق التلاؤم.
المهني غير الوطني، قد يكون مخلصا لقناته، وقد يكون كارها مناهضا يعمل معها بالتقية، وإخفاء عيوبه وتوجهاته وقتيا، ثم لا يلبث بعد الاستغناء عنه أن يفجر قنابل غضبه الخافي، ويرحل للتكسب من خلال تصريحات ولقاءات وكتب ينزه بها نفسه، ويبرر نقمته وتحوله.
وهذا يدل على أن المنظومة الإعلامية لم تحسن الاختيار الشفيف المتناسب مع واقع الأمس واليوم والمستقبل.
نعم، الأخطاء واردة، ولكن لابد لوزارات الإعلام في الدول المعنية من تبديل ثيابها القشيبة البراقة، والنزول لأرض المعترك، وتولي المسؤولية، وصنع مقدرات عناصرها (جنودها) من أبناء البلد المهنيين، ورسم الخطط الزمنية لهم للتدرب وتولي المهام والحرف، بتدرج منطقي يجعلهم الأقدر على القيادة، عكس من توهب لهم المناصب، وعقولهم فتحات كهوف، تعجز عن صد رياح وعواصف الشتاء، من يتركون المهام المصيرية لمن لا يهتمون بالنتيجة لو أصبحت كارثية، والمهرجان يستمر.
لقد كشف أحد مذيعي قناة خليجية المستأجرين الحقيقة المرة، وسط أزمة حادة شعر فيها بالخوف، بأن الخيوط لو ضاقت، فجوازه الأجنبي ما يزال في جيبه المنتفخ.
shaheralnahari@