الرأي

أرامكو السعودية تلعب الغولف منذ 1945م وتستضيف بطلات العالم في 2021م

سلمى محمد هوساوي
تعد رياضة الغولف ذات شعبية كبيرة على المستوي العالمي؛ لارتباطها بطبقة الملوك والقياصرة والنبلاء، أي: الطبقة المخملية، أو «العليا» من المجتمع، ويعود تاريخ نشأتها إلى دول عدة؛ على اعتبار أن كل دولة ترى أن الفضل يعود إليها في اختراع هذه الرياضة. تاريخيا، ظهورها كان في أوروبا عند اليونان؛ حيث وردت في أشعار «هوميروس» (الإلياذة والأوديسة) ممارسة المجتمع اليوناني للرياضة باستخدام الكرة، وهناك لعبة مشابهة ظهرت في العصر المملوكي أيضا «البولو»، وتستخدم فيها الكرة والمضرب، كان الهدف منها التدريب على الفروسية؛ حيث كان السلطان في القاهرة يخرج في كل عام إلى الساحة ويمارس هذه الرياضة، ويكتب إلى نوابه في المدن الأخرى للخروج لممارسة الرياضة بالتوقيت نفسه، فالأداتان (المضرب) و(الكرة) متشابهتان في الرياضتين؛ لكن الاختلاف في ركوب الخيل؛ إذ هو خاص برياضة «البولو».

وبرزت هذه الرياضة في أسكتلندا أواخر العصور الوسطى (القرن الـ18)، وقواعد اللعبة وضعت في البداية لطبقة الأثرياء؛ ليستمتعوا بلعبها دون غيرهم من طبقات المجتمع، وهذا يعطينا دلالة على أن اللعبة نشأت في البداية لتميز طبقة عن أخرى، أو للتفرقة بين ألعاب الأثرياء والفقراء، ونعتقد بأن ارتباط هذه اللعبة بطبقة معينة من المجتمع؛ نظرا لما تحتاج إليه من مصاريف ونفقات، ومع مرور الوقت تطورت قواعد اللعبة وقوانينها وأصبحت تمارس عالميا من كل فئات المجتمع، لجمال اللعبة وقوة التنافس فيها.

أما في المملكة فعرفت هذه اللعبة منذ عام 1945م عندما مارسها مجموعة من موظفي شركة أرامكو الأوروبيين، وفي 1962م أنشئ أول ملعب غولف في السعودية. ففي فترة وجيزة أخذت هذه الرياضة حيزا من الرعاية والاهتمام، بداية من استضافة بطولة الغولف العامين الماضيين 2019 - 2020م في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية (ملعب رويال غرينز)، وصولا إلى توقيع اتفاقية شراكة بين غولف السعودية وهيئة تطوير بوابة الدرعية؛ تهدف إلى إنشاء ملعب غولف عالمي يشتمل على 27 حفرة، من تصميم جريح نورمان، وبذلك تصبح الدرعية الواجهة الثقافية المستضيفة لبطولات الغولف، على اعتبار الدرعية التي يعود تاريخها المعماري إلى أكثر من 300 عام، تضم (حي طريف) الذي يحكي ماضيا عريقا للمملكة؛ كونه مقر تأسيس الدولة السعودية الأولى والثانية، ومنه انطلقت المملكة العربية السعودية.

ومشروع بوابة الدرعية يهدف إلى جذب 25 مليون زائر سنويا، والموقع مسجل في قائمة التراث العالمي اليونسكو عام 2010م، وهذه الاتفاقية سوف يتم بها التعريف بالتراث الثقافي السعودي، وتعزيز وتصدير هوية المملكة للعالم من خلال تراثها.

والمرأة حاضرة بشكل بارز في رؤية المملكة؛ إذ إنها تشارك في مختلف المجالات، فبدعم من صندوق الاستثمارات العامة شاركت المرأة في بطولة أرامكو السعودية خلال الفترة 4 - 7 نوفمبر 2021، في ملعب (رويال غرينز) ليكون أول حدث للغولف النسائي في المملكة، وتقدر جائزته بنحو مليون دولار، وقام الحدث تحت مظلة «الجولة الأوروبية للسيدات».

وفي السياق نفسه، تقوم الخطط الاستراتيجية للاتحاد السعودي على نشر ثقافة هذه الرياضة وتوسيع قاعدة جماهيرها وممارسيها من الجنسين، أضف إلى ذلك جعل المملكة واجهة عالمية لاستضافة البطولات العالمية، وتعزيز مكانتها وعلاقاتها الدولية إقليميا وعالميا، إلى جانب تنويع مصادر الاقتصاد الوطني.

وتعمل الأنشطة الرياضية على اختلافها على تحسين جودة حياة الفرد والمجتمع؛ باعتبار الرياضة من القطاعات المرتبطة ببرنامج جودة الحياة في رؤية المملكة 2030؛ إذ إن من أهداف هذا البرنامج «تعزيز ممارسة الأنشطة الرياضية في المجتمع»، و»تحقيق التميز في رياضات عدة إقليميا وعالميا».

وهنا سؤال يطرح نفسه: هل «الغولف» تطورت من «البولو»؟

@hosawi_s