الرأي

خواطر صباحية

تفاعل

من شرفة الصباح أطل على الحياة وألقي عليها التحية: «صباح الخير أيتها الحياة» أقتطف ما تأخر النائمون عن اقتطافه، وأسأل الذاهبين إلى شؤونهم خلوا من هبات الصباح: ما أعجلكم عنها! من يشهد الصباحات ينال الكثير من الخيرات، بركة وقت ونشاط بدن واعتدال مزاج. أما أولى هباته فالبركة (بورك لأمتي في بكورها) ثم علائل أنفاسه (والصبح إذا تنفس)، ثم ضياؤه الجالي للظلمة (والنهار إذا جلاها) ثم موسيقاه التي تتشارك فيها الأطيار مع باقي المخلوقات دوزنة صوت الحياة. في الصباح يصفو الذهن، وتنشط الهمم، وتتفتق الأفكار، وتحلو الكتابة وتحلق الفنون بأربابها. وفيه تتجدد الحياة للمتفائلين وتتكاثر الفرص للمتحينين ويتلون الكون للمتأملين بألف لون ولون. وأحسن ما يكون الصباح حين يستفتح بدعوة من الوالدين أحدهما أو كليهما، أو اتصال من حبيب أو برؤية وجه طفل نفض عنه أحلامه للتو. علاقتي بالصباح بدأت ذات عطلة حين عزمت على تغيير عادات نومي، فكان حظي مع صباح شتائي من صباحات الرياض، وكان أن أغرمت بالصباح من أول يقظة. أصبحت في حالة شغف بإطلالة النور وبريد النشور ومبتدأ الرزق ويقظة الحياة وابتهاج الطيور. إنه هبة من رب الصباح فهل ترد الهبات..؟ أما صباحي فأحب أن أبدأه طواعية دون استنفار المنبه، أبتدره بسم الله فيبتدرني باسم الحياة، يجيد التعامل مع مزاجي الصباحي المتعكر أحيانا فيبدأ بإزاحة الستائر عن شمس بيضاء لطيفة، ثم يدير أسطوانته العصافيرية التي لا تمل، ثم يغريني بقهوة لا تقاوم في محاولة منه لرشوة مزاجي حتى أصل إلى حد(الروقان)! لا يخالفني حين أقرر قضاء ساعاته في البيت أو خارجه، لوحدي أو مع رفيقة، بصحبة كتاب أو صحيفة ورقية أو الكترونية. هو فقط يمنحني ساعاته لأعيشها كيفما أحب. إن هذا الذي طرق برقة باب يومنا وجاء ليسلم علينا ويهدينا ضياء بعد ظلمة وحياة كبرى بعد موتة صغرى يستحق أن نعيشه ونملأه حمدا، إنه يحيي فينا الأمل وينسينا ما رقدنا على أنقاضه البارحة. إلى عشاق السهر: لا تفوتوا صباحاتكم.