الرأي

أثر ثبوت نشوز الزوجة على النفقة

عبدالله قاسم العنزي
الزواج عبارة عن مجموعة من القيم الإنسانية من المودة والرحمة والاستقرار، غير أن هذه القيم التي يجب أن تسمو في روح كل أسرة تتحول إلى خلاف دائم وشقاق مستمر ينغص حياة الزوجية، مما حدا بالشريعة الإسلامية إلى تشريع الأحكام التي تقضي على هذه الخلافات من جذورها.

والنشوز داء خطير يصيب الأسرة ويهدد كيانها ومعناه في (اللغة) الارتفاع والعلو، يقال أرض ناشز يعني مرتفعة، ومنه سميت المرأة ناشزا إذا علت وارتفعت وتكبرت على زوجها! وقد انتشرت هذه المشكلة الأسرية بكثرة في عصرنا الحالي.

وأود أن أبدأ في صورة النشوز التي ذكرها الفقهاء في كتبهم ومنها ترك طاعة الزوج فيما أمر به، وكان من المعروف خدمته والقيام على مصالحه وسائر حقوقه، وكذلك مخالفة الزوج وعصيانه فيما نهى عنه كالخروج بلا إذنه وإدخال بيته من يكرهه وزيارة من منع من زيارته من الأماكن التي نهى عنها والسفر بلا إذنه، وتعود أسباب نشوز المرأة على زوجها إلى سوء خلقها وعدم تلقيها قدرا كافيا من التربية أو وجود من يحرضها على الخروج عن طاعة الزوج من قريبات أو صديقات سوء أو عيشها في بيئة تشجع المرأة على ذلك!!

وإذا وقعت المرأة في النشوز وخرجت عن طاعة الزوج يشرع له حينئذ علاجها بالتدرج معها بأساليب على حسب حالتها ومستوى نشوزها ولا ينتقل إلى المرتبة الثانية إلا إذا تعذر إصلاحها بالأولى كما بين ذلك القرآن الكريم: «وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا».

وبما أن النفقة والتي منها السكن والملبس وغيرها مما يدخل ضمن مفهوم النفقة واجبة الزوج من تاريخ العقد ولو كانت مقيمة في بيت أهلها إلا أن فقهاء الشريعة بينوا أن من أسباب سقوط حقوق المرأة النشوز والخروج عن الطاعة قال ابن قدامة «فمتى امتنعت من فراشه أو خرجت من منزله بغير إذنه أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسكن مثلها أو من السفر معه فلا نفقة لها ولا سكنى في قول عامة أهل العلم» والأصل في ذلك عند الفقهاء أن هذه الحقوق تثبت للمرأة في مقابل الانقياد للزوج وعدم الخروج عن الطاعة فإذا زالت هذه الأطر العريضة التي تضبط العلاقة الزوجية زالت حقوق المرأة.

ولعل ما نقوله واضحا بأن لو أرادت المرأة رفع دعوى على زوجها لدى محكمة الأحوال الشخصية تطالبه بالنفقة وقال الزوج أنها ناشز كان عليها أن تثبت أنها تعيش معه أو أن تثبت محتبسها عليه أو أنها خارجة من بيته بسبب شرعي كالمرأة العاملة يسقط حق الزوج بمطالبة الزوجة البقاء في المنزل لعدم معارضته من جهة لعملها بعد الزواج إذا كان ذلك شرطا قبل العقد وإلا يسقط قاضي الموضوع حقها من النفقة حتى وإن كانت في عوز للنفقة.

ونؤكد أن مسألة امتداد آثار حكم النشوز مرتبطة بالرابطة الزوجية فإذا طلق الزوج زوجته فإن الأحكام المترتبة على النشوز تزول وإذا مات الزوج فإن المرأة الناشز ترثه بمعنى أن الأحكام المترتبة على المرأة الناشز تدور مع الحياة الزوجية وجودا وعدما.

expert_55@