الرأي

ليست أزمة مع لبنان ولكنها في لبنان

شاهر النهاري
كان قرداحي يهب الملايين من محبة وخيرات السعودية، وكانت أسئلته الحائرة، تحتاج كثيرا إلى مساعدة من صديق. وخفتت شهرته مؤخرا ليرحل إلى لبنان باحثا عن مكانة، بين قنوات لبنان، الفارسية الهوى؛ ليدرك أنه لا بد أن يجري عمليات بوتكس وتجميل، ويقلب مبادئه، وينحني للعمامة السوداء حد السجود. مثال للخيانة والحقد، فما أن لوحت له طهران بفرصة أن يكون وزيرا لإعلام حزبها الحاكم في لبنان، رغم جهله بالدبلوماسية، ومبادئ علاقات الدول، إلا أنه فهم المطلوب، وخضع لمبادئ حزب الشيطان، ولم يكترث لصوت الشعب اللبناني، المقهور المحروم من أقل حقوقه وخدماته، وأمن شارعه، الذي تراكمت فيه القاذورات. بلد محتل أبدع في تصدير المخدرات للسعودية، وهي التي كانت له نعم الأخت الكبرى الحنون الراعية، قبل أن تتهاوى حكومات لبنان المتعاقبة، وتنطوي تحت أقدام الخداع الإيراني، ولا تعود تصدح بكلمة حق كنا نعرفها في الإعلام اللبناني. السعودية عانت وصبرت كثيرا، واحتجت على وزراء وحكومات، وأفعال قبل قرداحي، علها تنقذ ظهر البعير. ومن المؤكد أن قرداحي لم يكن همها، فقد سبقه الكثير بالإساءات، إلى أهل البدو، وجنوح لعمليات إرهاب في سوريا والعراق، ودعم بالسلاح والتدريب لجماعة الحوثي، وتسهيل أعمال خلايا نائمة في البحرين والكويت وزرع الشر في كل قرنة. ويا سبحان الله، كيف يخطئون ويتمادون ويسخطون، ثم يراؤون، ويرجعون بالماعون الفارغ يعتذرون، وربما يعتزلوا حينما تحترق أزياف أوراقهم، والعالم بأجمعه يدرك ويشهد أنهم مجرد دمى، يتم تنصيبها فوق مخاوف اللبنانيين، وتحريكها بخيوط السجاد الإيراني، وهم لا يمتلكون من أمرهم شيئا، بل يمعنون في أذية الشعب اللبناني العربي الشقيق المثقف الراقي، الذي نجله ونعشقه، ونفتخر به كجزء من تراثنا ونسيجنا العربي، حين يحتضننا بجمال أرضه وروح شعبه وثقافاته. ظهر الجمل ولا شك انهصر، والعشم لم يعد له مكان، والشعب شيء، كما قالت السعودية ودول الخليج، وهذا الكره الفارسي العميق والتعالي والحقد، الذي يبادرنا به أغلب مسؤولي حكومات لبنان شيئان لا يلتقيان إلا في قلوب الخيانة، وأعين المراوغة. نصف مليون لبناني يعيشون بيننا، ونعاملهم في خليجنا كما نعامل أبنائنا، وهم يضخون المليارات لأهاليهم وبما لا يمكن أن تهب إيران عشره للوطن اللبناني، حتى ولو باعت من مخدراتها جبالا وأطنانا؛ لأن علاقتها بلبنان أنها مجرد حديقة خلفية تجرب فيها الغي، وتزرع المخدرات، وتفعل أسلحتها وتخدم أيدلوجياتها، وحربها الساحقة على كل جميل. رحم الله لبنان التي عرفناها، في جبران وفيروز والصافي، ورفيق الحريري، وسعيد عقل وميخائيل نعيمة وغيرهم. وسبحان الله، فمن كان يتخيل أن تصبح السياحة للبنان ضرب من التهلكة. السعودية والخليج غضبت مرات ومرات من الحكومات المتعاقبة، وكانت تتوقع أن يكون هنالك من يسمع ويستحي، ويتصرف ويوقف التعديات، ويمد أيادي العرفان لأهل الخير، غير أن غاية ما كان يحدث أن يستقيل وزير، وبعدها ترجع أيام الشتوية، وتصل الصبية للساحة «ميس الريم»، وتنقطع بها العربية. الغضب الخليجي ليس مقصودا به قرداحي، ولكنه إنذار لكل عبيد إيران، الصامتين عن عربدة ميليشياتها العميلة. وهو إنذار أخير، فإما أخوة عربية أصيلة أمينة صادقة، وإلا (لا إنت حبيبي ولا ربينا سوا). @shaheralnahari