الرأي

كيف تعترض على حكم قضائي؟

عبدالله قاسم العنزي
تقتضي الفلسفة التشريعية إتاحة فرصة الاعتراض على الأحكام القضائية لاعتبار الاعتراض سواء بالطرق العادية أو غير العادية، ويعد وسيلة منحها النظام لأطراف الخصومة بقصد تنقية الحكم مما شابه من عيوب أملا بإيصال الحق إلى أهله.

ويعد الاعتراض على الأحكام القضائية حق من حقوق أطراف النزاع لا يسقط إلا بالتنازل عنه أو تفوت موعده المحدد نظاما وهو ثلاثون يوما من تاريخ صدور الحكم وقد بين وجوبية الاعتراض على الأحكام نظام المرافعات الشرعية في المادة الـ165 والتي تنص بأنه «يجب على المحكمة -بعد النطق بالحكم- إفهام الخصوم بطرق الاعتراض المقررة ومواعيدها كما يجب عليها إفهام الأولياء والأوصياء والنظار وممثلي الأجهزة الحكومية ونحوهم -إن صدر الحكم في غير مصلحة من ينوبون عنه أو بأقل مما طلبوا- بأن الحكم واجب الاستئناف أو التدقيق وأنها سترفع القضية إلى محكمة الاستئناف».

إن كتابة المذكرات القانونية سواء كانت صحيفة دعوى تبدأ بها الخصومة أو صحيفة دفاع أو صحيفة اعتراض على الحكم أهم إجراءات في المرافعات القضائية، ولذلك قد يتسبب عدم المعرفة في صياغة المذكرة القانونية فوات الحق على صاحبه وفي هذه العجالة نوضح أبرز النقاط المهمة قبل البدء في كتابة لائحة اعتراض على الحكم القضائي:

أولا: قم بقراءة صك الحكم عدة مرات محددا الوقائع التي سردها خصمك وبني الحكم عليها، وذلك بتفكيك وقائع الخصومة إلى عناصر متفرقة، والسبب يعود بأن القاضي ناظر القضية قد يكون أغفل شيئا في حكمه وهذا وارد في بعض الأحكام، وفهمك للوقائع المادية والأدلة التي قدمت يساعدك كثيرا في نقد الحكم وتوضيح الخلل فيه.

ثانيا: حدد الوقائع المنتجة والمؤثرة في الحكم والتي بنى عليها القاضي قناعته؛ لأنه يعرض حكمه بمجموعة من الأسباب -أي الوقائع والأدلة- المقدمة في الدعوى ثم يكيفها تكيفا قانونيا وشرعيا ثم يخلص إلى النتيجة التي تتفق مع ما انتهى إليه من مقدمات فقد يكون القاضي بنى حكمه على تعليلات وظنون يسهل عليك نقضها وتوضيح عيوبها أمام محكمة الاستئناف.

ثالثا: انظر إلى ماهية تكييف القاضي للحق المتنازع عليه، وكيف استند إلى أدلة الإثبات أو النفي فيما قدم طرفا النزاع ثم كيف أعمل القاضي النصوص القانونية أو الشرعية، وكيفية تطبيقه على ما ثبت من وقائع الدعوى فقد يكون تكييف القاضي للدعوى تكييفا معيبا؛ لأن التكييف استدلال فكري يمارس بواسطة القاضي من خلال فهمه للواقعة وتطبيق النصوص التي تحكم هذه الواقعة وإن بعض الوقائع لا يمكن تنميطها تحت تصنيف قانوني محدد ومع هذا على القاضي أن يواجهها وقد تحصل لديه حيرة ومشكلة من ابتعاد الحالة الواقعية عن الحالة المعيارية وأمثلة ذلك كثيرة في الجرائم المعلوماتية وغيرها من النوازل القانونية.

رابعا: انظر إلى كيفية استدلال القاضي في حكمه فقد يكون استدل بوقائع متناقضة دون إزالة هذا التناقض إذ يجب على القاضي ناظر القضية عند استقراء الوقائع المعروضة أمامه أن يزيل التناقض الذي يوجد بينها إذ لا يجوز له أن يستدل من وقائع متناقضة؛ لأن هذا يؤدي إلى وقوع تناقض في أسباب الحكم.

وفي الختام لا تتصدى لكتابة مذكرة اعتراض ما لم يكن لديك دراية كافية؛ لأن الكتابة القانونية ونقد الأحكام القضائية وتوضيح عيوبها علم ومهارة لا يتقنها إلا المختص في المجال القضائي والقانوني؛ ولذا إن لم تساعدك المقالة على كتابة مذكرة اعتراض فلك الذهاب إلى المحامي الذي تثق بقدراته العلمية والمهنية.

expert_55@