الرأي

مجرد تساؤلات

ناصر محمد الجهني
كثير من أمور حياتنا ما نأخذها بأنها مسلمات. والأمر المسلم هو أمر مفروغ منه لا نعيره أدنى اهتمام، ولا حتى نفكر فيه. هذه المسلمات لا تجذب انتباهنا، ولا تستحوذ على تفكيرنا إلا عندما تخرج عن إطارها ويختلف إيقاعها. خذ على سبيل المثال نبضات القلب أو عملية التنفس من شهيق وزفير، هي مسلمات لا نلتفت إليها في العادة، لا نفكر فيها، لا نراقبها، مسلمة وضعها الطبيعي هو العمل كما هي عليه. وعندما تختلف نبضات القلب تهبط عملية التنفس، عندها، وعندها فقط، نلتفت إلى القلب، إلى التنفس، نلحظه، نتابعه، نحس به، يصبح همنا وشغلنا ومحل تفكيرنا وملاحظتنا. لماذا لا نفكر كبشر في المعتاد؟ لأنه معتاد.. (وفسر الماء بعد الجهد بالماء)؟ (كأننا والماء من حولنا - قوم جلوس حولهم ماء)؟ لا.. وإنما لا بد من أن نسقط من تفكيرنا ذلك المعتاد ليتفرغ فكرنا لسواه مما هو غير منتظم، غير معتاد، أو غير مسلم.. وإلا فإننا سنبقى أسرى للتفكير والانتباه والملاحظة لأمور كثيرة جدا في الحواس والحركة والتوازن والتناول والممارسة والثبات والهدوء والانفعال. وترك المسلمات، أو إهمالها بمعنى أدق، يعني ترك مساحة أكبر للتفكير والاهتمام والانشغال بأمور أخرى، أمور غير مسلمة، غير اعتيادية، لتحقيق العيش والعبادة وتعمير الأرض. إذا كل ما يؤخذ على أنه مسلم به فسوف يدفع (إلى الرف)، يهمل ولن يتم التفكير به. قس على ذلك كل من يجعل من نفسه «مسلما به»، ولاء الرجل لرئيسه في العمل، الطاعة العمياء للمرأة لزوجها، قبول مستخدم لعبارات التحقير والإهانة، صمت الأصدقاء تجاه تجاوزات صديق، انتظار مرتب في نهاية كل شهر، كل ذلك وسواه يصبح معتادا مسلما به، وبالتالي ليس محل تفكير أو حتى لا يستحق التفكير. والسؤال: لماذا يجعل البعض منا نفسه من المسلمات؟ لماذا يحرم منا الموظف تفكير رئيسه به؟ لماذا تجعل الزوجة من نفسها (على الرف)؟.. لماذا يعودنا المستخدم على استمراء ازدرائه؟ لماذا نعطي صديقا الفرصة ليتجاوز ويتمادى؟ لماذا نحمل كل أعبائنا على مرتب ربما يأتي شهر ولا يظهر؟ معذرة.. فهذه مجرد تساؤلات. nmjuhani@makkahnp.com