الرأي

الكنز الياباني..!

نصع

خالد اليامي
بالأمس أعلن بنك التسليف والادخار عن إطلاق برنامج لتمويل مشروعات الاتصالات التي شملها قرار وزارة العمل بالتوطين الكامل للوظائف في هذا القطاع. ويعد هذا القرار في ظاهره دعما لهذا التوجه وتسهيلا للراغبين من الشباب والشابات في الاستثمار بهذا القطاع الواعد، وفي الواقع فإن هذا المانشيت الذي تناقلته الصحف المحلية واعد ومبشر إلا أن ظاهر إجراءات التمويل لدى مثل هذه الجهات يبدي «تباشير» وباطنه «مرمطة وخذلان»..! يقول أحد المسؤولين في بنك التسليف لإحدى الصحف السعودية إن هناك 23 شرطا يتعين على المقترض تجاوزها قبل أن يحصل على قرض بقيمة 200 ألف ريال لتمويل مشروعات الاتصالات أو أي مشروع آخر، إنه جانب بشع من البيروقراطية التي تقتل الطموح وتجهض أحلام الشباب. وبحسب المتابعين لمستجدات تطور قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة فإن الإجراءات الحكومية وصعوبة التمويل تعدان من أبرز معوقات المشاريع الناشئة، فضلا عن الدعم الفني والتسويقي، ويبدو أن الدولة تداركت مؤخرا أهمية تخصيص جهاز حكومي ذي صلاحيات واسعة لدعم هذا القطاع الحيوي فأنشأت منذ عام الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.. صحيح أنها استغرقت عاما كاملا لاعتماد تنظيم هذه الهيئة الوليدة إلا أن الأمل لم ينقطع في تدارك ما يمكن تداركه في لحظات التحول التاريخية لاقتصاد المملكة. ويتوجب على هذه الهيئة ألا تحدث «بدعا» وأن تلتفت للتجارب الرائدة في هذا الصدد، وأولاها التجربة اليابانية الرائدة لتنمية وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة انطلاقا من وضع تعريف واضح ومحدد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والإفادة من الخطوات التي اتخذتها الحكومة اليابانية كمنح الإعفاءات من الرسوم ووضع القواعد والنظم التي تقوم بموجبها بتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وما ميز هذه التجربة أن حكومة طوكيو تدعم وبشكل كامل ومباشر هذا القطاع مرورا بالدعم الفني والتمويلي والإداري والتسويقي لهذه المشاريع وصولا لحمايتها من الإفلاس بالسماح لها بالحصول على قروض بدون فوائد وبدون ضمانات. التجربة اليابانية في دعم المشاريع الناشئة وتجويدها والتي انطلقت منذ أكثر من 40 عاما كانت سببا رئيسيا في النهضة الاقتصادية الشاملة والطفرة التنموية التي عمت اليابان وصدرتها لاحقا لشرق آسيا، فباتت المشاريع الصغيرة هي المشغل الرئيس والمورد الأبرز للمشاريع اليابانية العملاقة، وباتت المشاريع الصغيرة تستقطب 70% من الأيدي العاملة وزاد الإنتاج وتحققت مشاركة ومساهمة الأفراد والأقاليم المختلفة في الناتج المحلي الإجمالي. هذه القيمة المضافة المفترض استيعابها من هذه التجربة الطليعية، ويتضح أن لدينا كنزا «لا يزال دفينا» ينتظر عملا مخلصا لاستخراجه..!