الرأي

اللهث خلف القطيع

أفنان سعيد الشريف
لم نعد نشبه أنفسنا في زخم هذه الحياة، أصبحنا لا ندرك هويتنا وأحلامنا الخاصة وأمانينا، أصبحت قلوبنا مغلفة بروح الشهوة والانغماس في المتعة دون أن نعي هل حقا هذا ما نريده؟، الحياة أصبحت مليئة بالملذات والدوبامين يزداد يوما بعد آخر ليحفزنا على السعي إلى ما نظنه الرفاهية، شخصياتنا تشابهت وأحلامنا الطفولية أصبحت طي النسيان، وذواتنا المسكينة منغلقة في كهف الخوف لم تعد تدرك هل هذا الجسد اللي سكنته يشبهها أم لا؟ العالم في فوضى عارمة والناس في غفلة عما يفعلونه، يقلدون بعضهم ويتنافسون من منهم يقتني منتجات أكثر من الآخر ومن منهم يسافر لدول عديدة قبل الآخر ومن سيفوز بأول شخص يزور إحدى المحلات التي افتتحت حديثا، أصبحنا في سباق نحو اللا شيء ونحو ما لا يضيف لحياتنا معنى، نشرب القهوة لأن الموضة الآن أن تقتني آلة قهوة في منزلك، ونحتفل عند كل مناسبة حتى يقول العالم «يا إلهي إنهم عائلة سعيدة» والأمر من ذلك أن ترافقنا هواتفنا في كل لحظة نبحث عن جديد العالم ونخبر العالم عن جديدنا التافه، لم نعد نستمتع باللحظة ونشرب قهوتنا لأننا نحب طعمها ونذهب إلى الأماكن التي تعجبنا لأننا نريد أن نشبع دهشتنا في مشاهدتها، وأن نحتفي بأحبابنا لأننا مبهورون بنجاحاتهم لا لكي نري العالم أننا قادرون على الاحتفال. الحقيقة يا عزيزي ليس من الضروري أن تشبه الناس وأن تفعل مثلما يفعلون كي لا تشعر بالنقص، النقص الحقيقي هو التقليد الأعمى دون هدف، خلقنا مختلفين لا نشبه حتى إخوتنا من الدم، خلقنا لندرك اختلافنا ونظهره بفخر ونطبطب على هذه الذات الجميلة، ونعيد تهذيبها، أن تعرف ما تريده وتسعى لنيله وتشق طريقك وأن خالف طريق الأغلبية هذا لا يعني أنك شاذ عنهم، إنما مختلف وتدرك جمال هذا الاختلاف، إذا فقدت الشعور بذاتك ساقك الناس نحو رغباتهم وذواتهم، حينها لن تكون إلا أداة لهم يوجهونك إلى حيث يريدون كزيارة آخر المقاهي في مدينتك أو شراء أحدث مقتنيات الموضة، في المرة القادمة أسأل نفسك هل حقا هذا ما أريده؟ هل حقا هذه رغبتي أم رغبة الجميع؟ هل أنا ضعيف جدا حتى ألهث خلف القطيع، أم لي قراري الخاص ورغباتي وأحلامي التي قد تتشابه مع البعض ولكن ليس الجميع.