العالم

العدالة تنتصر على إرهاب حزب الله

القضاء اللبناني تصدى لمحاولات التأثير على تحقيقات مرفأ بيروت دياب و3 وزراء سابقين ومسؤولون أمنيون وراء ملاحقة القاضي بيطار نصرالله عبر عن ارتيابه وضغط علانية على مسار التحقيقات أهالي الضحايا: نريد تحقيق العدالة ولن نسمح بتدخلاتهم

مبان مدمرة خلفها الانفجار (مكة)
رغم المشهد القاتم الذي يسيطر على الأوضاع في لبنان، حققت العدالة وخلفها الآلاف من أهالي المكلومين انتصارا جديدا على حزب الله الإرهابي، وبعض الشخصيات السياسية التي حاولت عرقلة التحقيقات في حادث انفجار مرفأ بيروت الذي خلف وراءه 210 قتيلا وآلاف الجرحى والمشردين، وتسبب في خسائر جسيمة بالأملاك العامة والخاصة.

وتصدت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت لمطالب الغل والحقد، وردت طلبات كف يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار المقدمة من قبل الوزراء السابقين المدعى عليهم في ملف تفجير المرفأ في 4 أغسطس 2020.

واعتبرت قناة (العربية) ما تحقق انتصارا كبيرا لأهالي الضحايا، ووصفته بنقطة التحول المهمة في التحقيقات التي تشغل الشعب اللبناني، بعد أن تسببت نترات الأمونيوم المخزنة في انفحار لم تشهده العاصمة اللبنانية طوال تاريخها.

تهديد بيطار

وعاد القاضي طارق بيطار أمس لمباشرة عمله في القضية الأشهر بلبنان بعد أن رفضت المحكمة الطلب المقدم من النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، ويتوقع أن يبدأ في تعيين جلسات استماع للمتهمين هذا الأسبوع وسط ترجيحات بأن يستعجل الاستدعاءات قبل 19 أكتوبر الحالي، حين تبدأ الدورة العادية الثانية لمجلس النواب فتعود للنواب الثلاثة حصاناتهم التي يتلطون خلفها لعدم المثول أمام المحقق العدلي، وفقا لـ (العربية نت).

وتفجرت في الأسبوع الماضي فضيحة تهديد أحد مسؤولي حزب الله الإرهابي للقاضي عبر صحفية لبنانية، حيث حمل مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، وفيق صفا، الإعلامية لارا الهاشم، رسالة إلى القاضي بيطار تتضمن امتعاض الحزب من مسار التحقيق وتهديده بـ»قبعه» أي إزاحته من منصبه.

ارتياب نصرالله

وفيما عبر أمين عام حزب الله حسن نصرالله أكثر من مرة بشكل معلن عن ارتيابه مما يقوم به القاضي طارق بيطار، معتبرا «أنه يشتغل سياسة والتحقيق مسيس، والمطلوب إعادة الملف إلى المسار الطبيعي»، قالت الصحفية لارا الهاشم إنه لم يتم استدعاؤها أو الاستماع إلى إفادتها من قبل النيابة العامة التمييزية، وقالت «أبلغت النيابة العامة بمضمون الرسالة التي نقلتها من صفا إلى المحقق العدلي، لكن حتى هذه اللحظة لم يطلب منها الحضور مجددا إلى النيابة، والإدلاء بإفادتها بشكل رسمي ووفق الأصول».

في المقابل أوضح وزير العدل السابق البروفيسور إبراهيم نجار «أن النواب الثلاثة الذين قدموا طلبات رد يحق لهم تكرار الفعل، لكن النتيجة ستكون نفسها».

ومع رد طلبات كف اليد، يبقى طلب الارتياب المشروع الذي قدمه الوزير السابق يوسف فنيانوس (المحسوب على تيار المردة) قبل أسبوعين ويطلب فيه نقل الملف من القاضي طارق بيطار إلى قاض آخر، وهو الطلب نفسه الذي أطاح بالقاضي فادي صوان والمقدم من النائب غازي زعيتر (من حركة أمل التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري).

ضغوط سياسية

ونقلت «العربية نت» عن نجار قوله «إن البت بالارتياب المشروع يعود إلى محكمة التمييز وليس محكمة الاستئناف، وهو على عكس طلب الرد، لا ترفع يد المحقق العدلي عن التحقيقات بل يتابع مهامه بشكل طبيعي إلى أن يصدر قرار بشأن الارتياب المشروع».

وتبلغ قاضي التحقيق طارق بيضا طلب رد تقدم به وزير الداخلية السابق النائب نهاد المشنوق ردا على طلب استجوابه كمدعى عليه في قضية انفجار المرفأ.

وأكد نجار أن طلب الرد أو كف يد المحقق العدلي الترجمة القانونية للضغوط السياسية التي مورست على بيطار تمهيدا لعزله على غرار سلفه صوان في فبراير الماضي، وذلك بعد ادعائه على رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين ومسؤولين أمنيين بجرم الإهمال.

التسويف أو المحاربة

ويبدو أن ملاحقة القاضي البيطار لن تتوقف مع الانتصار الذي حققته محكمة الاستئناف، حيث يقول مرجع قضائي سابق «إنها مسألة تقطيع وقت من قبل المنظومة التي تواجه سير التحقيق، للوصول إلى تاريخ موعد بدء الدورة العادية لمجلس النواب في 19 أكتوبر الحالي، حيث تصبح بعدها أذونات التحقيقات بحاجة إلى إذن من مجلس النواب، وبذلك سيكون القاضي بيطار أمام خيارين: إما أن يخضع للتسويف والمحاربة، وإما أن يقدم اعتذاره ويتخلى عن الملف، وعلى الأرجح فإن القاضي بيطار سيعتذر لا لعجزه عن متابعة التحقيقات، إنما لإدراكه بأن عددا من العصي والمكائد السياسية تنتظر المسار الذي يسلكه في عملية التحقيق والتي رأينا جزءا منها خلال اليومين الماضيين».

اتفاقات سرية

وبحسب المصدر نفسه، «هناك قرار سياسي قد اتخذ في البلد خلال الأيام الماضية، بالتضييق على عمل القاضي بيطار وحشره قدر الإمكان، في زوايا قانونية على قاعدة إحراجه ثم إخراجه. لكن هذا أيضا، يعد انتصارا للقضاء اللبناني وأيضا للمسار الذي يسلكه قاضي التحقيق، إذ إنها المرة الأولى التي يلجأ فيها سياسيون لبنانيون بشكل علني، لمراوغات قانونية، للهروب من وجه العدالة. وهذا الأمر يؤكد للقاصي والداني، مسؤولية جزء كبير من هذه السلطة، عن تفجير مرفأ بيروت، سواء بشكل مباشر، أو من خلال التهرب من المسؤوليات نتيجة عجزهم عن مواجهة قوى الأمر الواقع».

وتشير المصادر، إلى «اتفاقات سرية بين فرقاء في السلطة، قضت بإقصاء البيطار عن ملف التفجير وذلك بعد لقاءات مكوكية حصلت في الأيام الماضية على أثر موقف لقيادي حزبي، هدد من خلاله القاضي البيطار، وقد تمنت خلالها إحدى الجهات إنهاء هذا الملف بأسرع وقت، بذريعة عدم السماح لأي طرف داخلي أو خارجي وتحديدا الأمريكي عبر السفارة الأمريكية في لبنان، الدخول على خط الاتهامات والتلاعب بمسار التحقيقات، مما قد يخلق بلبلة سياسية كبيرة في البلد يصعب احتواؤها بسهولة».

طمس الحقيقة

ويرى مراقبون أن التحقيقات في جريمة التفجير وفي حال تنحي القاضي البيطار عن مهمته، يعني طمس الحقيقة، وما ستخرج به التحقيقات بعدها لن يتعدى تحميل بعض الجهات مسؤولية التقصير في الأداء، أو الحكم على أسماء لا تقدم ولا تؤخر في مسار العلاقات السياسية بين أركان السلطة. وهذا يعني، أن الوعود بالإصلاحات السياسية والقضائية، ما هي سوى محاولات من السلطة لكسب مزيد من الوقت، بهدف إعادة إنتاج نفسها، وإن بأسماء مختلفة.

ويؤكد أستاذ القانون الدولي أنطوان صفير، أنه «لا يمكن توقع ما سيحدث في المستقبل خاصة مع اقتراب انتهاء الدورة البرلمانية، لكن المهم أن يستمر القاضي البيطار بمهامه».

استنفار الأهالي

في المقابل، أبدى أهالي ضحايا الانفجار المروع الذي هز العاصمة اللبنانية يوم الرابع من أغسطس العام الماضي، ارتياحهم لقرار محكمة الاستئناف وعودة المحقق العدلي إلى عمله.

وقالت ماريا فارس شقيقة الضحية سحر فارس لـ»العربية نت»: إن قرار المحكمة جيد ويعيد لنا الأمل بالقضاء المحلي. وأكدت «أنهم كأهالي ضحايا لن يسمحوا لهم بعرقلة التحقيق مهما حاولوا أو لجؤوا إلى وسائل معينة»، مضيفة «نريد تحقيق العدالة ولا شيء سوى العدالة».

وشددت على أن الأهالي يقفون وراء القاضي طارق بيطار ويدعمونه في الخطوات التي يقوم بها، وأي محاولة جديدة لمنع التحقيق سيواجهونها، مؤكدة أن «التصعيد سيكون سيد الموقف».

لماذا يرفض حزب الله طارق بيطار؟
  1. ليس له انتماء سياسي في بلد مليء بالمحسوبية
  2. يخشى أن يكشف الحقيقة الدامغة ويورط الحزب وقياداته
  3. يرفض فكرة أي تحقيق دولي أو محايد
  4. تورط الحزب في تخزين أطنان نترات الأمونيوم التي فجرت الميناء
  5. بوصلة التحقيق تسير في الاتجاه الصحيح وهو ما يقلق حزب الله
  6. يأمل في تعيين قاض موال للأحزاب السياسية