تجاعيد الزمن
السبت / 4 / صفر / 1443 هـ - 20:49 - السبت 11 سبتمبر 2021 20:49
كأطفال كنا لا نطيق الانتظار شوقا حتى نكبر، لندخل عالم الكبار، لنلبس ونتصرف مثلهم، لنتحمل مسؤوليات الحياة. ولكن حين كبرنا، أدركنا الحقيقة المرة، وبدأنا نتمنى أن يعود الزمن للوراء، أو أن يتوقف على الأقل.
مع تقدمنا بالعمر، قد لا تستطيع السنون إطفاء شمعة روح الشباب الموجودة بداخلنا، ولكن بالتأكيد لا مفر من ترك ترسبات آثارها على مظهرنا الخارجي، وأكثر ما يظهر ذلك جليا واضحا في الوجه.
فالوجه هو خير مثال على خارطة طريق السنين، ففيه تتجلى تجاعيد الزمن، وتبرز ترهلات الماضي بوضوح؛ فبمجرد النظر إلى وجه أحدهم، نستطيع غالبا إعطاء عمر تقريبي للشخص بناء على (معالم) وجهه.. ولكن لماذا؟
لماذا ننظر إلى وجه شخص ما، فنقول إنه يبدو في الثلاثين من عمره، بينما يبدو الآخر في الستين؟
ما هي العلامات التي قد نراها -وقد لا ندركها- والتي تدل على التقدم بالعمر؟ ما هي الفروقات بين وجهك أيام ذهابك للمدرسة: كطالب، والذهاب كولي أمر؟
على مر العقود، حاول الباحثون والمهتمون إجابة هذه التساؤلات بشكل علمي محسوس، وأجريت مئات الدراسات المعنية بدراسة علامات التقدم بالعمر في الوجه من ناحية تشريحية ملموسة، وذلك لمحاولة معرفة ما الذي يحدث بالضبط مع مرور الوقت، ومحاولة حل لغز هذه التغيرات الفيزيولوجية التي تتراكم مع السنين، لمعرفة كيف تبدأ؟ ومتى؟ وما هي الاسباب التي تؤدي إلى تسارعها مع الوقت؟ والأهم من ذلك: هل هناك من مجال لتفاديها أو حلها؟
ومع تواتر الدراسات والأبحاث، تم التعرف على عشرات العلامات والملامح الدالة على التقدم بالعمر.
ويمكن تصنيف جميع هذه العلامات المختلفة تحت ثلاث مجموعات رئيسة فقط:
1 - التجاعيد:
هي تلك التعرجات بالجلد التي نراها بأجزاء الوجه المختلفة.
فمن المعروف أن سماكة ونضارة الجلد تقل مع التقدم بالعمر ومرور السنين، لذلك مع الوقت يبدأ هذا الجلد (الرقيق) بإظهار تقلصات العضلات من تحته، هي نفسها تلك التقلصات التي كانت مخفية أيام الشباب بطبقة سميكة من الجلد.
يبدأ الجلد مع الوقت يأخذ شكل هذه التقلصات، وهذا ما يسمى بـ «التجاعيد» تتزايد حدتها وعمقها مع التقدم بالعمر.
تبدأ بالعادة في منطقة الجبهة وحول العينين، لتمتد مع الوقت إلى باقي الوجه والرقبة.
2 - فقدان الحجم:
مع العمر، تبدأ دهون الوجه بالذوبان، ونبدأ بفقدان جزء كبير من حجم الوجه تدريجيا، فيبدأ الوجه بالذبول، والخدود بـ «الانكماش»، والعيون بـ «الغوص» في محاجرها.
فهل من باب الغيرة نبدأ بـ «قرص» خدود الأطفال المنتفخة عند تدليعهم؟ قد يكون.
3 - ترهل الجلد:
والترهل مختلف تماما عن التجاعيد بالشكل والسبب. فمع الوقت يبدأ الجلد بفقدان خاصيته «المطاطية» فيبدأ بالترهل، وهذا يؤدي إلى وجود «زيادة» بالجلد تشكل هذه الترهلات، وتكون بدرجة أكبر لمن تغيرت وخفت أوزانهم مع الوقت، وأوضح ما تكون هذه الترهلات في منطقة أسفل الوجه والفك والرقبة بشكل خاص، وغالبا يكون الترهل من أكثر العلامات الدالة على التقدم بالعمر.
يقودنا تبسيط وتصنيف هذه الأسباب إلى مجموعات رئيسة إلى السؤال الأهم:
من وجهة نظر «تجميلية»، هل هنالك حلول لتخفيف أو معالجة هذه العلامات للتقدم بالعمر؟
الغالبية العظمى من الدعايات الطبية التي نراها في وسائل الإعلام المختلفة هي دعايات معنية بالتجميل، والتي غالبا تكون للإعلان عن منتج جديد للشد، أو جهاز سحري للشفط، أو إبر «ذهبية» تخفي علامات الشيخوخة،، الخ. هذا الزخم الهائل من الدعاية لعشرات المنتجات والحلول لمشاكل مختلفة الأسباب، سيكون بالتأكيد مشتتا ومضللا لغير المختص.
من باب المنطق نستطيع القول: بما أن أسباب المشاكل مختلفة، فمنطقيا لابد أن تكون الحلول مختلفة أيضا بحسب السبب.
فلا يمكن الادعاء بأن حلا واحدا -كجهاز أو إجراء أو غيره- قادر على حل جميع المشاكل، فذلك يكون بالضبط كإعطاء مريض دواء للضغط، والاعتقاد بأن ذلك سيعالج مشكلة السكر.
في الحقيقة، فإن لكل علامة من علامات التقدم بالعمر حلا مختلفا تماما، حل يتناسب مع السبب.
وكما يقال في عالم الطب: التشخيص هو نصف العلاج.
فعند معرفة سبب المشكلة، نكون قد قطعنا نصف المسافة في رحلة الوصول إلى الحل.
وبالعادة يكون الفحص بالعيادة كافيا لمعرفة السبب -أو الأسباب- لعلامات التقدم بالعمر.
ولكن هذه الحقيقة «البسيطة» قد لا تكون دوما واضحة، فللأسف، قد يكون عالم التجميل من أكثر التخصصات الطبية استغلالا للمرضى، بين تلك الأجهزة الوهمية أو الإبر السحرية، التي يكون هدفها بالغالب «جيب» المريض وليس «وجهه».
فتخصص التجميل هو التخصص الذي يلعب على وتر الجمال، ومن منا لا يريد أن يصبح جميلا وفي أحسن حالاته.
فبالعودة للأسباب المختلفة نجد أن لكل مشكلة حلا مختلفا بناء على سببها:
1 - التجاعيد:
حلها يكون بتخفيف حركة العضلات تحتها، ويكون ذلك بإبر «البوتكس» أو ما شابهها، حيث إن هذه الإبر تسبب شللا مؤقتا خفيفا للعضلات، فتخف التجاعيد فوقها. وبالتأكيد فإن الإكثار منها في جلسة واحدة أو عملها عند غير المختص المطلع على تفاصيل تشريح عضلات الوجه، سيؤدي حتما إلى نتائج غير طبيعية.
2 - فقدان الحجم:
يكون الحل ببساطة بتعويض الحجم المفقود، إما عن طريق الحل السريع المؤقت كإبر «الفيلر»، أو الحل الدائم كالدهون الذاتية. وبالتأكيد تختلف «الوجوه» عن بعضها، فبعضهم يحتاج إلى تعويض الحجم تحت العينين أو مناطق أخرى أكثر من الخدود والشفتين، أو العكس، ويعتمد ذلك تماما على الفحص.
3 - ترهل الجلد:
في حالات الترهل الشديدة، لا يوجد حل غير إزالة الجلد الزائد، وذلك عن طريق عمليات الشد المختلفة حسب الحاجة، للوجه والرقبة أو الجفون أو الحواجب،،، الخ. وما هو منتشر للأسف من حلول غير جراحية «كالخيوط الذهبية» أو غيرها قد تكون مناسبة كحل مؤقت لحالات الترهل البسيطة، ولكن بالتأكيد هي باعتقادي عبارة عن هدر للوقت والمال، ولا فائدة منها غير المضاعفات لحالات الترهل الشديدة.
الخلاصة:
لحل أي «مشكلة» فإننا نحتاج أولا إلى تشخيصها من قبل مختص، لمعرفة ما يناسبها من خيارات وحلول، فلكل مشكلة حل خاص بها، ومن الخطأ الاعتقاد أن حلا واحدا سيحل كل المشاكل الأخرى.
فالفلر لا يحل مشكلة الترهل، ولا البوتكس يحل مشكلة فقدان الحجم، ولا عمليات الشد تحل مشكلة التجاعيد، إلخ... كل مشكلة لها حل خاص بها.
@dralshaalan
مع تقدمنا بالعمر، قد لا تستطيع السنون إطفاء شمعة روح الشباب الموجودة بداخلنا، ولكن بالتأكيد لا مفر من ترك ترسبات آثارها على مظهرنا الخارجي، وأكثر ما يظهر ذلك جليا واضحا في الوجه.
فالوجه هو خير مثال على خارطة طريق السنين، ففيه تتجلى تجاعيد الزمن، وتبرز ترهلات الماضي بوضوح؛ فبمجرد النظر إلى وجه أحدهم، نستطيع غالبا إعطاء عمر تقريبي للشخص بناء على (معالم) وجهه.. ولكن لماذا؟
لماذا ننظر إلى وجه شخص ما، فنقول إنه يبدو في الثلاثين من عمره، بينما يبدو الآخر في الستين؟
ما هي العلامات التي قد نراها -وقد لا ندركها- والتي تدل على التقدم بالعمر؟ ما هي الفروقات بين وجهك أيام ذهابك للمدرسة: كطالب، والذهاب كولي أمر؟
على مر العقود، حاول الباحثون والمهتمون إجابة هذه التساؤلات بشكل علمي محسوس، وأجريت مئات الدراسات المعنية بدراسة علامات التقدم بالعمر في الوجه من ناحية تشريحية ملموسة، وذلك لمحاولة معرفة ما الذي يحدث بالضبط مع مرور الوقت، ومحاولة حل لغز هذه التغيرات الفيزيولوجية التي تتراكم مع السنين، لمعرفة كيف تبدأ؟ ومتى؟ وما هي الاسباب التي تؤدي إلى تسارعها مع الوقت؟ والأهم من ذلك: هل هناك من مجال لتفاديها أو حلها؟
ومع تواتر الدراسات والأبحاث، تم التعرف على عشرات العلامات والملامح الدالة على التقدم بالعمر.
ويمكن تصنيف جميع هذه العلامات المختلفة تحت ثلاث مجموعات رئيسة فقط:
1 - التجاعيد:
هي تلك التعرجات بالجلد التي نراها بأجزاء الوجه المختلفة.
فمن المعروف أن سماكة ونضارة الجلد تقل مع التقدم بالعمر ومرور السنين، لذلك مع الوقت يبدأ هذا الجلد (الرقيق) بإظهار تقلصات العضلات من تحته، هي نفسها تلك التقلصات التي كانت مخفية أيام الشباب بطبقة سميكة من الجلد.
يبدأ الجلد مع الوقت يأخذ شكل هذه التقلصات، وهذا ما يسمى بـ «التجاعيد» تتزايد حدتها وعمقها مع التقدم بالعمر.
تبدأ بالعادة في منطقة الجبهة وحول العينين، لتمتد مع الوقت إلى باقي الوجه والرقبة.
2 - فقدان الحجم:
مع العمر، تبدأ دهون الوجه بالذوبان، ونبدأ بفقدان جزء كبير من حجم الوجه تدريجيا، فيبدأ الوجه بالذبول، والخدود بـ «الانكماش»، والعيون بـ «الغوص» في محاجرها.
فهل من باب الغيرة نبدأ بـ «قرص» خدود الأطفال المنتفخة عند تدليعهم؟ قد يكون.
3 - ترهل الجلد:
والترهل مختلف تماما عن التجاعيد بالشكل والسبب. فمع الوقت يبدأ الجلد بفقدان خاصيته «المطاطية» فيبدأ بالترهل، وهذا يؤدي إلى وجود «زيادة» بالجلد تشكل هذه الترهلات، وتكون بدرجة أكبر لمن تغيرت وخفت أوزانهم مع الوقت، وأوضح ما تكون هذه الترهلات في منطقة أسفل الوجه والفك والرقبة بشكل خاص، وغالبا يكون الترهل من أكثر العلامات الدالة على التقدم بالعمر.
يقودنا تبسيط وتصنيف هذه الأسباب إلى مجموعات رئيسة إلى السؤال الأهم:
من وجهة نظر «تجميلية»، هل هنالك حلول لتخفيف أو معالجة هذه العلامات للتقدم بالعمر؟
الغالبية العظمى من الدعايات الطبية التي نراها في وسائل الإعلام المختلفة هي دعايات معنية بالتجميل، والتي غالبا تكون للإعلان عن منتج جديد للشد، أو جهاز سحري للشفط، أو إبر «ذهبية» تخفي علامات الشيخوخة،، الخ. هذا الزخم الهائل من الدعاية لعشرات المنتجات والحلول لمشاكل مختلفة الأسباب، سيكون بالتأكيد مشتتا ومضللا لغير المختص.
من باب المنطق نستطيع القول: بما أن أسباب المشاكل مختلفة، فمنطقيا لابد أن تكون الحلول مختلفة أيضا بحسب السبب.
فلا يمكن الادعاء بأن حلا واحدا -كجهاز أو إجراء أو غيره- قادر على حل جميع المشاكل، فذلك يكون بالضبط كإعطاء مريض دواء للضغط، والاعتقاد بأن ذلك سيعالج مشكلة السكر.
في الحقيقة، فإن لكل علامة من علامات التقدم بالعمر حلا مختلفا تماما، حل يتناسب مع السبب.
وكما يقال في عالم الطب: التشخيص هو نصف العلاج.
فعند معرفة سبب المشكلة، نكون قد قطعنا نصف المسافة في رحلة الوصول إلى الحل.
وبالعادة يكون الفحص بالعيادة كافيا لمعرفة السبب -أو الأسباب- لعلامات التقدم بالعمر.
ولكن هذه الحقيقة «البسيطة» قد لا تكون دوما واضحة، فللأسف، قد يكون عالم التجميل من أكثر التخصصات الطبية استغلالا للمرضى، بين تلك الأجهزة الوهمية أو الإبر السحرية، التي يكون هدفها بالغالب «جيب» المريض وليس «وجهه».
فتخصص التجميل هو التخصص الذي يلعب على وتر الجمال، ومن منا لا يريد أن يصبح جميلا وفي أحسن حالاته.
فبالعودة للأسباب المختلفة نجد أن لكل مشكلة حلا مختلفا بناء على سببها:
1 - التجاعيد:
حلها يكون بتخفيف حركة العضلات تحتها، ويكون ذلك بإبر «البوتكس» أو ما شابهها، حيث إن هذه الإبر تسبب شللا مؤقتا خفيفا للعضلات، فتخف التجاعيد فوقها. وبالتأكيد فإن الإكثار منها في جلسة واحدة أو عملها عند غير المختص المطلع على تفاصيل تشريح عضلات الوجه، سيؤدي حتما إلى نتائج غير طبيعية.
2 - فقدان الحجم:
يكون الحل ببساطة بتعويض الحجم المفقود، إما عن طريق الحل السريع المؤقت كإبر «الفيلر»، أو الحل الدائم كالدهون الذاتية. وبالتأكيد تختلف «الوجوه» عن بعضها، فبعضهم يحتاج إلى تعويض الحجم تحت العينين أو مناطق أخرى أكثر من الخدود والشفتين، أو العكس، ويعتمد ذلك تماما على الفحص.
3 - ترهل الجلد:
في حالات الترهل الشديدة، لا يوجد حل غير إزالة الجلد الزائد، وذلك عن طريق عمليات الشد المختلفة حسب الحاجة، للوجه والرقبة أو الجفون أو الحواجب،،، الخ. وما هو منتشر للأسف من حلول غير جراحية «كالخيوط الذهبية» أو غيرها قد تكون مناسبة كحل مؤقت لحالات الترهل البسيطة، ولكن بالتأكيد هي باعتقادي عبارة عن هدر للوقت والمال، ولا فائدة منها غير المضاعفات لحالات الترهل الشديدة.
الخلاصة:
لحل أي «مشكلة» فإننا نحتاج أولا إلى تشخيصها من قبل مختص، لمعرفة ما يناسبها من خيارات وحلول، فلكل مشكلة حل خاص بها، ومن الخطأ الاعتقاد أن حلا واحدا سيحل كل المشاكل الأخرى.
فالفلر لا يحل مشكلة الترهل، ولا البوتكس يحل مشكلة فقدان الحجم، ولا عمليات الشد تحل مشكلة التجاعيد، إلخ... كل مشكلة لها حل خاص بها.
@dralshaalan