الرأي

حتى لا تشكل العودة للمدارس صدمة كبيرة

أحمد محمد الألمعي
اتسمت ظروف جائحة كورونا بكثير من التغييرات في كثير من المجتمعات على عدة مستويات، وقد سبب ذلك الكثير من الخوف والقلق للأطفال وأسرهم من حول العالم، وينطبق ذلك على طلابنا في المملكة العربية السعودية والمنطقة العربية بنسب متفاوتة.

وكان للقيادة السعودية والخطط المدروسة دور كبير في القدرة على التحكم في جائحة (كوفيد 19) في المملكة، جعلها مثلا يحتذى به بين دول العالم في العناية الصحية ولا أدل على ذلك من أرقام الإصابات هذه الأيام والتي لا تتجاوز 300 إصابة يوميا، مقارنة ببعض الدول في المنطقة وأوروبا والتي تشير الإحصاءات فيها إلى عشرات الألوف من المصابين يوميا.

بدأنا نرى شيئا فشيئا عددا متزايدا من الأطفال يعودون إلى الفصول الدراسية من حول العالم، ولا يزال أكثر من بليون طالب خارج المدرسة بسبب إغلاق المدارس في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، حددت أكثر من 115 دولة، من إجمالي 134 دولة أغلقت مدارسها أي (85 %)، موعدا لإعادة فتح المدارس، وقد أعادت 65 دولة من أصل 115 بالفعل فتح مدارسها أو تخطط لفتحها قريبا اعتبارا من أواخر أغسطس 2021.

ونظرا لصعوبة الأوضاع وتنوعاتها في جميع أنحاء العالم، تخوض البلدان المختلفة حاليا في مراحل مختلفة من حيث كيفية التخطيط لإعادة فتح المدارس وتوقيت ذلك، وعادة ما تتخذ هذه القرارات من قبل الحكومات، عند اتخاذ قرار بشأن إعادة فتح المدارس، يجب على السلطات النظر في الفوائد والمخاطر من ناحية التعليم والصحة العامة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية  في السياق المحلي، ويجب أن تكون المصلحة الأولوية لحماية كل طفل في مركز هذه القرارات، وباستخدام أفضل الأدلة المتوفرة، ولكن ستتفاوت الكيفية التي ستبدو عليها هذه العملية بين مدرسة وأخرى.

وتمثل العودة إلى المدارس خطوة مهمة ضمن خطط إدارات المملكة العربية السعودية بجميع فروعها، وقد اشترطت وزارة التعليم السعودية حصول الطلاب من سن الـ12 عاما على جرعتين كاملتين من اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد من أجل الحضور المدرسي. وأعلن وزير التعليم السعودي حمد آل الشيخ، عودة الدراسة حضوريا في التعليم الجامعي والتدريب التقني والمرحلتين المتوسطة والثانوية، بشرط حصولهم على جرعتي اللقاح المضاد لكورونا، في حين سيتم الدراسة عن بعد للمرحلة الابتدائية عبر منصة مدرستي، والذي يبدأ من الساعة 3:30 عصرا حتى 7 مساء.

وفي مايو/أيار الماضي، أكدت وزارة التعليم أنها أقرت بعد اتفاقها مع وزارة الصحة، خطة عودة التعليم والتي تتضمن 4 نقاط أساسية، لضمان استمرار العملية التعليمية بما يتوافق مع متطلبات السلامة العامة في ظل جائحة كورونا، بينها عودة أعضاء الهيئات التدريسية إلى مقرات العمل في المدارس والكليات والجامعات والمعاهد ومؤسسات التدريب المهني، مقابل أخذ جرعات كاملة للقاحات كورونا، كمطلب لدخول المباني، حيث سيتم التأكد من هذا الأمر باستخدام تطبيقات «توكلنا» و«تباعد».

يشار إلى أن نسبة الطلبة الذين حصلوا على جرعة واحدة من لقاح كورونا في التعليم العام (93%) ومن حصل على جرعتين (37%)، أما طلبة التعليم الجامعي الذين حصلوا على جرعة واحدة بلغت نسبتهم (85%)، ومن حصل على جرعتين (59%)، وسط توقعات بزيادة هذه النسب في المستقبل.

هل من الآمن لطفلي أن يعود إلى المدرسة؟

إن القرارات المتعلقة بالإجراءات المتخذة في المدارس وبإغلاقها أو فتحها يجب أن تتوافق مع قرارات التباعد الاجتماعي وتدابير الصحة العامة في المجتمعات المحلية. وبشكل عام، لا يكون فتح المدارس بالإجراء المنعزل، بل ضمن الإجراءات المتعلقة بإعادة الفتح في البلاد، شأنه شأن إعادة فتح الإدارات الحكومية والمصانع والنقل العام والأعمال التجارية. ومن المهم أن تخطط المدارس مسبقا وأن تنظر في التدابير الإضافية التي يمكن أن تتخذها للمساعدة في ضمان سلامة الطلاب والمعلمين والموظفين الآخرين عند عودتهم للمدرسة وضمان ثقة المجتمعات المحلية في إعادة الطلاب إلى المدرسة.

من المحتمل أن تكون هذه السنة الدراسية مختلفة نوعا عما اعتدنا عليه في السابق، وقد يعاد فتح المدارس لفترة من الوقت ثم تغلق مؤقتا، حسب السياق المحلي. وحسب تطور الوضع، ستحتاج وزارة التعليم إلى أن تكون مرنة وجاهزة للتكيف للمساعدة في الحفاظ على سلامة كل طفل.

ما الاحتياطات التي يتعين على المدارس اتخاذها لمنع انتشار فيروس (كوفيد 19)؟

يجب أن تكون إعادة فتح المدارس بخطة مدروسة، للمساعدة في حماية الطلاب والموظفين والمعلمين وأسرهم.

بعض الإجراءات العملية لفتح المدارس قد تشمل الخطوات التالية؛ حضور الطلاب للمدارس بأعداد محددة وعلى فترات مختلفة، عمل أوقات الوجبات لمجموعات من الطلاب في أوقات مختلفة، عقد الصفوف في أماكن مؤقتة أو في الهواء الطلق بنظام الورديات لتقليل حجم الصفوف، التأكد من وجود مرافق المياه والنظافة الصحية والتهوية بما في ذلك التكييف مهمة جدا لإعادة فتح المدارس بأمان. يجب على الإداريين النظر في الفرص المتاحة لتحسين تدابير النظافة الصحية، بما في ذلك غسل اليدين، وآداب الصحة التنفسية (مثل احتواء السعال والعطاس)، وإجراءات التباعد الجسدي، وإجراءات تنظيف المرافق، والممارسات الآمنة لإعداد الطعام، كما يجب تدريب الموظفين الإداريين والمعلمين على ممارسات التباعد الجسدي والنظافة الصحية المدرسية.

ويجب الأخذ في الاعتبار احتياج شريحة كبيرة من الطلاب لمساعدة إضافية لتدارك ما فاتهم من دروس في السنة الماضية عندما تعيد المدارس فتح أبوابها. وتعكف كثير من دول العالم على وضع خطط لتقديم دروس تقوية للمساعدة في وضع الطلاب على المسار التعليمي المطلوب لمرحلتهم الدراسية، وقد يتضمن ذلك بدء السنة الدراسية بتقديم دورات لمراجعة الدروس السابقة وتقديم دروس تعويضية، وبرامج تعليمية بعد انتهاء اليوم الدراسي، أو واجبات تكميلية لينجزها الطلاب في منازلهم. ونظرا لاحتمالية أن العديد من المدارس ربما لن تفتح بدوام كامل أو لجميع الصفوف، فقد تطبق المدارس نماذج «التعليم الهجين»، وهو مزيج من الدروس في الصفوف والتدريس عن بعد (الدراسة الذاتية من خلال تمارين يأخذها الطلاب إلى منازلهم، والتعليم عبر البث الإذاعي أو التلفزيوني أو الإنترنت).

وأنصح الوالدين والأسر بتقديم دعم إضافي لأطفالهم في المنزل من خلال إرساء روتين يستند إلى وقت المدرسة والدراسة في المنزل قبل بداية الدراسة الفعلية، ويجب التواصل مع المعلمين وإدارة المدرسة بشكل فعال ودوري والبقاء على اطلاع على ما يجري وتدارك أي صعوبات قد تحدث، فعلى الوالدين مسؤولية كبيرة لا تقل عن مسؤولية المدرسة؛ فعلى الوالدين مساعدة الطفل على الالتزام بالروتين اليومي، وجعل التعلم مرحا من خلال دمجه بالأنشطة اليومية في الأسرة مثل وقت القراءة العائلية أو الألعاب.

أتمنى لطلابنا عودا حميدا للمدارس ونسأل الله لهم التوفيق.

@almaiahmad2