هل التكريم حكر على الرياضيين؟
السبت / 6 / محرم / 1443 هـ - 20:28 - السبت 14 أغسطس 2021 20:28
حديث عابر بين أخوين استوقفني كثيرا بعد استقبال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبطل الكاراتيه السعودي وحامل فضية أولمبياد طوكيو 2020 طارق حامدي.
الأول خريج هندسة صناعية مع مرتبة الشرف، والثاني طالب بكلية الطب.
الأول: تعتقد أعطاه مكافأة غير الـ5 ملايين اللي حصل عليها من وزارة الرياضة؟
الثاني: حتى لو ما أعطاه، يكفي أنه استقبله وهذا تكريم بحد ذاته.
الأول: هو فقط الاستقبال؟! هذا وزير الرياضة بنفسه كان معه في البطولة، ورجع معه في طيارة خاصة، وعمل له استقبال فاخر.
الثاني: الله لو استمريت في الكورة، كان يمكن معايا ملايين اليوم.
الأول: طيب أنت كان في راسك كورة.. إيش وضع اللي ما له في الرياضة؟
الثاني: يدح ويدرس ويشتغل وما أحد درى عنه.
الأول: تقدر تبطل طب وترجع تلعب كورة.
الثاني: والله فكرة! تعتقد في أمل؟!...
بالتأكيد أن الكثير منا مر على مسامعه مثل هذا الحديث أو شبيه به، ليس فقط في الأيام الماضية بعد تكريم البطل حامدي، والاحتفاء الرسمي والشعبي الذي حصل عليه، وتداول مقاطع فيديو مباراته الأخيرة عبر الجوالات، وظهور صوره على لوحات الشوارع الإعلانية، وقفزه من العدم إلى ذاكرة السعوديين.
وهو بالتأكيد يستحق ذلك، ولكن كذلك بعد حصول رياضيين آخرين على ذات التقدير من أعلى سلطة في البلد نظير ما حققوه من إنجازات، كما حصل مع لاعبي نادي الهلال عندما استقبلهم ولي العهد وكرمهم بعد تحقيق كأس دوري أبطال آسيا 2019، ومن قبلهم لاعبو المنتخب الأول بعد تأهلهم لكأس العالم في روسيا 2018، وغيرها من الاستقبالات التي تظهر اهتمام القيادة بإنجازات شباب وشابات المملكة في كافة الميادين.. فهل الاحتفاء أصبح حكرا على الرياضيين؟!!
شخصيا سأتجاهل جميع الوزارات وأخصص مقالي هذا لوزارة التعليم، لا لشيء سوى لأنها تشترك مع وزارة الرياضة في اهتمامها بالنشء والشباب، الأولى بدنيا وهي عقليا.
لا ننفك نقرأ بين حين وآخر أخبارا عن مشاركة نخبة من طلابنا وطالباتنا في بطولات عالمية وأولمبياد علمية معرفية، وتحقيقهم ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية نظير تفوقهم في هذه العلوم، أو تحقيقهم اختراعات كفيلة بتغيير وجه البشرية.
وعلى الرغم من ضخامة المنجز إلا أن التكريم الذي يحصل عليه هؤلاء الطلاب من وزارة التعليم لا يقارن نهائيا بما يحصل عليه الرياضيون، سواء ماليا أو معنويا، علاوة على أن التغطية الإعلامية المصاحبة لفعالياتهم إما أنها معدومة، أو أنها تصل مصادفة لبعض الناس على هيئة تسجيلات ركيكة تم تصويرها بأجهزة جوالات أولياء أمورهم المرافقين لهم.
وليت الأمر يتوقف عند هذا الحال، بل إن عودتهم للمملكة دائما ما تكون عبر رحلات طيران مجدولة سلفا، وعلى الدرجة السياحية، وسط عموم الركاب، لا يعلم عنهم أحد.
وإن وُجد مع البعثة شخص مهتم وأشعر قائد الطائرة بوجود هؤلاء النوابغ بين ركابه، فيتبرع مشكورا بتهنئتهم عبر السماعات الداخلية للطائرة. أما وصولهم إلى أرض الوطن فحدث ولا حرج، حيث يكون خروجهم عادة من الباب الخلفي بعيدا عن أعين رجال الصحافة و»ملاقيف» السوشيال ميديا، حيث يكتفى بتقليدهم عقودا من الورد وقبلة على الجبين.
هذا يقودني للسؤال: هل ما يتم الحديث عنه من إنجازات علمية تحققت في ميادين العلم والعلوم أمر حقيقي يفترض أن نفخر به كسعوديين وبمن حققه، أم إنها فقاعة كفقاعات تصنيف الجامعات التي تظهر علينا كل حين، وتتسابق على التغني بها جامعاتنا؟ والسؤال الآخر: هل مشاركة هؤلاء الطلاب تتم بعلم الوزارة ورعايتها، أم إنها تفاجأ مثلنا بأخبارها؟
أسأل ذلك، لأنه إن كانت فقاعة فلتخرج علينا وزارة التعليم وتنفيها، بدلا عن تركنا نتجرع مرارات الوهم، والاحتفال بانتصارات كاذبة. أما إن كانت حقيقية فالوزارة من أعلى سلطة فيها إلى أصغر العاملين بها مقصرة في حق هؤلاء الأبطال، كونها لم تحتف بهم كما يستحقون.
وكان حريا بوزير التعليم أن يحذو حذو وزير الرياضة في حضوره شخصيا أو من يمثله مع هؤلاء الأبطال أثناء مشاركاتهم الخارجية، مدعوما برجال الصحافة والإعلام والقنوات الفضائية، ومن ثم ترتيب استقبال يليق بهم وبمنجزهم، وتكريمهم ماديا ومعنويا بما يستحقون، فهم ليسوا بأقل من أشقائهم الرياضيين.
عندها لو استؤذن ولي العهد في استقبال هؤلاء الأبطال وتكريمهم نظير ما حققوه باسم الوطن، فبالتأكيد أنه لن يتردد في ذلك، كعادته مع المتميزين، ولكن تقصير وزارة التعليم تجاه أبنائها وتجاهلهم يعطي رسالة سلبية، مفادها أن النجاح والاحتفاء به لا يتم إلا إذا كان في ميدان الرياضة، وهذا بالتأكيد يخالف نهج قيادتنا الرشيدة.
@alnowaisir
الأول خريج هندسة صناعية مع مرتبة الشرف، والثاني طالب بكلية الطب.
الأول: تعتقد أعطاه مكافأة غير الـ5 ملايين اللي حصل عليها من وزارة الرياضة؟
الثاني: حتى لو ما أعطاه، يكفي أنه استقبله وهذا تكريم بحد ذاته.
الأول: هو فقط الاستقبال؟! هذا وزير الرياضة بنفسه كان معه في البطولة، ورجع معه في طيارة خاصة، وعمل له استقبال فاخر.
الثاني: الله لو استمريت في الكورة، كان يمكن معايا ملايين اليوم.
الأول: طيب أنت كان في راسك كورة.. إيش وضع اللي ما له في الرياضة؟
الثاني: يدح ويدرس ويشتغل وما أحد درى عنه.
الأول: تقدر تبطل طب وترجع تلعب كورة.
الثاني: والله فكرة! تعتقد في أمل؟!...
بالتأكيد أن الكثير منا مر على مسامعه مثل هذا الحديث أو شبيه به، ليس فقط في الأيام الماضية بعد تكريم البطل حامدي، والاحتفاء الرسمي والشعبي الذي حصل عليه، وتداول مقاطع فيديو مباراته الأخيرة عبر الجوالات، وظهور صوره على لوحات الشوارع الإعلانية، وقفزه من العدم إلى ذاكرة السعوديين.
وهو بالتأكيد يستحق ذلك، ولكن كذلك بعد حصول رياضيين آخرين على ذات التقدير من أعلى سلطة في البلد نظير ما حققوه من إنجازات، كما حصل مع لاعبي نادي الهلال عندما استقبلهم ولي العهد وكرمهم بعد تحقيق كأس دوري أبطال آسيا 2019، ومن قبلهم لاعبو المنتخب الأول بعد تأهلهم لكأس العالم في روسيا 2018، وغيرها من الاستقبالات التي تظهر اهتمام القيادة بإنجازات شباب وشابات المملكة في كافة الميادين.. فهل الاحتفاء أصبح حكرا على الرياضيين؟!!
شخصيا سأتجاهل جميع الوزارات وأخصص مقالي هذا لوزارة التعليم، لا لشيء سوى لأنها تشترك مع وزارة الرياضة في اهتمامها بالنشء والشباب، الأولى بدنيا وهي عقليا.
لا ننفك نقرأ بين حين وآخر أخبارا عن مشاركة نخبة من طلابنا وطالباتنا في بطولات عالمية وأولمبياد علمية معرفية، وتحقيقهم ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية نظير تفوقهم في هذه العلوم، أو تحقيقهم اختراعات كفيلة بتغيير وجه البشرية.
وعلى الرغم من ضخامة المنجز إلا أن التكريم الذي يحصل عليه هؤلاء الطلاب من وزارة التعليم لا يقارن نهائيا بما يحصل عليه الرياضيون، سواء ماليا أو معنويا، علاوة على أن التغطية الإعلامية المصاحبة لفعالياتهم إما أنها معدومة، أو أنها تصل مصادفة لبعض الناس على هيئة تسجيلات ركيكة تم تصويرها بأجهزة جوالات أولياء أمورهم المرافقين لهم.
وليت الأمر يتوقف عند هذا الحال، بل إن عودتهم للمملكة دائما ما تكون عبر رحلات طيران مجدولة سلفا، وعلى الدرجة السياحية، وسط عموم الركاب، لا يعلم عنهم أحد.
وإن وُجد مع البعثة شخص مهتم وأشعر قائد الطائرة بوجود هؤلاء النوابغ بين ركابه، فيتبرع مشكورا بتهنئتهم عبر السماعات الداخلية للطائرة. أما وصولهم إلى أرض الوطن فحدث ولا حرج، حيث يكون خروجهم عادة من الباب الخلفي بعيدا عن أعين رجال الصحافة و»ملاقيف» السوشيال ميديا، حيث يكتفى بتقليدهم عقودا من الورد وقبلة على الجبين.
هذا يقودني للسؤال: هل ما يتم الحديث عنه من إنجازات علمية تحققت في ميادين العلم والعلوم أمر حقيقي يفترض أن نفخر به كسعوديين وبمن حققه، أم إنها فقاعة كفقاعات تصنيف الجامعات التي تظهر علينا كل حين، وتتسابق على التغني بها جامعاتنا؟ والسؤال الآخر: هل مشاركة هؤلاء الطلاب تتم بعلم الوزارة ورعايتها، أم إنها تفاجأ مثلنا بأخبارها؟
أسأل ذلك، لأنه إن كانت فقاعة فلتخرج علينا وزارة التعليم وتنفيها، بدلا عن تركنا نتجرع مرارات الوهم، والاحتفال بانتصارات كاذبة. أما إن كانت حقيقية فالوزارة من أعلى سلطة فيها إلى أصغر العاملين بها مقصرة في حق هؤلاء الأبطال، كونها لم تحتف بهم كما يستحقون.
وكان حريا بوزير التعليم أن يحذو حذو وزير الرياضة في حضوره شخصيا أو من يمثله مع هؤلاء الأبطال أثناء مشاركاتهم الخارجية، مدعوما برجال الصحافة والإعلام والقنوات الفضائية، ومن ثم ترتيب استقبال يليق بهم وبمنجزهم، وتكريمهم ماديا ومعنويا بما يستحقون، فهم ليسوا بأقل من أشقائهم الرياضيين.
عندها لو استؤذن ولي العهد في استقبال هؤلاء الأبطال وتكريمهم نظير ما حققوه باسم الوطن، فبالتأكيد أنه لن يتردد في ذلك، كعادته مع المتميزين، ولكن تقصير وزارة التعليم تجاه أبنائها وتجاهلهم يعطي رسالة سلبية، مفادها أن النجاح والاحتفاء به لا يتم إلا إذا كان في ميدان الرياضة، وهذا بالتأكيد يخالف نهج قيادتنا الرشيدة.
@alnowaisir