مسار جامعة الدول العربية المتأمل
الأربعاء / 22 / شوال / 1437 هـ - 23:30 - الأربعاء 27 يوليو 2016 23:30
منظمة إقليمية، تجمع الـ(22) دولة عربية، وتجتهد برعاية شؤون وهموم وطموح ما يقارب 370 مليون نسمة ينتشرون من الخليج إلى المحيط.
وقد وقع ميثاق تأسيسها بالقاهرة عام 1945، ثم انتقلت بعد ذلك بخمسة أعوام إلى اتفاقية الدفاع والتعاون الاقتصادي المشترك.
وقد مرت بأزمات عديدة كان غضب الدول العربية على مصر أقواها، بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل في 1979م، لينقل مقرّها إلى تونس أحد عشر عاما.
ومنذ 1964م، أصبح لها قمة سنوية، يحضرها قادة العرب، ويتم خلالها مناقشة القضايا، التي تهمهم، ويتم اتخاذ القرارات فيها بالإجماع، لتوالي الأمانة العامة لمجلسها المتابعة والتنفيذ؛ ويكون للجامعة أمين عام يرشح من قبل الدول العربية كل خمس سنوات.
ويلاحظ أن الدول الواقعة تحت مظلتها شديدة التباين في المستويات الاقتصادية، رغم عطاء الدول الغنية بشكل مستمر، كما يلاحظ وجود بعض الخلافات وتعسر بعض الروابط، وعدم تحقق بعض قراراتها.
وقد عقدت آخر قمة للجامعة (27)، الأسبوع الحالي، في نواكشوط بموريتانيا، برئاسة الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبدالعزيز، وكان المصري أحمد أبوالغيط هو الأمين العام للجامعة.
وما يلاحظ على القمة الأخيرة، وعلى القمم السابقة لها كثرة المواضيع المطروحة مقارنة بزمن اجتماع القمة الضيق؛ وهذا بدون شك تابع لما تعاني منه معظم الدول العربية من أحداث جسام وحروب، وعنف وإرهاب وتهديدات خارجية، ووجود بعض الاختلافات في التوجهات بين بعض الدول، مما يجعل نتائج القمم غير متناسقة ولا ملزمة في بعض الأحيان، وبعضها يستحيل تنفيذه بالشكل المتأمل.
الإرهاب تصدر القمة الحالية كأحد التحديات التي تواجه العرب، مع الإشارة للتدخل الفارسي، وأزمة سوريا، واليمن، وليبيا، وقضايا التقسيم، بينما كانت القضية الفلسطينية الأهم كما في كل القمم السابقة!.
وقد استمعنا في القمة لخطابات مطولة، ألقيت في الاجتماع الذي يفترض أنه مختصر، فكان كل خطاب يصب في سواقي رؤى قد تلتقي وقد تفترق كليا عن سواقي البقية، وكأن الجامعة ما تزال تدار بعقلية البدايات الأولى لتأسيسها.
القمة قصيرة ومختصرة، وهذا الكم من المواضيع يحتاج من الأمانة العامة لسنوات عديدة لمتابعتها، وتنفيذها، زيادة على ضخامة تكلفة المتابعة!.
حقيقة أن الجامعة لا تتطور كما يحدث لتجمعات عالمية إقليمية وسياسية واقتصادية؛ وكثرة المواضيع تسبب التمييع والروتينية، فليس من المستبعد استمرار مناقشة قضية الإرهاب لعشرات القمم!.
الجامعة كيان قابل للكسر، وفيها مجاملات عظيمة، وبها خلافات غير مرئية، ولو كانت قممها تبدأ بإصلاح ذات البين، ثم تكتفي بموضوع واحد في كل قمة، فقد تتحقق المعالجة الكاملة أثناء انعقاد القمة، ودون الدخول والخروج من زوايا جانبية تسبب موت القضايا المصيرية.
تخصيص قضية لكل قمة، مهم جدا، بحيث تأتي كل دولة عبر قائدها أو من ينوب عنه، للإقرار بما ستفعله بلاده لحل هذه القضية بالذات وبجدول زمني، والتزام، ودون تشعب، وخلط للأوراق.
وتبعا لذلك لا بد أن يصبح للجامعة عدة قمم سنويا، وبحسب جداول القضايا الهامة، والخطيرة، والطارئة، بحيث تتمكن الجامعة خلال عدة سنوات من حل أغلب القضايا العربية، المتعسرة، والمتراكمة؛ وعندها لن نجد القمم تنتهي ببيان ختامي، يكتب قبل القمة، ولا بطلاسم، وتحصيل حاصل.
shaher.a@makkahnp.com