العالم

انتهت اللعبة.. رسالة تونس إلى الإخوان

القضاء يحقق في تلقي حركة النهضة وحزب قلب تونس أموالا أجنبية هيئة الدفاع تطالب الرئيس بالتحقيق في أموال الغنوشي المشبوهة اتهام وزيرة العدل حسناء بنت سليمان بالتستر على المجرمين لوفيجاروا: ضربة موجعة للتنظيم الإرهابي وتفجر الغضب الشعبي لوموند: تدخل سعيد أنقذ البلاد من وضع كارثي وخلافات عميقة

شعار «انتهت اللعبة» الذي رفعه التونسيون في وجه الإخوان (د ب أ)
(انتهت اللعبة).. لافتة رفعها مؤيدو الرئيس التونسي قيس سعيد في وجه جماعة الإخوان الإرهابية في تونس، لتتحول إلى مانشيت عريض لصحيفة (لوموند) الفرنسية التي أكدت أنها بمثابة رسالة تونسية لا تترك مجالا للشك لحركة النهضة التابعة للإخوان.

واعتبرت الصحف الفرنسية أن الفرحة الشعبية التي عبر عنها التونسيون في الشوارع في أعقاب قرارات سعيد الشجاعة بحل حكومة هشام المشيشي وتعطيل البرلمان وتولي السلطة التنفيذية، نهاية للحزب الذي أغرق البلاد في المجهول، وأصبحت تونس في ظله أول دولة مصدرة للإرهابيين الشباب.

ونقلت الصحف بشكل موسع صور الفرحة التي شهدتها العاصمة التونسية بعد إعلان هذه القرارات، وأكدت على أن تونس تواجه وضعا كارثيا في مدنها وأريافها بسبب تفش غير مسبوق لفيروس كورونا، وتعيش أزمة سياسية عميقة على خلفية الخلاف بين الرئيس قيس سعيد وراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية.

ملاذ شرعي

واعتبرت صحيفة (لا كروا) أن هذه الخطوة من الرئيس قيس سعيد، بالغة الأهمية، وهي تهدف إلى الخروج من الأزمة السياسية التونسية، وفي غياب محكمة دستورية، فإن كثيرين يعتبرون أن هذه القرارات هي ملاذ شرعي، ومشروع للصالح العام.

ونقل موقع (24) الإماراتي عن صحيفة (لوفيجاروا)، وصفها ما حدث بأنه ضربة لحركة النهضة التي تمثل تنظيم الإخوان في تونس، والتي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع السيئ اقتصاديا وصحيا، مشيرة إلى أن تفاقم الأزمة الصحية وسوء إدارتها من قبل الحكومة التي تفتقر إلى التخطيط والتنسيق، فجر الوضع شعبيا وأدى بالتالي إلى وضع حد للمواجهة المستمرة منذ ستة أشهر بين رئيس البرلمان ورئيس الدولة.

رحيل الإخوان

وترى الصحيفة اليومية الفرنسية، أن الأزمة الصحية التي اقترنت بالأزمة السياسية في تونس دفعت بعدد كبير من المواطنين للخروج إلى الشارع والمطالبة بتنحي الحكومة وحل البرلمان الذي يهيمن عليه الإخوان، في تصعيد قوي للغضب ضد المنظومة الحاكمة وسط أسرع تفش لفيروس كورونا وتدهور الوضعين الاقتصادي والسياسي. وهو ما دفع بالرئيس التونسي لتجميد جميع سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان، وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه.

وتحدثت (لوفيجاروا) أيضا عن جانب مهم آخر، وهو تصدير الإرهابيين لفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي تحت أعين حكومة النهضة، ناقلة في هذا الصدد عن بعض التوانسة قولهم «كالعادة، نشعر بالرعب من أنباء وقوع هجوم إرهابي في أوروبا، ندعو الله أن الإرهابي المزعوم ليس تونسيا ونخفي وجوهنا حتى صدور نتائج تحقيقات الشرطة» متسائلين «لماذا نحن وأين دور الحكومة؟!».

منع الخطر

وأبرزت غالبية الصحف الفرنسية اعتبار الاتحاد العام للشغل التونسي، وهو المركز النقابي النافذ في البلاد، أن قرارات رئيس الجمهورية (متوافقة) مع الدستور، وأن هذه التدابير الاستثنائية التي اتخذها وفقا للمادة 80 من الدستور تهدف إلى منع خطر وشيك واستعادة العمل الطبيعي لأجهزة الدولة، مؤكدا أنه حان الوقت أن تتحمل الأطراف المسؤولة عن الوضع المتدهور في البلاد مسؤولياتها، وأن تضع على عاتقها نهاية هذه الحقبة التي أشعلت النار في تونس.

ووصفت صحيفة (ليزيكو) الليبرالية الفرنسية، الرئيس التونسي بأنه صادق ومن الصعب إرضاؤه فيما يتعلق بالنصوص القانونية التي يلم بها جيدا، مشيدة بمساعيه لمكافحة الفساد واستعادة آمال التونسيين التي ضاقت من الطبقة السياسية الحاكمة، مشيرة إلى أنه كان من الخطأ وصفه من قبل البعض على أنه سلفي بسبب بعض آرائه الدينية المعروفة، بل هو محافظ متشدد بتطبيق قوانين الدستور -على حد وصف الصحيفة-.

طمأنة دولية

وعملت تونس على طمأنة المجتمع الدولي، وأطلع وزير خارجيتها عثمان الجرندي شركاء تونس وعدة دول شقيقة وصديقة وعددا من المسؤولين في المنظمات الإقليمية والدولية على تطورات الوضع في تونس في خطوة لطمأنة المجتمع الدولي بشأن الانتقال الديمقراطي في البلاد.

وأجرى سلسلة اتصالات بوزراء خارجية السعودية والكويت ومصر، إضافة إلى إيطاليا وفرنسا وتركيا وكاتب الدولة للشؤون الخارجية في ألمانيا، واتصل بالمفوضة السامية لحقوق الإنسان والممثل السامي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن بالاتحاد الأوروبي والأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.

وقال الجرندي «إن قرارات الرئيس قيس سعيد هدفها الحفاظ على المسار الديمقراطي وحماية المؤسسات الدستورية وتحقيق السلم الاجتماعي، وأن التدابير التي اتخذت تهدف إلى التنظيم الموقت للسلطة إلى حين زوال حالة الخطر الداهم على الدولة، مع ضمان كل الحقوق والحريات وعدم المساس بها».

ملاحقة النهضة

قال مسؤول قضائي في تونس، «إن القطب القضائي الاقتصادي والمالي بدأ التحقيق في تهم بتلقي أموال أجنبية ضد حزبي حركة النهضة وقلب تونس الليبرالي وحزب ثالث.

وقال المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في العاصمة محسن الدالي «إن التحقيقات تجري بعد شكاية تقدم بها حزب التيار الديمقراطي، القريب من الرئيس قيس سعيد، وتشمل التهم الموجهة أيضا إلى حزب عيش تونسي، تلقي أموال أجنبية مجهولة المصدر وتمويل أجنبي خلال الحملة الانتخابية في 2019، وأكد أن قاضي التحقيق يمكنه أن يصدر قرارا مثل تحجير السفر وتجميد أموال.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل دعا لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي بالكشف عن التحويلات المالية للأحزاب والجمعيات وعرضها على القضاء.

أموال الغنوشي

ودعت هيئة الدفاع عن المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى فتح تحقيقات ضد كل من الجهاز السري لحركة النهضة المتورط في الاغتيالات السياسية، ورئيسها راشد الغنوشي وأمواله المشبوهة، بعدما أصبح مسؤولا عن النيابة العمومية.

وقالت الهيئة في مؤتمر صحفي أمس، إنها تساند قرارات الرئيس قيس سعيد، وتعتبر أن ترؤسه للنيابة العمومية «قرار قانوني»، وطلبت منه النظر في الشكايات حول الجهاز السري لحركة النهضة وآلاف قضايا الإرهاب الموجودة على الرفوف التي لم تر النور، وتم تعطيلها بعد سيطرة الحركة على جهاز القضاء.

واعتبرت عضو هيئة الدفاع إيمان قزازة، أنه لا يمكن القبول بمواصلة راشد الغنوشي المتورط في التلاعب بالقضاء على رأس البرلمان، مضيفة أن الغنوشي انتفض هذه الأيام بعد قرارات قيس سعيد، من أجل الحفاظ على المنظومة التي تحميه وسرية القضايا التي تورط حزبه في قضايا إرهاب.

محاسبة حسناء

وطالبت الهيئة كذلك بالتحقيق في أموال الغنوشي المشبوهة ودعت برلمانات العالم إلى إيقاف التعامل معه لتورطه في الاعتداء على الأمن القومي التونسي، كما طالبوا بمحاسبة وزيرة العدل السابقة حسناء بنت سليمان من أجل التستر على المجرمين وتعطيل الملفات وقبرها.

من جانبه، كشف عضو الهيئة رضا الرداوي، أن قياديي حركة النهضة وجهوا تهديدات للقضاة من أجل عدم فتح الملفات، مشيرا إلى أن ترؤس سعيد للنيابة العمومية هي ضمانة لفتح الأبحاث في قضايا الإرهاب.

وكشفت هيئة الدفاع عن المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، أدلة تورط حركة النهضة في قضية الاغتيالات السياسية، واتهمت زعيمها ورئيس البرلمان راشد الغنوشي بالتغطية السياسية على الإرهابيين في تونس وحمايتهم قضائيا.