الرأي

سوق الاستشارات الطبية

نجاح الزهراني
مع ما نعيشه من ثورة في استخدام التقنية، أصبح كل ما نريد الوصول إليه بضغطة زر حتى وإن ظهر الأمر ليس بالسهل لبعض المجالات التي لها خصوصية بالغة، لا تخلو منصات التواصل الاجتماعي من بعض العبارات الترويجية لمواقع الاستشارات الطبية التي يعتمد عليها بعض الأطباء لتقديم خدمات الاستشارات الطبية عن بعد وهناك العديد من المواقع والتطبيقات المتخصصة في ذلك، ولعلها خدمت الكثير ممن يجدون صعوبة في الذهاب إلى العيادات والمراكز الصحية، ووزارة الصحة رائدة في ذلك.

(سوق) الاستشارات الطبية عن بعد زاخر بمختلف التخصصات والمؤهلات الصحية، وما دفعني لكتابة هذا المقال، تصفحي بعض المواقع التي تختص بما يسمى بالاستشارات الطبية الفورية، وجدت فيها قائمة طويلة من الأطباء من أخصائيين واستشاريين بمختلف التخصصات والأسعار أيضا، ولفت انتباهي أن هناك عروضا وخصومات لبعض الاستشارات وصلتني عندما قمت بالتسجيل في إحدى المواقع، وذلك يعني أن هناك سوقا للاستشارات الطبية قائمة على العرض والطلب، ولكن المبالغة أحيانا قد تفسد الخدمة قيمتها؛ فقائمة الأسعار والخدمات المعروضة كانت غريبة نوعا ما، وزادها غرابة وجود (كود خصم) لبعض التخصصات ربما التي لا إقبال عليها.

فسؤالي هنا، هل الاستشارات الطبية عن بعد مجدية؟ عندما ينشئ الطبيب صفحته الخاصة في هذه المواقع بمقدمة تعريفية بخبراته واهتماماته فهي عملية (إقناع) بجدارته وربما (تسويق) لنفسه، وقد يكون لزيادة (دخله الشهري) أو ربما خدمة إنسانية مدفوعة مقابل وقته؟ كغيرها من المهن يرغب شاغليها الاستزادة من المال، ولكن تظل مهنة الطب ليست كغيرها والخطأ أو التهاون في دقة الإجابة لا تغفر مطلقا يتبادر إلى ذهني صورة ربما تكون خاطئة، أن من يقدم الاستشارات الطبية عن بعد مستلقيا على أريكة وبيده جهاز (الريموت) ويجيب على سؤال المريض وربما يحتسي كوبا من القهوة أو على مائدة الطعام.

ما أشبه اليوم بالبارحة، قبل سنوات عدة كنا نعاني من سطوة إعلانات المدرسين الخصوصيين على أعمدة الإنارة والمحلات التجارية وأسوار المدارس، ولاقت رواجا واسعا حينها، وها هي الاستشارات الطبية باتت شبيهة بالدروس الخصوصية اليوم؛ فما أن تنظر يمنة ويسرة في مواقع التواصل أو محركات البحث إلا وانبثقت تلك الإعلانات لمجموعة متنوعة من هذه الخدمات، ولا نعلم هل لديهم تصريح من وزارة الصحة؟ وهل جميعهم أطباء؟

وفي الختام، نعلم أن التعميم لغة الجهلاء، سأستثني من لا يؤمن بمدرسة الاستشارات الطبية عن بعد؛ ولكن قد يدفعه واجبه الإنساني بالإجابة عن سؤال ظهر له أهميته. هناك من الأطباء من لا يقدم أي استشارة طبية أيا كانت نوعها ولا يدلي بأي تشخيص شفوي حتى وإن بدت له كل الدلائل اللازمة لتأكيد رأيه وهناك من يقدم الاستشارات في مواقع التواصل لزيادة أعداد المتابعين وبين هذا وذاك رأي آخر.

Najah_ ALzahrani@