الرأي

النفخ تحت أدمغة السذج!!

أحمد الهلالي
مهما كتبنا، ومهما دلقت المطابع، وحمل الأثير، ومهما غردنا أو (فسبكنا) فلن نوفي الوطن حقه، ولن أفسر قدره؛ لأنه يسكننا كما نسكنه، ولا أدل على سكناه في أعماقنا من ثوران أرواحنا بمشاعرها المختلفة في أفراحه وأتراحه، وها هم أبناؤنا الأشاوس على حدوده ومدنه وقراه يسقون أمنه من شرايينهم، ويوزعون أرواحهم على ضفاف أمانه وردا لا يناله الذبول. كأي وطن في الدنيا، يلقى وطننا عقوقا من بعض أبنائه وهم (قلة)، فتجب معاقبتهم، وردهم إلى دروب البر بناة لا هادمين، وبين فينة وأخرى، نسمع شائعة أو خبرا مؤكدا عن توقيف عاق، زلقت قدماه فوجب سؤاله عمّا سلكه في الضلال، وحين يصل الخبر أعداء الوطن؛ تتسابق أفئدتهم المشتعلة كرها إلى قلوب الغافلين والسذج، فيصبح ذلك العاق (إماما) معتبرا مقدسا، في مساءلته جرأة على الدين، ويضج الفضاء بأصوات الناعقين من كل حدب وصوب، ينتحبون كالذئاب الجوعى، ويولولون للي أعناق وتهييج عواطف السذج، (أصحاب النظرة اليتيمة) حتى يجاروهم نحيبا وعويلا، في محاولة حثيثة لجرهم إلى منطقة الفعل ضد أوطانهم. تُثار أسئلة في أدمغة السذج (لماذا فلان يُساءل/‏ ولماذا فلان يترك)، وتشتعل تلك الأسئلة وكأن القائم بالتوقيف والسؤال لا يملك الحق، ولا يعلم أين يضع قدمي سؤاله، وتظل تلك الأسئلة تدور متعامية عن قول الحق: [وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ]، ومتغافلة عن قواعد بيانات وزارة الداخلية الضخمة عن كل الأصوات الجهورية في الوطن، ومتغابية عن أن أمن الوطن ليس (قضية رأي) يمكن الخلاف والاختلاف عليها، ومتعامية عن أبنائنا الذين خرجوا من أوطانهم فأصبحوا خرافا تباع وتشترى بين التنظيمات الإرهابية، ومتعامية عن أبنائنا الذين عقوا الوطن فاقتحموا المساجد يفجرون المصلين، ويقتّلون رجال الأمن، حتى وصل بهم الحال إلى قتل الوالدين قربانا للإرهابيين وإعلان ولاء. أولئك المتعامون السذج، لم يكلفوا أنفسهم تجربة (النظرة تلو النظرة) في كل أمر يسمعونه أو يقرؤونه، فينساقون كالقطيع عميا خلف معرفات (مستعارة) آثمة، تكره أن يظل بلدنا آمنا مطمئنا، وكم يحزن الغيورون حين يرون أبناءنا (يدرْبون رؤوسهم) تتخطفهم (الهاشتاقات) المغرضة، وتتجاذب عواطفهم المعرفات المستعارة الكائدة للوطن وأمنه، رغم أنهم يتعوذون من الفتنة وهم وقودها ومشاعلها، لكنهم لا يتفكرون!! يا سادة، لم نسلم من الآخرين ونحن في غنى عنهم، فبالله عليكم كيف سيكون الحال لو جئناهم صاغرين؟ أي هوان وأي ذلة ستضرب علينا حينها؟ فلا عزة لنا إلا بالله ثم تشبثنا بوطننا وأمنه، وإلجام أفواه الحاقدين بحجر التجاهل، وصد أمانيهم بمتانة الوحدة والتلاحم، فجاهل من يظن الدين من هموم المحرضين، بل تحركهم أجندة سياسية وفئوية لتحقيق مآرب خاصة، ودونكم رؤوس الفتنة الذين يحرضون أبناء المسلمين على الخروج، لكن أبناءهم في مأمن، ويشحنون النشء بمشاعر الكره ضد وطنهم وحكومته، وهم يتقلبون منعمين في خيرات الوطن. نحن ربما لا نعلم ما يدور في صفوف أبنائنا الدراسية وقاعاتهم، ولا حلقات التحفيظ، أو المخيمات، أو مواقع الانترنت، لكن لو توقفنا قليلا، وتخلصنا من عواطفنا المقدِسة للشخوص وجالسنا أبناءنا وسألناهم عمّا يدور هناك؛ لتكشفت لنا حقائق مدهشة، تقشعر لها خلايا الوطن، عن كم التحريض، وطرق البرمجة السلبية المباشرة وغير المباشرة التي يتعرضون لها ضد الوطن والإنسانية، فضلا عن وسائل التواصل الاجتماعي، وربما بعض الأسر تغسل من أدمغة أبنائها تلك البرمجات حين اكتشافها، وبعضها تتجاهل سذاجة أو ثقة، فهل ينفع التبرؤ واستنكار أفعالهم حين يصبحون قنابل وأحزمة ناسفة!!