مواقفنا من الانقلابات تحددها مصلحة الوطن
الأربعاء / 15 / شوال / 1437 هـ - 22:15 - الأربعاء 20 يوليو 2016 22:15
كما أن المملكة دولة مؤثرة ليس في المنطقة فحسب، بل على مستوى العالم، لما لها من ثقل سياسي واقتصادي وديني، فهي أيضا تتأثر بما يقع في عالمنا العربي والإسلامي من أحداث وتطورات. ومن الطبيعي أن تبني مواقفها وسياستها على هذا الأساس بما يخدم مصالحها ويحقق لها أمنها واستقرارها. ولكن هل يعني هذا أن نتحول جميعا إلى خبراء سياسيين ومحللين عسكريين؟
في ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بحكم الإخوان في مصر انقسم الشعب المصري المعني بالأمر إلى قسمين الأول مؤيد لحكم الإخوان، والثاني ضد الإخوان ولا يزالون منقسمين إلى اليوم، وكما انقسموا انقسمنا نحن معهم أيضا إلى مؤيدين للإخوان وآخرين معارضين لهم، ولا يزال بعضنا يتكلم في هذا الشأن إلى اليوم!
أذكر وقتها سألني صديق: هل أنت مع مرسي أم مع السيسي؟ قلت له: أنا مع من يحقق سياسة ومصالح بلدي، أنا مع ما يصدره قادة بلادي من قرارات سياسية، فهم أهل حكم ولديهم من الحنكة والحكمة والخبرة ما يجعلني مطمئنا لكل ما يتخذونه من مواقف وآراء وتوجهات، ولن أكون أكثر منهم فهما ومعرفة بدهاليز السياسة، ولست أحرص منهم على مصلحة وطني.
هذا الأمر تكرر أيضا بعد الانقلاب الفاشل الذي حصل في تركيا، فقد تحولنا جميعا إلى خبراء سياسيين ومحللين عسكريين، وانقسمنا أيضا إلى قسمين، قسم مؤيد للانقلاب وفرح به، والقسم الآخر ضد الانقلاب وعبروا عن تأييدهم للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ولم يبق لهؤلاء إلا أن يذهبوا لتركيا ويشاركوا في المظاهرات المؤيدة له. لكن السؤال المهم: هل رأي كلا الفريقين، سواء المؤيد أو المعارض، نابع عن فهم ومعرفة بالواقع وبما يدور في عالم السياسة من حولهم من ألاعيب في الخفاء، وبما يحاك ضد المنطقة وضد بلادنا من مؤامرات؟
أتوقع أن كثيرين يتكلمون ويدلون برأيهم من غير فهم ولا وعي ولا يعرفون من السياسة إلا اسمها، ولا يعلمون إن كان رأيهم هذا يتماشى مع سياسة بلدهم ويحقق مصلحة وطنهم أم لا. يعني كلام لمجرد الكلام فقط.
أحدهم وجه لي نفس السؤال: هل أنت مع الانقلاب أم ضده؟ أجبته: أنا لست معه ولا ضده، وكررت ذات الإجابة السابقة، أنا مع ما يتخذه قادة بلادنا، يحفظهم الله، من قرارات وآراء ومواقف سياسية، أنا مع من يخدم مصالح وطني ويقف معنا ويؤيد سياستنا ومواقفنا.
هذا الذي يعنيني ويهمني، فمصلحة وطني فوق كل اعتبار. أما عالم السياسة فلها رجالها ودهاتها ومختصوها الذين يرسمون خطوطها ويسيرونها ويحركونها ويعرفون أسرارها وخباياها وتعقيداتها وغموضها ومشاكلها ونتائجها. الأمر ليس مجرد صف حكي فقط.