الخطيب: الفاعل الأخلاقي في اللغة يحدد موقفه بالمبدأ الذي يتبعه
الأربعاء / 15 / شوال / 1437 هـ - 23:15 - الأربعاء 20 يوليو 2016 23:15
أكد الناقد الدكتور عبدالله الخطيب على أن الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو دشن تاريخ الأسلوب الذي ينبغي على الأفراد اتباعه ليجعلوا من أنفسهم فاعلي سلوكيات أخلاقية.
وقال في ورقته المترجمة عن دراسة فلسفية لغوية نشرها الناقد الفرنسي برنارد جارده بصحيفة الجارديان تحت عنوان «من أجل دراسة الأخلاقيات اللغوية»، وألقاها في النادي الأدبي بجدة أمس الأول «صحيح أن كل فعل أخلاقي يتضمن علاقة ما بالواقع الذي يُنجز في إطاره وعلى علاقة بالرمز الذي يرجع إليه».
وأضاف كما أن الفاعل الأخلاقي يحدد موقفه تجاه المبدأ الذي يتبع، ويعرّف نمطه الذي يسير عليه والذي سيكون بمثابة استكمال لذاته الأخلاقية؛ ولإتمام ذلك، يشتغل الفرد على نفسه، والتعرف عليها، والتحكم بها، وامتحانها، وتطويرها، وتحويلها.
الفاعل الأخلاقي
وتابع مستندا إلى كلام فوكو «لا يوجد فعل أخلاقي لا يتكئ على وحدة تصرف أخلاقي؛ كما أنه لا يوجد تصرف لا يستحضر تشكيل الذات كفاعل أخلاقي؛ وأنه ليس هناك تشكيل للفاعل من دون أنماط للتحويل الذاتي، ومن دون تزهد أو ممارسات للذات تساند هذه الأنماط».
الرموز اللغوية
وأضاف الخطيب «دائما ما تُدرس الرموز اللغوية والمعايير؛ أما الدراسات التنويعية عُنيت بدراسة السلوكيات وعلاقاتها بهذه المعايير، كما يظهر من الضروري دراسة الطريقة التي يتكون من خلالها الفاعلون إلى فاعلين لغويين معياريين،على مستوى الفرد: حول أيّ جزء من اللغة يطرح هؤلاء الفاعلون إشكالياتهم ويشكلون المادة التي يتصرفون من خلالها؟، وما الطريقة التي يُخضعون بها أنفسهم للتقيد بالقواعد، وما العمل الذي يقومون به على أنفسهم؟ ليس فقط ليتطابق سلوكهم مع قاعدة محددة؛ وما هو النمط الذي يسعون إليه عند إنجازهم لفعل لغوي مطابق للمعايير».
نقل خطاب اللغة
وأشار الخطيب إلى أنه في نهاية كتاب «الماركسية وفلسفة اللغة» يلاحظ فولوشينوف أن الغلبة في عصر الحداثة في مجال نقل خطاب الغير هي للأشكال الحادّة في الأسلوب التعبيري، وبما أنّ «كل النشاط اللفظي ينحسر الآن في توزيع كلام الغير والكلام الذي يبدو أنه كلام الغير» فإنها لا تتشكل فقط على مستوى الوصف الشكلي لحالة اللغة، «فالكلام الجازم، والكلام الذي يتحمل قائله مسؤوليته، والكلام المثبت لم يعد موجودا سوى في السياقات العلمية».
مداخلات
«تداولت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع طرفة تقول (تشوف الرسايل بالواتس اب تحس إنك عايش مع الصحابة، تخرج الشارع تلقى نفسك مع كفار قريش)، وهي طرفة تصلح أن تكون شاهدا على ما سبق أن تداولنا الحديث حوله في هذه الحلقة وتواطأنا على النظر إليه على أنه ضرب من النفاق الاجتماعي الذي يحاول من خلاله كثيرون أن يظهروا حرصهم على القيم، رغم أنهم يمارسون خلال حياتهم اليومية ما لا ينسجم مع تلك القيم.
ولو تأملنا اعتماد كثير من المشاركين في مواقع التواصل الاجتماعي أسماء مستعارة لرأينا في ذلك عتبة أولى لتبين أننا أمام انشطار لا يكون مبنيا على وعي تتولد من خلاله ذات تمارس الكتابة تختلف عن تلك الذات التي تمارس الحياة اليومية، ويصدق عليها ما ذكره فوكو في كتابه (استعمال الملذات) حين دشن الأساليب التي تتبعها الذات كي تشكل من داخلها فاعلا أخلاقيا عند ممارسته للكتابة».
سعيد السريحي - ناقد
«يقتبس برنارد جارده من بودريار العبارة الآتية: الأخلاق العالية في الحياة العامة تولّد أيضا لغة عالية. وأن اللغة تتشوه على لسان الشخص البذيء؛ وأننا نرى نُبل اللغة على لسان الشخص المغمور تجعل جبينه ونظراته تشرق من الفضيلة.
تشير العبارة ضمنا إلى شخصين: الأول شخص غير بذيء؛ بمعنى ما شخص مؤدب، أخلاقه عالية، وحين يتحدث فإن لغته مؤدبة نبيلة. في المقابل هناك شخص بذيء حين يتحدث يشوه اللغة. لكن بما أن اللغة ظاهرة اجتماعية وليست فردية. وبما أن شبكة من المسلمات تشكل خلفية الإنسان المعرفية؛ فلا مجال لهذا التقسيم إلى لغة شخصين؛ إنما إلى تصورهما عن المجتمع الذي يعيشان فيه».
علي الشدوي - ناقد
«حين عالج جارده مسألة الأخلاقيات اللغوية فأسقط على المعالجة منهج فوكو في تحليل تاريخ الجنسانية إنما كان ينظر إلى العناصر التي بإمكانها أن تسوِّغ الادعاء بتشابه السلوك اللغوي مع السلوك الجنسي، ثم البناء على هذه المشابهة ما يجعل الأخلاقيات اللغوية تماثل السلوكية الجنسانية تماثلا يكفي للتدليل على وجاهة الأطروحة التي تنطوي عليها هذه المقالة.
فهناك قيود وإكراهات تفرضها السلطات المجتمعية المختلفة على السلوك الجنسي للفرد، بمثابة المعايير لما يكون مقبولا أو غير مقبول. بطبيعة الحال يمكن القول إن منظومة المعايير تشكل النظام الذي يؤطر السلوك بشكل جمعي، أما السلوكيات المحتملة فهي الصورة الفردية التي يسعى الفرد في بعض المقامات إلى جعلها متوائمة مع النظام الذي تفرضه السلطات المجتمعية».
محمد الغامدي - أكاديمي