جامعاتنا ورعاية الموهوبين
الاثنين / 2 / شعبان / 1442 هـ - 21:01 - الاثنين 15 مارس 2021 21:01
لأننا نعيش في عصر معقد في قضاياه، فالرهان الحقيقي لتحقيق التنمية المستدامة وقيادتها يتوقف بدرجة كبيرة على العناية الكبرى بالموهوبين كأحد أهم الاستثمارات في العنصر البشري لمواجهة تحديات عصر العلوم والتقنيات الدقيقة والنبوغ المعرفي والأحداث المتتابعة والأزمات المستجدة، وهو ما أدركته الدولة مبكرا بإنشاء مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله (موهبة) لتحويل المجتمع إلى مجتمع معرفة وغرس ثقافة الموهبة والإبداع وتصميم وتبني البرامج المناسبة بالتنسيق والاعتماد على التعليم بقطاعيه العام والجامعي في تنفيذ تلك المشاريع.
ورعاية الموهوبين تقوم على فلسفة عدم كفاية برامج التعليم التي تقدم للطلاب في التعليم العام والجامعات من حيث الزمن المخصص لتلك البرامج ومن حيث محتواها المناسب لقدراتهم وإمكانياتهم، وتركيز الاهتمام على الطلاب العاديين في تلك البرامج بحكم كثرتهم على حساب الموهوبين، وصعوبة تكيف الموهوب مع طبيعة التعليم والتعلم ونمطه في المدارس والجامعات، وحاجة الموهوب إلى معلمين متخصصين ومؤهلين على مستوى عال في اكتشاف قدراتهم وتطويرها وتذليل التحديات التي تواجههم على المستوى الشخصي والأسري والتعليمي والمجتمعي.
وقد سعدت بالمشاركة في ندوة عن دور الجامعات في رعاية الموهوبين بتنظيم إدارة التعليم في محافظة عفيف ضمن نشاطاتها بمناسبة فعاليات الأسبوع الوطني للموهبة والإبداع 2021، وحرصت قبل الندوة على عمل مسح حول نشاطات جامعاتنا في رعاية الموهوبين من خلال ما هو منشور على المواقع الالكترونية للجامعات، وظهر لي ضعف دور الجامعات ونشاطاتها في رعاية الموهوبين وعدم ملاءمته لتحقيق مستهدفات 2030 من هذه الفئة رغم وجود وحدات ضمن الهيكل التنظيمي في معظم الجامعات بمسمى رعاية الموهوبين، باستثناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) المتميزة في مشاريع رعاية الموهوبين والمبدعين.
وجدت أن كل النشاطات التي تقوم بها جامعاتنا في رعاية الموهوبين لا تتجاوز إعداد معلمي التربية الخاصة في مسار الموهبة والإبداع في كليات التربية وبشكل محدود جدا، وتنفيذ البرامج الإثرائية المتواضعة التي تقدمها وحدات الموهوبين والمبدعين وعمادات شؤون الطلاب من خلال برامجها العلمية والثقافية والاجتماعية والرياضية، مع غياب الأهداف المباشرة لرعاية الموهوبين والمبدعين عن الخطط الاستراتيجية للجامعات والخطط التشغيلية في الكليات والعمادات المساندة وعن اتفاقيات التعاون الدولية والمحلية للجامعات، فضلا عن عدم توفر أي إحصاءات بأعداد الموهوبين والمبدعين في مختلف المسارات الأكاديمية وغير الأكاديمية.
ويمكن لجامعاتنا تطوير أدوارها في رعاية الموهوبين بما تملكه من موارد مالية وكفاءات بشرية متخصصة ومراكز أبحاث علمية، ليس ذلك فحسب، بل والإسهام في قيادة وإدارة عمليات رعاية الموهوبين والمبدعين قبل وصولهم إلى المرحلة الجامعية من خلال بعض السياسات والإجراءات والمبادرات، أبرزها: تحويل رعاية الموهوبين إلى صناعة بشرية بمعنى الكلمة، بعيدا عن الأنشطة التقليدية الإثرائية المتواضعة في إجراءات اكتشاف الموهوبين وفي استراتيجيات رعايتهم، وذلك برفع مستوى الوحدات التنظيمية المعنية بالموهوبين في الجامعات إلى مستوى وكالة، وبالتخطيط الاستراتيجي لفئة الموهوبين ضمن خطط الجامعات الاستراتيجية واتفاقيات التعاون الدولية مع الجامعات العالمية المرموقة، وتخصيص الموارد البشرية المؤهلة لإدارة هذه الصناعة والإشراف على تنفيذ عملياتها، وتخصيص الموارد المالية الكافية لنجاح هذه الصناعة.
وتطبيق استراتيجيات التجميع والتسريع في المسارات الأكاديمية المتخصصة التي سبق إليها التعليم العام وحقق فيها نجاحات مقبولة، وعدم الاكتفاء باستراتيجية الإثراء القائمة على الأنشطة فقط، واستحداث استراتيجيات جديدة لرعاية الموهوبين تتناسب وطبيعة التعليم الجامعي وخبرات الأكاديميين المتخصصين في رعاية الموهوبين.
أضف إلى ذلك تجسير الفجوة بين التعليم العام والتعليم الجامعي في رعاية الموهوبين بحيث تكون الجامعات امتدادا لرعاية الموهوبين في رحلتهم التعليمية والتأهيلية مع الموهبة واستمرارية لرعاية الموهوب منذ اكتشافه حتى وصوله إلى الموقع الوظيفي المناسب بعد تخرجه من الجامعة، وهو ما يتطلب شراكات حقيقية للتكامل بين التعليم العام والجامعات، ومراعاة ذلك في خططهم الاستراتيجية والتشغيلية، خاصة عند تحليلاتهم للبيئة الخارجية لكل منهما.
ومن المهم تبني الجامعات لقبول الموهوبين مبكرا دون خضوعهم لمعايير القبول في الجامعات، بناء على ملف الموهوب المتكامل لأنشطته وإبداعاته واختباراته المعيارية ومستوى موهبته، والذي يجب أن ينتقل معه من مرحلة تعليمية إلى أخرى. ومنح الموهوبين في الجامعات الأولوية في وظائف المعيدين في جميع المسارات الأكاديمية واستقطابهم وتحفيزهم نحو العمل الأكاديمي، وابتعاثهم إلى الجامعات العالمية المرموقة لإكمال دراساتهم العليا، ومنحهم مزايا مالية خاصة أثناء ابتعاثهم وبعد عودتهم للعمل الأكاديمي. وعقد اتفاقيات تعاون وشراكة وتوظيف للموهوبين من خريجي الجامعات مع الشركات الوطنية المرموقة. وتصميم برامج صيفية للموهوبين من التعليم العام في المسارات الأكاديمية المتخصصة وغير الأكاديمية في الجامعات والتي تتناسب وموهبة كل منهم، مع منحهم مزايا مالية مقابل حضورهم تلك البرامج وتوفير متطلباتهم من السكن والإعاشة وخلافه من الخدمات الطلابية.
وقد يكون من الضروري لتطوير دور الجامعات في رعاية الموهوبين، خاصة في مجال تجسير الفجوة بين التعليم العام والجامعات، إنشاء إدارة تنسيقية أو حتى وكالة على مستوى وزارة التعليم تعنى بتحقيق التكامل بين القطاعين، وتنسيق الجهود وتذليل التحديات البيروقراطية المؤثرة على نجاح مشروع رعاية الموهوبين.
drAlshreefTalal@
ورعاية الموهوبين تقوم على فلسفة عدم كفاية برامج التعليم التي تقدم للطلاب في التعليم العام والجامعات من حيث الزمن المخصص لتلك البرامج ومن حيث محتواها المناسب لقدراتهم وإمكانياتهم، وتركيز الاهتمام على الطلاب العاديين في تلك البرامج بحكم كثرتهم على حساب الموهوبين، وصعوبة تكيف الموهوب مع طبيعة التعليم والتعلم ونمطه في المدارس والجامعات، وحاجة الموهوب إلى معلمين متخصصين ومؤهلين على مستوى عال في اكتشاف قدراتهم وتطويرها وتذليل التحديات التي تواجههم على المستوى الشخصي والأسري والتعليمي والمجتمعي.
وقد سعدت بالمشاركة في ندوة عن دور الجامعات في رعاية الموهوبين بتنظيم إدارة التعليم في محافظة عفيف ضمن نشاطاتها بمناسبة فعاليات الأسبوع الوطني للموهبة والإبداع 2021، وحرصت قبل الندوة على عمل مسح حول نشاطات جامعاتنا في رعاية الموهوبين من خلال ما هو منشور على المواقع الالكترونية للجامعات، وظهر لي ضعف دور الجامعات ونشاطاتها في رعاية الموهوبين وعدم ملاءمته لتحقيق مستهدفات 2030 من هذه الفئة رغم وجود وحدات ضمن الهيكل التنظيمي في معظم الجامعات بمسمى رعاية الموهوبين، باستثناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) المتميزة في مشاريع رعاية الموهوبين والمبدعين.
وجدت أن كل النشاطات التي تقوم بها جامعاتنا في رعاية الموهوبين لا تتجاوز إعداد معلمي التربية الخاصة في مسار الموهبة والإبداع في كليات التربية وبشكل محدود جدا، وتنفيذ البرامج الإثرائية المتواضعة التي تقدمها وحدات الموهوبين والمبدعين وعمادات شؤون الطلاب من خلال برامجها العلمية والثقافية والاجتماعية والرياضية، مع غياب الأهداف المباشرة لرعاية الموهوبين والمبدعين عن الخطط الاستراتيجية للجامعات والخطط التشغيلية في الكليات والعمادات المساندة وعن اتفاقيات التعاون الدولية والمحلية للجامعات، فضلا عن عدم توفر أي إحصاءات بأعداد الموهوبين والمبدعين في مختلف المسارات الأكاديمية وغير الأكاديمية.
ويمكن لجامعاتنا تطوير أدوارها في رعاية الموهوبين بما تملكه من موارد مالية وكفاءات بشرية متخصصة ومراكز أبحاث علمية، ليس ذلك فحسب، بل والإسهام في قيادة وإدارة عمليات رعاية الموهوبين والمبدعين قبل وصولهم إلى المرحلة الجامعية من خلال بعض السياسات والإجراءات والمبادرات، أبرزها: تحويل رعاية الموهوبين إلى صناعة بشرية بمعنى الكلمة، بعيدا عن الأنشطة التقليدية الإثرائية المتواضعة في إجراءات اكتشاف الموهوبين وفي استراتيجيات رعايتهم، وذلك برفع مستوى الوحدات التنظيمية المعنية بالموهوبين في الجامعات إلى مستوى وكالة، وبالتخطيط الاستراتيجي لفئة الموهوبين ضمن خطط الجامعات الاستراتيجية واتفاقيات التعاون الدولية مع الجامعات العالمية المرموقة، وتخصيص الموارد البشرية المؤهلة لإدارة هذه الصناعة والإشراف على تنفيذ عملياتها، وتخصيص الموارد المالية الكافية لنجاح هذه الصناعة.
وتطبيق استراتيجيات التجميع والتسريع في المسارات الأكاديمية المتخصصة التي سبق إليها التعليم العام وحقق فيها نجاحات مقبولة، وعدم الاكتفاء باستراتيجية الإثراء القائمة على الأنشطة فقط، واستحداث استراتيجيات جديدة لرعاية الموهوبين تتناسب وطبيعة التعليم الجامعي وخبرات الأكاديميين المتخصصين في رعاية الموهوبين.
أضف إلى ذلك تجسير الفجوة بين التعليم العام والتعليم الجامعي في رعاية الموهوبين بحيث تكون الجامعات امتدادا لرعاية الموهوبين في رحلتهم التعليمية والتأهيلية مع الموهبة واستمرارية لرعاية الموهوب منذ اكتشافه حتى وصوله إلى الموقع الوظيفي المناسب بعد تخرجه من الجامعة، وهو ما يتطلب شراكات حقيقية للتكامل بين التعليم العام والجامعات، ومراعاة ذلك في خططهم الاستراتيجية والتشغيلية، خاصة عند تحليلاتهم للبيئة الخارجية لكل منهما.
ومن المهم تبني الجامعات لقبول الموهوبين مبكرا دون خضوعهم لمعايير القبول في الجامعات، بناء على ملف الموهوب المتكامل لأنشطته وإبداعاته واختباراته المعيارية ومستوى موهبته، والذي يجب أن ينتقل معه من مرحلة تعليمية إلى أخرى. ومنح الموهوبين في الجامعات الأولوية في وظائف المعيدين في جميع المسارات الأكاديمية واستقطابهم وتحفيزهم نحو العمل الأكاديمي، وابتعاثهم إلى الجامعات العالمية المرموقة لإكمال دراساتهم العليا، ومنحهم مزايا مالية خاصة أثناء ابتعاثهم وبعد عودتهم للعمل الأكاديمي. وعقد اتفاقيات تعاون وشراكة وتوظيف للموهوبين من خريجي الجامعات مع الشركات الوطنية المرموقة. وتصميم برامج صيفية للموهوبين من التعليم العام في المسارات الأكاديمية المتخصصة وغير الأكاديمية في الجامعات والتي تتناسب وموهبة كل منهم، مع منحهم مزايا مالية مقابل حضورهم تلك البرامج وتوفير متطلباتهم من السكن والإعاشة وخلافه من الخدمات الطلابية.
وقد يكون من الضروري لتطوير دور الجامعات في رعاية الموهوبين، خاصة في مجال تجسير الفجوة بين التعليم العام والجامعات، إنشاء إدارة تنسيقية أو حتى وكالة على مستوى وزارة التعليم تعنى بتحقيق التكامل بين القطاعين، وتنسيق الجهود وتذليل التحديات البيروقراطية المؤثرة على نجاح مشروع رعاية الموهوبين.
drAlshreefTalal@