ما بعد كشف الـ28 صفحة السرية
الثلاثاء / 14 / شوال / 1437 هـ - 01:00 - الثلاثاء 19 يوليو 2016 01:00
بكشف لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي الجمعة بعد 13 عاما من السرية النقاب عن 28 صفحة سرية من التقرير الرسمي للجنة التحقيق المشكلة من قبل الكونجرس الأمريكي عام 2002 على خلفية أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، والتي أظهرت بشكل قاطع عدم وجود علاقة أو تورط السعودية أو أية جهة تمثلها في تلك الاعتداءات، تكون صفحة من التكهنات، والمزاعم، وسياسة الابتزاز التي يمارسها بعض المشرعين الأمريكيين انتهت وطويت للأبد، كما أنها بددت أي تساؤلات أو شكوك متبقية بخصوص تصرفات السعودية أو نواياها.
هذه الـ28 صحفة السرية جزء من تقرير شامل بلغ عدد صفحاته نحو 800 صفحة أعد من قبل لجنة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، نشرت جميعها في يوليو 2003 ما عدا هذه الصفحات القليلة التي غلفت بالسرية الأمنية، مما جعلها محل تساؤل وتكهنات طوال الـ13عاما الماضية، لذا كانت فصلا من فصول الابتزاز السياسي من قبل بعض المشرعين الأمريكيين، وفتح الباب مشرعا أمام بعض المشرعين الأمريكيين الذين يتكئون على أيدولوجيا سياسية وشخصية لاتهام السعودية بالتورط ودعم الإرهاب، وروجوا طوال الـ13 عاما الماضية أن هذه الصفحات تربط بين مسؤولين في الحكومة السعودية وهجمات 11 سبتمبر2001، كما استغلت هذه الصفحات طوال السنوات الماضية لتحقيق مكاسب سياسية بنيت على حساب دعم وتعاطف أهالي الضحايا، وأنهم بمقدورهم مقاضاة الحكومة السعودية عن أضرار لحقت بهم جراء الهجمات.
وكشف السرية عن الصفحات يبين جانبا من الشفافية في التحقيق، لكنه يفضح إلى حد كبير سياسة الابتزاز التي يمارسها بعض المشرعين الأمريكيين على شاكلة السناتور الديمقراطي السابق الذي عمل كذلك نائبا سابقا لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بوب غراهام، الذي لا يترك مناسبة إلا وينفخ في نار التصعيد ضد السعودية، وكان يقود جهودا كبيرة لرفع السرية عن هذه الصفحات على أمل أن يجد في هذه الـ28 صفحة ما يحقق مزاعمه وتكهناته، لكنها جاءت عكس ما يريد، لذلك لم يقتنع بما ورد بها وسيظل كذلك، كما أنه دفع ببعض المشرعين لتقديم مشروع قانون يسمح للأمريكيين بإقامة دعاوى قضائية ضد حكومات دول (مستهدفا السعودية) قد قطع شوطا في الكونجرس بعد موافقة مجلس الشيوخ عليه.
المهم أن رفع السرية عن هذه الصفحات - وإن كان متأخرا كثيرا - قطع الطريق على الشائعات والتكهنات، وأقفل كل الطرق القانونية أمام مشروع القانون الذي يسمح للأمريكيين بإقامة دعاوى قضائية ضد السعودية، وفقا لتصريحات الدافعين باتجاه إقراره، كما أنه يعد صفعة قوية للوبي الإيراني الأمريكي، الذي كان ولا يزال يضغط لتوجيه أصابع الاتهام للسعودية في ذلك، مستغلا تلك السرية لتمرير مشروع هو إقناع الرأي العام الأمريكي زورا وبهتانا بدور السعودية في هجمات سبتمبر 2011.
ورغم أن صدور التقرير طوى صفحة نظرية المؤامرة، والتكهنات، والابتزاز السياسي، وقدم الحقائق، لكنه لن يسكت الأصوات الناعقة ضد السعودية، وبالتالي فإنه يعد فرصة كبرى أمام السعودية للدفاع عن سياساتها، والقيام بهجوم مضاد لمخاطبة الرأي العام الأمريكي والعالمي لكشف ما يحاك ضدها من مخططات لربط صورتها وهويتها بالإرهاب، والتحول إلى سياسة المواجهة بالحقائق في إطار الترويج للجهود التي تقوم بها في محاربة الإرهاب بكل أشكالها، بما يؤكد أنها الدولة الأولى في جهود مكافحة الإرهاب عالميا.
كما أنه يمكن أن يكون بداية لتعاون واسع وأشمل في مجال مكافحة الإرهاب العالمي، لاسيما أن تقرير مراجعة لجنة التحقيق في الكونجرس خلص إلى وجود خلل في آلية تشارك الأجهزة الاستخباراتية للمعلومات، وهي نقطة يمكن استثمارها لصالح السعودية، لا سيما أن ما تقوم به من حملات استباقية لمحاصرة الإرهاب داخليا، والقبض على عدد كبير منهم يؤكد أن لديها معلومات استخباراتية قوية تجعلها تتصدر الدول في مجال مكافحة الإرهاب.
alofi.m@makkahnp.com