الرأي

أعتذر سلفا عما سيحدث!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
في زحمة الأحداث التي حدثت في الأيام الفائتة فاتني أن أكتب عن الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيس الفرنسية وأدين هذا الحادث بأشد عبارات الشجب والاستنكار والاستهجان وأعبر عن قلقي الشديد، وأقدم الأدلة التي لا تقبل الشك أنه لا علاقة لي بالمختل الذي قام بتنفيذ هذه العملية البشعة. ولذلك فإني أعتذر للعالم المتحضر عن تأخري في فعل كل ذلك، وأرجو أن يلقى اعتذاري هذا قبولا لديهم، فالأحداث تسير بسرعة لا يمكنني مواكبتها، والإرهاب يتسارع بطريقة تصعب معها الإدانة في الوقت المناسب. المشكلة أنني اعتدت مناظر القتل والدماء لدرجة أني لم أعد أفرق كثيرا بين ما يمكن أن يكون حادثا إرهابيا يستحق الإدانة وبين الحوادث الإرهابية الروتينية التي لا يجب التوقف عندها كثيرا. وهذه المشكلة ليست بسبب أن العالم قد تغير واصبح دمويا فجأة، ولكن لأن التصوير أصبح متاحا لكل أحد، والتوثيق أصبح سهلا ومتاحا لدرجة أنه لا بد أن أعرف بكل جريمة قتل تحدث على هذا الكوكب البائس. ولو كانت الكاميرا ووسائل التواصل موجودة في القرون الماضية لما رأينا في المناظر الجديدة شيئا غريبا وخارجا عن المنطق، فالإنسان هو الإنسان، يقتل منذ أن وطئت قدماه الأرض وسيستمر في فعل ذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها. المشكلة الأخرى التي واجهتني في مسألة الإدانة أني لا أعرف فرنسا ولم يسبق لي زيارتها، ولو أن الحادث الإرهابي وقع في تهامة ـ لا قدر الله ـ فقد يكون وصفي لجمال المكان وروح أهله وتسامحهم أكثر بلاغة ودقة من وصفي لجمال نيس وطيبة أهلها. وعلى أي حال.. وحتى لا أقع في ذات الخطأ مرة أخرى فإني أعتذر سلفا عن كل الحوادث الإرهابية التي سيقوم بها مجرمون مختلون مستقبلا في أي مكان، وأدين ذلك وأستنكره، فالعالم لن يتغير ولن يصبح مسالما فجأة ولن ينقرض القتلة والمجرمون حتى ينقرض الكائن البشري نفسه. algarni.a@makkahnp.com