الرأي

الانقلاب على «التلفزيون»

تقريبا

فواز عزيز
الانقلاب.. هو عودة إلى الوراء. لا يمكن أن يكون «الانقلاب» إلا «خيانة»، ولا يمكن أن يكون «الانقلابي» إلا «خائنا». «الانقلاب» معنى من معاني «الخيانة».. لكن «الخائن» قد يسميها «خيانة مشروعة»؛ هربا من تأنيب «الضمير»، وتشريعا لعمل غير مشروع..! في قصص الانقلابات - قديما - كان «التلفزيون» هدفا رئيسيا للانقلابيين؛ لأنه لسان «الحكومة»، وكان قطعه إعلانا لانتصار الانقلاب.. لكن يبدو أن الانقلابيين «كبار»؛ لذلك لم يدركوا أن «الايفون» أصبح تلفزيون الجيل الحالي، ولا يمكن السيطرة عليه. في هذا العصر لا يمكن أن تعزل أحدا عن العالم ما دام يملك هاتفا ذكيا.. ولا يمكن أن تحجب حقيقة ما دام الفضاء يتسع للجميع. غدر «بعض» الجيش بكل «الوطن»، بحجة الحفاظ على الديموقراطية وحقوق الإنسان، واستخدم «السلاح» في تناقض صارخ لحقوق الإنسان. l صدر البيان الأول للانقلابيين وأذيع، فمال بعض الإعلام مع الانقلابيين، فجاء بيان «الايفون» لـ«أردوغان» فمال الشعب مع الحكومة.. كسب الانقلابيون «بعض» الإعلام، وكسب «أردوغان» الشعب.. وكسب الشعب «الوطن». l بعد بيان أردوغان عبر الهاتف، ظن البعض أن الأمور سارت بصالح الانقلاب، وكذلك بعض الإعلام تخلى عن المهنية، إلا أن أردوغان ظهر في حديث متلفز عدة مرات وغير مسار الأمور، خاصة حين استجاب الشعب ووقف في وجه الدبابة. ما جرى في تركيا لم يكن انقلابا فقط، بل كان حربا داخلية استخدمت فيها الدبابات والطائرات، وفاز فيها الشعب الذي لا يملك سلاحا، ونصر الحكومة، فهزم الانقلابيون؛ لكنهم خربوا البلد، وتسببوا بسفك دماء. في تركيا.. كان الشعب أقوى من الجيش.. وكان «الايفون» أقوى من «التلفزيون».. فسقط الانقلاب..! الإعلام كان من أقوى الأسلحة في معركة الانقلاب، عبره تحرك الشارع وانقلب الانقلاب. (بين قوسين) على هامش معركة الانقلاب الحقيقية.. كانت هناك معركة افتراضية بين المغردين، فالبعض كان يحاسب بعض المغردين، ويقيم محاكمات ويصدر التهم، والبعض قبل ذلك كان يتشفى من مؤيدي «أردوغان» ويشمت بهم..! الإعلام الذي يكذب أو يقع ضحية للكذب، إعلام فاقد للمصداقية، وخائن للمهنية.