هل أنت ناضج عاطفيا؟
دبس الرمان
السبت / 11 / شوال / 1437 هـ - 00:00 - السبت 16 يوليو 2016 00:00
لا يعجبه إلى أين يتجه النقاش، يبدو أنه تورط فيه وأن ابنته تحاجه فيه وتناقشه بدون أي اعتبار لأنه والدها وأنه لا يجوز لها أن تحاجه أو تسائل قراراته حتى وإن كانت تخصها. فلم يجد أمامه إلا أن يرفع كرت الأبوية والولاية ويقول بصوت ملؤه الغضب (كيف تناقشي أبوكي بهادي الطريقة؟!).
جلست تستمع لابنها وهو يشكو لها من زوجته وعدم التزامها بواجباتها وتقصيرها معه في أمور البيت والأولاد وانشغالها بأمور أخرى. وفي دقيقة واحدة انمحى من ذاكرتها عدد المرات التي قامت بتصبير زوجة ابنها على إهماله وتقصيره وسوء معاملته وقسوته عليها وعلى الأولاد. وبدأ الغضب يستعر بداخلها، فعلا لا بد لأحد أن يوقفها عند حدها ويذكرها بواجباتها.
يتوقف المنطق، ويجمد العقل، ويسارع غالبيتنا للشعور بالحيرة والتورط حال مواجهتنا للمواقف الجديدة، وغير المألوفة. في حين يميل غالبيتنا للشعور بالغضب والتوتر والتحيز حين مواجهتنا للمواقف التي تمس مشاعرنا ومن نحب، ونحن غير واعين أو مدركين، لأن طريقة تعاملنا وردود أفعالنا للمواقف المختلفة تعكس مقدار نضجنا الفكري والعاطفي، ومدى مواءمته لأعمارنا وخبراتنا في الحياة. فرب شخص كان في عمره كبيرا، ولكن عاطفيا له سلوكيات طفل صغير، إذا ما غضب قليلا رفع عقيرته بالصراخ. وإذا ما واجه فكرا أو موقفا جديدا خاف واستنفر ورفضه حتى من قبل أن يفهمه أو يعرفه. فالنضج لا علاقة له بالعمر الزمني، بل له علاقة بمقدار قدرتك على ضبط مشاعرك والتحكم فيها في المواقف الصعبة. واستخدامها للحب والعطاء والاحتواء والتفهم في المناحي الحياتية الأخرى. وكيف لذلك أن يتحقق ونحن نغلق الأبواب ما دون أولادنا بحجة الخوف والحرص، ونقسو عليهم ونهول أخطاءهم وسقطاتهم بحجة الردع والحماية. ثم نتساءل ما بال هذا الجيل أنانيا وفاقدا للقيم، ما باله قاسي القلب وينجرف بسهولة نحو الفكر المتطرف.
نعم من الأصعب أن نظل نسمع ونناقش أبناءنا وموظفينا ومن نمتلك سلطة عليهم، في حين أنه من الأسهل إجبارهم على فعل ما نريد. نعم من الأصعب تحكيم العقل وتحييد المشاعر وإحقاق الحق، في حين أنه من الأسهل والأريح أن نطبطب على أنفسنا وننصر هواها ومن تحب وليذهب الحق إلى الجحيم. ولكن علينا أن نتذكر أن الوعي العاطفي هو سلسلة من الهجمات المرتدة التي قد نطلقها اليوم لتعود وتصيبنا ومن حولنا في يوم آخر بنفس القوة في الدفع، مع ضرر أكبر في النتائج.
heba.q@makkahnp.com