أشباه البراغماتية في الإدارة الأكاديمية
السبت / 10 / جمادى الآخرة / 1442 هـ - 20:28 - السبت 23 يناير 2021 20:28
أثبتت الأيام بالدليل القاطع أن أشباه البراغماتيين من الأكاديميين هم الأكثر وصولا وسيطرة على مفاصل الإدارات الأكاديمية، والسبب ليس لأنهم على قدر كبير من العلم والمهارة أو الفطنة والذكاء، ولا لأنهم الأكثر ممارسة والأجدر مكانة والأوفر حظا، لا، ولكن لأنهم فهموا واقع العمل الأكاديمي في الجامعات فتماهوا مع ما فيه من تحولات وتغيرات، وساعدهم في ذلك التماهي مع التشريعات التنظيمية الفضفاضة وما يصاحبها من تأويلات وتفسيرات هي في الغالب لا تمت لها بصلة.
الأكاديمي من هذه النوعية لا يمكن وصفه بالبراغماتي فقط، لسبب بسيط جدا، فالبراغماتي يفاوض ويناور لمصلحته، بمعنى أنه يملك أشياء قد تكون في صالحه فيستخدمها وقد تكون ضده فيتركها، وعلى أساس منفعته الخاصة يعمل، بينما هذه العينة التي نتحدث عنها ليس لديها ما تفاوض عليه، فلا هي براغماتية صرفة ولا هي دوغمائية تتشبث بأفكارها وتتقوقع حولها، بل هي شيء مائع متقلب الألوان والأشكال، رائحته منتنة وطعمه سيئ أو يمكن وصفها على أنها كائن هجين من الغوغائية والسفسطائية.
أحد هؤلاء كان صباح مساء يمدح رئيس جامعته في اليوم بمئة تغريدة، واحدة على «تويتر» وتسع وتسعون تغريدة في «واتس اب» الرئيس، فلما أزيح هذا الرئيس عن منصبه بتهمة الفساد كان هو أول من هجاه، وبالغ في ذمه وتحقيره، واستنقص من قدره ومكانته، وكأنه يوما من الأيام لم يقل عن رئيسه هذا: إنه العالم الجهبذ والملهم المسدد وحجة الأزمان الذي يعرف ما كان في العلوم وما سيكون منها، فهو خير من يستلهم الماضي ويستشرف المستقبل، والعياذ بالله!
قبل يومين كان أحد المحللين الرياضيين على شاشة التلفاز يشكو بحرارة تراكم ديون أحد الأندية العالمية، وعزا ذلك لسوء إدارة الفريق، وذكر أن الرئيس ومن حوله يستغلون مراكزهم الإدارية فيسافرون إلى الخارج كي يحتفلوا بأعياد ميلادهم، وكل ذلك من خزينة النادي، والوضع الأكاديمي مع أشباه البراغماتيين لا يختلف كثيرا عن الوضع الرياضي، فقد شوهدت صور لبعض الأكاديميين الهامشيين وهم في نيويورك ولندن برفقة هذا الرئيس أو ذاك الوكيل، بل إن مدير إحدى الجامعات العالمية سابقا كان إذا جاء من السفر اتخذ من أمن الجامعة موكبا يستقبله في المطار ويرافقه حتى مكتبه أو منزله!
الإشكالية ليست في وصف هذه العينة من الأكاديميين، فالعملية سهلة جدا، وأوصافهم واضحة ومظاهرهم معلومة للكل، ولكن الإشكالية في تناميها وسرعة انتشارها وفي تنوع أدوارها وصعوبة احتوائها، وقد يتساءل أحدنا: هل هؤلاء أكثرية في الجامعات؟ والجواب: طبعا لا، فالخير موجود والطاقات البشرية الوطنية المخلصة والحالمة بالنماء والبناء كثيرة، ولكنها أغلبية صامتة، وفي بعض الأحيان تكون من المعتزلة! أو هم من فئة - كما يقال في المثل الشعبي - لحية ترضيها بصلة!
الأكاديمي من هذه النوعية لا يمكن وصفه بالبراغماتي فقط، لسبب بسيط جدا، فالبراغماتي يفاوض ويناور لمصلحته، بمعنى أنه يملك أشياء قد تكون في صالحه فيستخدمها وقد تكون ضده فيتركها، وعلى أساس منفعته الخاصة يعمل، بينما هذه العينة التي نتحدث عنها ليس لديها ما تفاوض عليه، فلا هي براغماتية صرفة ولا هي دوغمائية تتشبث بأفكارها وتتقوقع حولها، بل هي شيء مائع متقلب الألوان والأشكال، رائحته منتنة وطعمه سيئ أو يمكن وصفها على أنها كائن هجين من الغوغائية والسفسطائية.
أحد هؤلاء كان صباح مساء يمدح رئيس جامعته في اليوم بمئة تغريدة، واحدة على «تويتر» وتسع وتسعون تغريدة في «واتس اب» الرئيس، فلما أزيح هذا الرئيس عن منصبه بتهمة الفساد كان هو أول من هجاه، وبالغ في ذمه وتحقيره، واستنقص من قدره ومكانته، وكأنه يوما من الأيام لم يقل عن رئيسه هذا: إنه العالم الجهبذ والملهم المسدد وحجة الأزمان الذي يعرف ما كان في العلوم وما سيكون منها، فهو خير من يستلهم الماضي ويستشرف المستقبل، والعياذ بالله!
قبل يومين كان أحد المحللين الرياضيين على شاشة التلفاز يشكو بحرارة تراكم ديون أحد الأندية العالمية، وعزا ذلك لسوء إدارة الفريق، وذكر أن الرئيس ومن حوله يستغلون مراكزهم الإدارية فيسافرون إلى الخارج كي يحتفلوا بأعياد ميلادهم، وكل ذلك من خزينة النادي، والوضع الأكاديمي مع أشباه البراغماتيين لا يختلف كثيرا عن الوضع الرياضي، فقد شوهدت صور لبعض الأكاديميين الهامشيين وهم في نيويورك ولندن برفقة هذا الرئيس أو ذاك الوكيل، بل إن مدير إحدى الجامعات العالمية سابقا كان إذا جاء من السفر اتخذ من أمن الجامعة موكبا يستقبله في المطار ويرافقه حتى مكتبه أو منزله!
الإشكالية ليست في وصف هذه العينة من الأكاديميين، فالعملية سهلة جدا، وأوصافهم واضحة ومظاهرهم معلومة للكل، ولكن الإشكالية في تناميها وسرعة انتشارها وفي تنوع أدوارها وصعوبة احتوائها، وقد يتساءل أحدنا: هل هؤلاء أكثرية في الجامعات؟ والجواب: طبعا لا، فالخير موجود والطاقات البشرية الوطنية المخلصة والحالمة بالنماء والبناء كثيرة، ولكنها أغلبية صامتة، وفي بعض الأحيان تكون من المعتزلة! أو هم من فئة - كما يقال في المثل الشعبي - لحية ترضيها بصلة!