أبو دحام الذي غاب
السبت / 3 / جمادى الآخرة / 1442 هـ - 18:33 - السبت 16 يناير 2021 18:33
رحل سعد طليحان السويدي الشمري (أبو دحّام) عن عالمنا بعد إصابته بوباء الكورونا، تدهورت حالته الصحية بشكل مفاجئ، قبل أن يمنحنا نحن محبيه الوقت لمحاولة نقله بالإخلاء الطبي. كان غيابه مؤلما وصعبا على الكثيرين، وكنت واحدا منهم، فقد ضربنا موعدا للقاء بعد أن وصلتني منه مناشدة طريفة عبر منصات التواصل الاجتماعي تطلب المساعدة في التخلص من البدانة وداء السكري، وكنا قد بدأنا المرحلة الأولى لتنظيم علاجاته وتغذيته بإشراف الزملاء المختصين.
لم يحدث بيننا لقاء مع الأسف الشديد، إلا أن التواصل قد بدأ وتعرفت مثل كثيرين على أبي دحام، ورغم أن هنالك الكثير الذي يمكن أن يقال عن هذه الشخصية الاستثنائية، إلا أن أكثر ما يلفت النظر هو ذلك الجذر البدوي الذي يضرب أعماق الصحراء، ويتمدد تحت هضاب الشير وأطراف جبلي أجا وسلمى، وكانت حائل، تاريخها وتضاريسها بؤرة اهتمامه.
وبالرغم من مرور بعض الوقت على غياب أبو دحام، فإني لم أكتب عنه كلمة واحدة، والآن إذ أحاول الكتابة فقد أوغلت في مشاهدة مقاطعه من قصص وحكايا كان أصدقاؤه ومحبوه، وهم كثر، تداعوا بنشرها على منصات التواصل الاجتماعي، وإذا كانت تلك الأعمال الارتجالية قد عبرت عن نفسها وقدمته للناس بشكل مذهل ولافت، إلا أن ما قام به لا يقاس بما وصل إلينا فحسب، بل إن تأثيره مستمر وفي نماء بفضل تلك الحكايات التي تُروى بطرق مختلفة ومتنوعة تتعلق بموروثنا الغني، والتي نالت استحسان واهتمام الناس في أماكن بعيدة. حتى إنه قد وصلني شخصيا كثير من عبارات الإعجاب والسؤال عن شخصه الكريم والشغف الكبير بمتابعة جديده، كانت تلك الأسئلة تنهمر علي كالمطر ويعود السبب في ذلك لأنه شملني بكرمه ونبله في بعض تلك المقاطع.
لقد ذكر أبو دحام في مقاطعه المتداولة التي تفيض بالنبل والصدق، كثيرا من التفاصيل الصغيرة وبعث بها الحياة من جديد، ومنحها روحا لا أعتقد أن أحدا غيره قادر على منحها، كما أنها تجد قبولا ووقعا لدى المتلقي يبعث على الدهشة، ومن هنا تكمن أهمية ما قدمه لنا من أعمال.
رحل أبو دحام وترك لنا ما يجعلنا نذكره على الدوام، فهو من الرجال ذوي الحضور اللافت، لا يضاهيه أحد من أقرانه في كرم اليد والنفس وسرعة البديهة، بالإضافة إلى حضور الذاكرة وجزالة اللفظ، كما أن روح المرح والفكاهة التي تتسلل بين مفرداته قد وصل مداها إلى أقصى حدود الوطن.
الآن، وبعد أن غاب أبو دحام نشعر بأهميته أكثر من قبل، ونشعر بأهمية الدور الذي انتدب نفسه له، فقد كان أحد الجسور التي تربط الماضي بالمستقبل، كان وثيق الصلة والمعرفة بالموروث الثقافي (الشفهي) لأبناء الصحراء، نقله لنا بطريقة محببة يتداولها الناس بسرعة مذهلة.
لا شك أننا بغيابه فقدنا الكثير وقد تعودنا أيضا أن لا نقدر الناس حق قدرهم إلا بعد أن يغيبوا، وإذا كان الفقيد قد أعطى الكثير في حياته وكان الإيثار إحدى أبرز صفاته، فهو اليوم لا يطلب منا الأحياء سوى الدعاء له بالمغفرة والرحمة، ومثلما كان أبو دحام رجلا محبوبا في حياته فسوف ينمو ويزيد هذا الحب حين نكتشفه من جديد. سلاما أبا دحام حيا في ذاكرتنا لا تموت.
لم يحدث بيننا لقاء مع الأسف الشديد، إلا أن التواصل قد بدأ وتعرفت مثل كثيرين على أبي دحام، ورغم أن هنالك الكثير الذي يمكن أن يقال عن هذه الشخصية الاستثنائية، إلا أن أكثر ما يلفت النظر هو ذلك الجذر البدوي الذي يضرب أعماق الصحراء، ويتمدد تحت هضاب الشير وأطراف جبلي أجا وسلمى، وكانت حائل، تاريخها وتضاريسها بؤرة اهتمامه.
وبالرغم من مرور بعض الوقت على غياب أبو دحام، فإني لم أكتب عنه كلمة واحدة، والآن إذ أحاول الكتابة فقد أوغلت في مشاهدة مقاطعه من قصص وحكايا كان أصدقاؤه ومحبوه، وهم كثر، تداعوا بنشرها على منصات التواصل الاجتماعي، وإذا كانت تلك الأعمال الارتجالية قد عبرت عن نفسها وقدمته للناس بشكل مذهل ولافت، إلا أن ما قام به لا يقاس بما وصل إلينا فحسب، بل إن تأثيره مستمر وفي نماء بفضل تلك الحكايات التي تُروى بطرق مختلفة ومتنوعة تتعلق بموروثنا الغني، والتي نالت استحسان واهتمام الناس في أماكن بعيدة. حتى إنه قد وصلني شخصيا كثير من عبارات الإعجاب والسؤال عن شخصه الكريم والشغف الكبير بمتابعة جديده، كانت تلك الأسئلة تنهمر علي كالمطر ويعود السبب في ذلك لأنه شملني بكرمه ونبله في بعض تلك المقاطع.
لقد ذكر أبو دحام في مقاطعه المتداولة التي تفيض بالنبل والصدق، كثيرا من التفاصيل الصغيرة وبعث بها الحياة من جديد، ومنحها روحا لا أعتقد أن أحدا غيره قادر على منحها، كما أنها تجد قبولا ووقعا لدى المتلقي يبعث على الدهشة، ومن هنا تكمن أهمية ما قدمه لنا من أعمال.
رحل أبو دحام وترك لنا ما يجعلنا نذكره على الدوام، فهو من الرجال ذوي الحضور اللافت، لا يضاهيه أحد من أقرانه في كرم اليد والنفس وسرعة البديهة، بالإضافة إلى حضور الذاكرة وجزالة اللفظ، كما أن روح المرح والفكاهة التي تتسلل بين مفرداته قد وصل مداها إلى أقصى حدود الوطن.
الآن، وبعد أن غاب أبو دحام نشعر بأهميته أكثر من قبل، ونشعر بأهمية الدور الذي انتدب نفسه له، فقد كان أحد الجسور التي تربط الماضي بالمستقبل، كان وثيق الصلة والمعرفة بالموروث الثقافي (الشفهي) لأبناء الصحراء، نقله لنا بطريقة محببة يتداولها الناس بسرعة مذهلة.
لا شك أننا بغيابه فقدنا الكثير وقد تعودنا أيضا أن لا نقدر الناس حق قدرهم إلا بعد أن يغيبوا، وإذا كان الفقيد قد أعطى الكثير في حياته وكان الإيثار إحدى أبرز صفاته، فهو اليوم لا يطلب منا الأحياء سوى الدعاء له بالمغفرة والرحمة، ومثلما كان أبو دحام رجلا محبوبا في حياته فسوف ينمو ويزيد هذا الحب حين نكتشفه من جديد. سلاما أبا دحام حيا في ذاكرتنا لا تموت.