كسل العلامات التجارية
الاثنين / 27 / جمادى الأولى / 1442 هـ - 18:37 - الاثنين 11 يناير 2021 18:37
لمعت العلامات التجارية في صناعة أذواق المستهلكين حتى أضحت من شروط التسوق، وبذلك نتأكد بأن استدعاء العقل العضلي للإنسان لممارسة الاعتياد أمر له علاقة بالصور المغروسة في تلقيه البصري.
هذا يدعوني لأقف محترِما كل علامة تجارية سعت لحماية نفسها من التصدع أو التزوير أو تدني الجودة، وفي ذات الوقت أقف حائرا في نقص القادرين على الكمال أو التمام.
شباب وشابات اليوم، بل إنسان اليوم كبيرا كان أو صغيرا، يخرج من غطيط نومه فاتحا عينيه على مصادر جمة متاحة للمعرفة والمعلومة والخبر والمستجدات، فلا يستغرق بحث عن موضوع معين أكثر من دقائق قوقلية تليها بعض سويعات في مواقع التواصل الاجتماعي، ومع كل ذلك كسل صناعة العلامة التجارية ذات القيمة المضافة عند شباب اليوم ظاهر السريان.
قرأت قبل ردح من الزمن عن علامة تجارية ولدت في السجن، وأخرى كان مبدأ انتشارها سوق النفايات، وثالثة ابتدعها عجوز الثمانين، ورابعة نبعت من هوس طفل بالمكعبات البلاستيكية.
والدخول في عمق صناعة علامة تجارية ذات سد لاحتياج بشري قابل للاستهلاك هو أدعى من بث موجات تدريب وتمعير قشري لا قيمة له في رسم العلامة العلامة التجارية وإيحاء ألوانها وخطوطها وبهرجة ختمها.
هناك عرض سينمائي لفيلم لاتيني عن استغلال العلامات التجارية الكبرى للمصانع ذات الأجور المنخفضة الخارجة عن نطاق القانون العمالي أو الضريبي أو التجاري المهني، وهذا العرض ساقني لأن أتخيل علامة تجارية لمنتج بسيط صغير جدا أصنعها في بيتي لأروج لشال حريري من زخرفتي وابتكاري - مثلا - ترتديه النساء زمن الشتاء.
وقلت لنفسي في اجتماع معها ربما هذا يدعوني لأحلل عزوف جيل اليوم عن سبر أغوار هذا النحو وهذا المحتوى لأنه صعب المنال تفكيرا بينما سهل الانخراط بالنظر للمعطيات والإمكانات.
لا ينقص العلامات التجارية في الوطن سوى ابتدار رواد الأعمال حقيقة لا شكلا، للوقوف على حقيقة الاحتياج وصناعة المحتوى، ومن ثم دمغة العلامة، وليروا من الربح المركب ما لم تحققه عملة البيتكوين حتى الآن، ولست مبالغا حين أستشرف فضاء واسعا لذلك من معاهد للعلامات التجارية واختصاصيي وفرة في ذلك.
كل الأنظمة والتشريعات الجديدة والخاصة بالعلامة التجارية خصوصا أو دعما لوجستيا أو متلازمة تفعيل تخدم العقل الجمعي والفردي، ليكون أقدر على الجودة والاستدامة ومن ثم النماء والتطوير.
المنتج البسيط ولو كان فرشاة أسنان أو ورقة لعب البلوت أو منديل مطعم يزهو رواجا في السوق حين تكون العلامة التجارية هي أساس إنتاجه أولا، ملتزمة بقيم وضعتها لنفسها صابرة على الكساد لأعوام نمو هي قادمة لا محالة.
ورغم الأمواج العاتية من التقليد والمحاكاة ووفرة (التجاري) مقابل (الأصلي)، إلا أن كل الأطر التجارية والاقتصادية المحلية والإقليمية في العصر الحاضر تسعى للجودة في مقابل الوفرة، مما يرفع سعر المنتج بعلامته التجارية المميزة ذات القيمة المعنوية التي ستساوي أضعاف القيمة الأصلية إن حمتها المؤسسات القائمة على دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
يوما ما ستبيع شابة علامة تجارية لمنتج خططت له وصنعت عينات منه بملايين الدولارات عالميا، وسيفعل ذلك شاب نهض ونفض الكسل واستخرج من أنظمة بلده إمتاع طريق لنجومية التجارة ولمعان الاقتصاد الفردي والجماعي.
albabamohamad@