بين الاعتكاف والافتراش
تفاعل
الجمعة / 10 / شوال / 1437 هـ - 00:30 - الجمعة 15 يوليو 2016 00:30
جميعنا يعلم أن الاعتكاف عبادة عظيمة لله سبحانه وتعالى وسنة لنبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فكان من هديه عليه الصلاة والسلام الاعتكاف في شهر رمضان، خاصة في العشر الأواخر، وقد صح عنه أنه اعتكف العشر الأوائل منه، ثم العشر الأواسط، ثم داوم على اعتكاف العشر الأواخر، وورد عنه صلى الله عليه وسلم الاعتكاف في غير رمضان، وحافظ على ذلك بعض صحابته الكرام.
والاعتكاف لزوم المسجد والإقامة أو المكث فيه طاعة لله وتقربا إليه سبحانه، يقبل العبد على ربه بالمزيد من العبادة والطاعات وقراءة القرآن والإكثار من الاستغفار والتسبيح والدعاء والنوافل، ويبتعد المرء عن كل ما يشغله عن ذلك، كإضاعة الوقت في النوم والسوالف والدردشة مع رفقائه وأصدقائه مما ينافي الحكمة والهدف من مشروعية الاعتكاف.
وفي شهر رمضان المبارك من كل عام وخاصة في العشر الأواخر منه، يشهد الحرمان الشريفان إقبالا شديدا وعددا كبيرا من المعتكفين، وإن كان البعض منهم لا يلتزم بآداب وشروط وأحكام الاعتكاف، والبعض الآخر حريص جدا على الالتزام بها.
ولكن هناك مشكلة تحدث عنها البعض، خاصة في الحرم المكي، وهي أن هناك تداخلا بين المعتكفين وبين من يقيم من الزوار في الحرم بصفة دائمة، حاملا معه أمتعته ويأكل ويشرب وينام في الحرم لا يخرج منه إلا لقضاء الحاجة، ليس بقصد الاعتكاف ولكن بقصد الإقامة في الحرم من أجل أن يوفر قيمة استئجار غرفة في أحد الفنادق.
هذا الفعل وكما هو معروف له سلبيات لا تخفى على أحد، فهو يتسبب في مزاحمة ومضايقة المصلين والمعتمرين ويعوق ويربك حركتهم داخل الحرم، هذه المشكلة تذكرنا بمشكلة الافتراش في موسم الحج التي نجحت الدولة في القضاء عليها إلى حد كبير.
ما تقوم به دولتنا أعزها الله من جهود كبيرة وأعمال عظيمة في الحرمين الشريفين وما تقدمه وتوفره للزوار والمعتمرين من خدمات لكي يؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة تعجز الكلمات عن حصره ووصفه والتعبير عنه، ولا ينكره إلا حاقد أو جاحد، لذلك لا بد من الوقوف أمام أي مظاهر تسيء لهذه الجهود الجبارة التي تبذل، فالحرم مكان لعبادة الله وليس لغير ذلك.