العالم

إردوغان يطيح بصديقه بسبب «كلمة»

خلاف يدفع الحليف القوي للرئيس التركي بولنت آرينج للترجل

إردوغان مع صديقه السابق آرينج (مكة)
أطاح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بحليفه ومستشاره وصديقه بولنت آرينج بسبب كلمة عن رغبته في الإفراج عن اثنين من أبرز المعارضين السياسيين المعتقلين في أنقرة، ليبعث رسالة قوية للجميع بأنه لن يتهاون مع من يخالفه الرأي، وسيواصل حملة القمع في الداخل دون هوادة.

استقال آرينج (72 عاما) قبل أن يقال، بعدما شغل منصب نائب رئيس الوزراء السابق ورئيس البرلمان السابق، وترك منصبه في المجلس الاستشاري الأعلى للرئاسة، وهو هيئة مكونة من كبار المسؤولين السابقين الذين يقدمون التوصيات إلى إردوغان، الذي لم يتردد في قبول الاستقالة.. وفقا لموقع (بي بي سي) العربي.

الاستقالة.. لماذا؟

وعد إردوغان منذ أسبوعين في خطاب له أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية القيام بمجموعة من الإصلاحات القضائية والاقتصادية، مما أدى إلى انتشار تكهنات عن احتمال الإفراج عن السياسيين، الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المقرب من الأكراد صلاح الدين دميرتاش، وأحد أبرز وجوه المدني والدفاع عن حقوق الإنسان عثمان كفالا.

وفي أعقاب تصريحات إردوغان دعا بولنت آرينج إلى الإفراج عن دميرتاش الذي تتهمه حكومة إردوغان بأنه الذراع السياسي لحزب العمال الكردستاني في تركيا، وكان آرينج قد حث الناس على قراءة كتاب دميرتاش لفهم القضية الكردية في تركيا.

اشتعل إردوغان غضبا بعد سماعه دعوة آرينج وقال «لا توجد قضية كردية في هذا البلد». ودعا إلى التحقيق مع من يطالبون بالإفراج عن دميرتاش.

غضب الرئيس

في تصريحات لم تخل من الغضب قال إردوغان أمس الأول «لقد أساء إلي آرينج باقتراحه على الجميع قراءة كتاب ألفه إرهابي»، مضيفا «إن دميرتاش يدافع عن الإرهاب، ويداه ملطختان بدماء آلاف الأكراد».

وسجن صلاح الدين دميرتاش منذ نوفمبر عام 2016 بتهم تتعلق بالاحتجاجات على تقاعس الجيش التركي خلال هجوم شنه مسلحو داعش على بلدة كوباني الكردية في شمالي سوريا، وقضت المحكمة الدستورية في تركيا بأن سجن صلاح الدين دميرتاش يمثل انتهاكا لحقوقه.

وقال إردوغان «إن حزب العدالة والتنمية سينفذ الإصلاحات مع شريكه في الائتلاف، حزب الحركة القومية (MHP)»، وهو من أشد معارضي الحركة السياسية الكردية.

خطاب ثقيل

وبعد تصريحات إردوغان الغاضبة قال آرينج «إن تصريحات الرئيس آلمتني كثيرا، وخطابه كان حادا وثقيلا»، الأمر الذي دفعه إلى المبادرة بالاستقالة من منصبه كمستشار للرئيس.

ويرى النشطاء السياسيون أن تصريحات إردوغان ووعوده بإجراء إصلاحات قضائية واقتصادية في الأسابيع الماضية هي لكسب ثقة المستثمرين الأجانب، وللحد من تداعيات أزمة الليرة التركية، حيث ادعى أن لديه حزمة قانونية شاملة لتحسين حقوق الإنسان في بلاده في طور الإعداد، وأن حزبه سيستمر في قيادة الإصلاح، لكن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بدوا غير مقتنعين بهذه الوعود في ظل تصريحاته القوية التي تستهدف معارضيه ومنتقديه والحركات السياسية الكردية.

التضحية بصديقه

ونقلت (بي بي سي عربية) عن أصلي أيدينتاشباش، العضو في مجلس العلاقات الخارجية الأوروبية وإحدى أبرز المختصات في الشأن التركي، أن إردوغان يهدف في تصريحاته إلى مهادنة القوميين الأتراك المتطرفين، وقالت «الرئيس ضحى بحلفائه ورفاق دربه القدامى في حزب العدالة والتنمية مثل بولنت آرينج، ويؤكد على التزامه بالتحالف مع حزب الحركة القومية وسياساته».

ورفضت ميرال دنيز بيشتاش، النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي، التعهدات الإصلاحية ووصفتها بأنها لعبة لشراء الوقت.

وقالت «رواية الإصلاح ليست صادقة، ومنذ أن أصبحت السلطة في قبضته قبل 18 عاما وحتى الآن لا يزال يدوس على كافة القوانين من أجل مصلحته»، وأضافت «رواية الإصلاحات هذه لها هدف واحد وهو استعادة التأييد الذي فقده، صحيح أن الانتخابات المقبلة تجري بعد ثلاث سنوات، لكن الأصوات التي قد تمنح للحزب تتراجع في صناديق الاقتراع».

مبررات واهية

وحاول إردوغان في خطابه قبل أيام الدفاع عن إقالته لرؤساء البلديات الموالين لحزب الشعوب الديمقراطي، الذين فازوا في الانتخابات المحلية في جنوب شرقي البلاد، وعين بدلا عنهم موالين له من حزب العدالة والتنمية، لكن لم يقتنع أحد بمبرراته واعتبروها واهية.

وكان حزب الشعوب الديمقراطي فاز في الانتخابات البلدية، التي جرت في مارس 2019 برئاسة بلدية 65 مدينة وبلدة في جنوب شرق تركيا ذي الغالبية الكردية، لكن الحكومة التركية عزلت 59 منهم وعينت بدلا عنهم موالين للحزب الحاكم.