الرأي

هل العنصرية مرض نفسي قابل للعلاج؟

أحمد محمد الألمعي
العنصرية مرض اجتماعي قديم، لكن كثر الحديث عنه أخيرا بسبب المظاهر المتفشية للعنصرية في العالم الغربي، وحتى في مجتمعاتنا العربية والخليجية. وهناك علماء نفسيون يشخصون هذا الفكر والسلوك بأنه مرض نفسي يحتاج إلى علاج.

انتخاب زعماء غربيين كان له أثر في ظهور النزعات العنصرية المتطرفة إلى السطح وممارسة أفكارها بشكل علني، ورغم أننا لا نستطيع لوم هؤلاء السياسيين في نشأة هذه الأفكار، ولكنهم يتحملون عبئا كبيرا في التغاضي عنها وتشجيعها، تارة باسم حرية الرأي وتارة أخرى باسم حرية الصحافة، وتبريرات أخرى، في النهاية هدف هذه الخطابات الشعبوية هدفها كسب أصوات الناخبين اليمينيين والتعبير عن نزعاتهم العنصرية المريضة.

وهناك حقل مختص بعلم النفس السياسي، وله مجالات علمية ويسلط الضوء على السياسيين وسلوكياتهم وتفاعلهم مع الناخبين والداعمين لهم، وتأثير ذلك على تفكير وقرارات السياسيين، التي تكون في بعض الأحيان مستغربة وصادمة للمراقبين، ولا أنسى دور اللوبي السياسي والداعمين الماليين، وكل ذلك يؤثر في قرارات هؤلاء الزعماء، والأمثلة من التاريخ التي يمكن تفسيرها على هذا الأساس كثيرة.

ينظر بعض العلماء النفسيين إلى العنصرية على أنها مرض نفسي، إذ ثمة منهم من وجدها اضطرابا في الشخصية واسع الانتشار، يتطلب علاجا نفسيا جماعيا، وتظهر في شكل مواقف متطرفة متحاملة على الآخر المختلف في اللون أو الدين أو العرق.

ويعبر كثير من الغربيين عن سخطهم من تظاهرات عنصريين بيض يرددون هتافات معادية للمهاجرين والأقليات الدينية والإثنية، لكن بعض المحللين النفسيين يرى أن هؤلاء مرضى نفسيا.

ومثل هذا الرأي يثير تساؤلات مقلقة عما إذا كانت بعض الدول تشهد ظهور حركات قومية يمينية متطرفة متحاملة ضد الأقليات، أو ربما تشهد أعراض اضطراب في الشخصية واسع الانتشار، يتطلب علاجا نفسيا جماعيا، ومؤشر انتشار هذه الظاهرة هو انتخاب زعماء يمينيين متطرفي التفكير كما أسلفت.

كان البروفيسور إيلفين بوسانت، أستاذ التحليل النفسي في كلية الطب في جامعة هارفرد، ومجموعة من زملائه قد دعوا الجمعية الأمريكية للتحليل النفسي إلى إدراج العنصرية المتطرفة في الدليل الإحصائي للاضطرابات النفسية، بوصفها «اضطرابا وهاميا». والدليل الإحصائي هو المرجع الذي يعتمده أطباء الصحة العقلية لتشخيص المرضى.

ونقلت مجلة «نيوزويك» عن بوسانت قوله «لاقت الفكرة مقاومة واسعة». وأوضح بوسانت أن المشكلة تتمثل في أن المسؤولين في الجمعية رأوا أن العنصرية واسعة الانتشار بحيث لا يمكن تشخيصها. من جهة أخرى، قال أعضاء في الجمعية إن تصنيف العنصرية المتطرفة على أنها مرض عقلي سيعفي معتقدات فظيعة وسلوكيات مرفوضة من المحاسبة.

ولكن يتفق علماء اجتماع مع رأي المحللين النفسيين الداعي إلى تشخيص العنصرية على أنها اضطراب نفسي، قائلين إن مثل هذا التشخيص يمكن أن يساعد المجتمع على التنبه إلى شذوذ هذا المرض، وربما منع أعمال أخرى أشد خطرا.

وبعيدا عن علم النفس، نرى بعض مظاهر العنصرية في المجتمعات الخليجية، بناء على الجنسية والقبيلة والعائلة وغيرها من الأشياء التي يعتقد من يمارسها أنها مبررة، رغم وجود كثير من النصوص في ديننا الحنيف تحذر من ذلك «دعوها فإنها منتنة»، و»لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى»، وكذلك نواجهها أحيانا في التوظيف وفرص الحياة.

قانون المملكة يحظر أي نوع من العنصرية أو حتى القبلية، وهناك عقوبات صارمة لانتهاك هذه القوانين، فالعنصرية أقرب طريق لتدمير أي نجاح وتقدم فهي تقتل الإبداع.

almaiahmad@