استضافة المملكة لمجموعة العشرين.. نجاح تؤكده المشروعية
الجمعة / 5 / ربيع الثاني / 1442 هـ - 20:52 - الجمعة 20 نوفمبر 2020 20:52
دين الله الإسلام الذي أرسل الله به الرسل إلى البشرية جمعاء، لا يمكن أن يبلغ وينتشر وتعرف الشعوب والأمم وسطيته التي توافق الفطرة الإنسانية إلا بمخالطة هذه الشعوب والأمم ومشاركتها.
والمملكة بوصفها داعيا اعتباريا مؤسسيا إلى الإسلام الوسطي السمح، وقد تأسست على كتاب الله وصحيح سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ التزمت في نظامها الأساسي للحكم في المادة الثالثة والعشرين من الباب الخامس بما نصه «(وتقوم المملكة بواجب الدعوة إلى الله».
كانت المشاركة الأولى للمملكة في اجتماعات قمة مجموعة العشرين في قمة واشنطن عام 2008، تمثل وصول المملكة إلى ميدان القمة الاقتصادية المؤثرة في العالم، محققة بذلك المشاركة التي كشفت وستكشف للعالم القيم الإسلامية الرفيعة التي تلتزمها المملكة في علاقاتها الدولية وفي تعاملاتها والتزاماتها ومشاركاتها في كل ما يحقق للعالم الاستقرار والسلام.
وبقطع النظر عن أهمية المملكة الاقتصادية وأنها قوة فعالة في سوق الطاقة العالمي، مما مكنها من الدخول في مجموعة العشرين، فإن المقصود من الكلام السابق واللاحق في هذا المقال هو التأكيد على التزام المملكة بالمشروعية حين انضمت لعضوية مجموعة العشرين ثم استضافتها هذا العام، وأقصد بالمشروعية توافق هذه العضوية والاستضافة:
- أولا: مع الشرع الحنيف، لأنها مشاركة إيجابية مع الدول العالمية المتقدمة القوية، مما يؤكد قوة بلادنا وضخامة إمكاناتها، وبما يحقق مصلحة ديننا والتعريف به وبقيمه الإنسانية النبيلة.
- ثانيا: مع أنظمة المملكة التي تنص على تقوية العلاقات مع الدول الصديقة، كما في نص المادة الخامسة والعشرين من النظام الأساسي للحكم «تحرص الدولة...، على تقوية علاقاتها بالدول الصديقة»، ولا شك أن عضوية مثل هذه المجموعة واستضافتها من أقوى السبل لتقوية مثل هذه العلاقات، وبما يحقق مصلحة بلادنا في كل المجالات.
- التزام المملكة بالحكمة؛ استنادا لقول الله عز وجل (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، ومن الحكمة أن تكون المملكة منفتحة على العالم من خلال ميدانه القوي، الذي تمثله مجموعة العشرين، وذلك أسرع في التعريف وأبلغ في التأثير، وأغزر وأوفر في الإنجاز.
- استغلالها الفرص الدعوية، فقد سنحت للمملكة فرصة المشاركة العالمية أول ما سنحت في قمة العشرين عام 2008، في وقت كان العالم يعاني فيه من أزمة اقتصادية كبرى خانقة كادت ون تؤدي باقتصادات دول لها أهميتها العالمية، وكانت المملكة ترى من واجبها أن تشارك في حل هذه الأزمة، لأنها تدرك القوة التي وصلت إليها، فهي بتصنيف الخبراء العاشرة في ذلك الوقت من حيث قيمة الثروة السيادية، ولديها ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، فكانت هذه فرصة ليشاهد العالم القيم الرفيعة والالتزام الصادق الذي يصبغ تعاملاتها بالفطرة، كقيمة من قيم الإسلام الوسطي الذي أسست عليه.
- السعي إلى كسب ثقة العالم، حيث اكتسبت المملكة ثقة دول العالم بعد إعلان رؤيتها 2030، لتتوافق هذه الرؤية مع أولويات مجموعة العشرين، بما في ذلك تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، والتنمية المستدامة، وتمكين المرأة من المشاركة في تنمية بلادها، وتعزيز رأس المال البشري، وزيادة تدفق التجارة والاستثمار، كما أن ذلك يدعم توجه المملكة نحو المشاركة العالمية في تعزيز الاقتصاد العالمي وتطويره، وإصلاح المؤسسات المالية وتحسين النظام المالي، إضافة إلى دعم النمو الاقتصادي العالمي وتطوير آليات فرص العمل وتفعيل مبادرات التجارة المنفتحة.
- البدء في مشاريع وبرامج القضاء على الفساد في الداخل لتهيئة المواطن للمشاركة العالمية الإيجابية في إطار سياسة بلاده، من خلال ميادين ومجالات أوسع وأشمل، وفي سبيل ذلك شهدت المملكة إصلاحات شاملة وعديدة ونقلة نوعية ضمن رؤية 2030.
- تفعيل مجالات الاستثمار والتجارة مع دول العالم لتحقيق الانفتاح الإيجابي، حيث وقعت المملكة اتفاقيات تجارية واستثمارية مع دول كبرى كأمريكا وروسيا وفرنسا، في أنشطة أعمال الطاقة وغيرها، إضافة إلى السماح للشركات الأجنبية بالعمل في المملكة بملكية كاملة، مما انعكس على التجارة بشكل إيجابي، سواء على الصعيد الداخلي أو على التجارة الدولية. كما عملت المملكة مع دول عديدة على تنظيم الجمارك والضرائب لدعم التجارة الدولية بما يتناسب مع توجه دول العشرين في هذا المجال. وهذه الجهود والمشاريع ساهمت في نمو التجارة العالمية، ما جعل المملكة تكتسب أهمية أكبر.
- إبراز قوة المملكة، لأن عضوية المملكة لمجموعة العشرين تمنحها القوة والنفوذ سياسيا واقتصاديا، وتبرز تأثيرها في السياسات الاقتصادية العالمية، التي تؤثر في اقتصاد كل دول العالم، ومن ضمنها الدول العربية والإسلامية، فمن النتائج الإيجابية لعضوية المملكة في مجموعة العشرين توفير قنوات اتصال دورية بكبار صناع السياسات المالية والاقتصادية العالمية، ما يعزز التعاون الثنائي معها، وهو ما يكشف عن عناصر القوة التي ترتكز عليها المملكة، وبالتالي انعكاس ذلك على قبولها واحترامها.