الرأي

دور إدارة المعرفة في الميزة التنافسية المستدامة للمؤسسات التربوية

نوف إبراهيم النمله
تعتمد المؤسسات التربوية على إنتاج المعرفة وبنائها وتطويرها، فهي تعد من أهم المؤسسات الحاضنة للمعرفة التي تمثل مصنعا ومستودعا لها، لذا يتوجب على المؤسسات التربوية تكوين ثقافة داعمة للمعرفة، من خلال قيم وآراء واتجاهات وتوقعات داعمة، ومن خلال نقل وتشارك المعرفة عبر تبادل الخبرات والمهارات بين العاملين، من أجل تنمية وتعظيم المعرفة لدى كل واحد منهم، واستخدام التقنية التكنولوجية المساندة لعمليات إدارة المعرفة وتطبيق المعارف والاستفادة منها في الوقت المناسب.

لم يعد خافيا أهمية إدارة المعرفة ودورها في الارتقاء بأداء المؤسسات التربوية، وتحقيق أهدافها، بل إن الالتزام بتطبيق مبادئ إدارة المعرفة غدا ضرورة من ضروريات بقائها، في وقت لم يعد فيه عدد الخريجين وحده مقياس الكفاءة ومعيار الأداء. فتعاظم دور المعرفة في تحقيق الميزة التنافسية، حيث تعد فرصة كبيرة لتخفيض التكلفة، ورفع موجودات المنظمة وتوليد الإيرادات.

ويتطلب الحفاظ على الميزة التنافسية واستدامتها أن يتوفر لدى المؤسسات التربوية وحدات تقويم ومراجعة للسياسات والاستراتيجيات القائمة، ومراجعة للقواعد المعرفية والتعرف على آراء المستفيدين من المؤسسة التربوية للعمل على حفاظ التميز، وإدامتها وتطوير القدرات العلمية، ودعم تميزها الدائم. كما تتطلب إدارة المعرفة لاستدامة الميزة التنافسية في المؤسسات التربوية

أن تعمل على:

01 الاهتمام بمفهوم اقتصاد المعرفة المرتكز على الموارد المعرفية أكثر من الموارد المادية، نتيجة إبداعات وابتكارات الموارد البشرية، وما يتبع ذلك من تغير في هيكل العملية، فأصبح نجاح الجامعات يتوقف على توفر الخبراء ذوي المعرفة المتخصصة، الذين يملكون المعرفة وهم نتاج الجامعة.

02 تخصيص فريق مهني متخصص لإدارة وتنظيم المعرفة.

03 السعي الدائم إلى كسب المعرفة التي تلبي الاحتياجات الاستراتيجية والتنافسية.

04 تبني استراتيجية التدريب المستمر للعاملين ورصد المخصصات المناسبة.

05 استحداث إدارة المعرفة في الوحدات داخل المؤسسات لتشترك مع نظم المعلومات وتكنولوجيتها في تحقيق الميزة التنافسية لهم.

06 العمل الجماعي وتكوين فرق البحث وفرق التدريس، وإقامة المؤتمرات والندوات العلمية المهمة في تبادل وتشارك المعرفة، مما يسمح بتكوين رؤية مشتركة.

إن دور إدارة المعرفة يتم بموجبه إغناء العمل وتعزيز الإنتاجية، كما يجعل المستفيدين من المؤسسات التربوية (داخليا وخارجيا) مبتهجين في تعاملهم مع المؤسسة، فإن كنت ما زلت تتساءل عن إمكانية ودور إدارة المعرفة في الميزة التنافسية المستدامة، يمكننا الإيجاز بالقول إنها ستعزز من التنافسية من خلال: عملها على تحسين اتخاذ القرارات عبر تشارك المعرفة ونشرها، وبتطبيق متطلبات إدارة المعرفة من هياكل تنظيمية شبكية واتصالات مفتوحة، وتعمل على تحسين الإبداع والابتكار داخل المؤسسة، خاصة أن الإبداع هو الاستجابة الرئيسة للتميز والمنافسة الآخذة بالازدياد.

إدارة المعرفة تتبنى فكرة الإبداع عن طريق تشجيع مبدأ تدفق الأفكار بحرية، فهي تعد أداة لتحفيز المنظمات على تشجيع القدرات الإبداعية لمواردها البشرية لخلق معرفة جيدة، ويصل تأثيرها أيضا إلى العاملين بشكل إيجابي، فمن خلالها يصبح العاملون أكثر وعيا بمستجدات أعمالهم، وسيتطور العمل التعاوني والجماعي، إذ يصبح لديهم فهم أكبر لكيفية إتمام كل منهم معرفته بمعارف الآخرين، ويصبح العاملون أكثر قدرة على المعرفة فيما يتعلق بوظائفهم، لذا يصبح هؤلاء العاملون أكثر قدرة على طرح مبادرات لإجراء تحسينات أفضل، وتعلم إجراءات جديدة للمساعدة في تحسين العمل بطريقة أكثر خبرة وعقلانية.

إن التحول الجديد في بيئة الأعمال، يفرض على المؤسسات التربوية التميز بقدرات جديدة تتلخص في بعد النظر والتفوق في الأداء والإبداع والقدرة على التكيف، بدلا من الأسلوب التقليدي الذي كان يركز على الفعالية بشكل أساسي، وهذا يعني أهمية وجود خطة متكاملة لإدارة المعرفة لدى المؤسسة لتجعلها أكثر مرونة وتميزا.